دراسات غريبة

يمكنني القول إنني والسيد إيلون ماسك صاحب شركة تسلا نملك معا 290 مليارا، وأستطيع "إحصائيا" أن أقول إن متوسط الثروة بيني وبينه 145 مليارا، فما أجمل "المتوسطات" في هذه الحالة!
تذكرت قصة المتوسطات هذه وأنا أقرأ عن دراسة حديثة "كشفت" عن أن أسعار تملك المنازل في المملكة تعد الأقل عالميا خلال 2021، إذ قدرت إجمالي ما يدفعه السعوديون سنويا لكل 100 متر مربع بنحو 20355 دولارا، أي ما يعادل 76 ألف ريال، وأظهرت الدراسة التي أجرتها شركة بريطانية عن أسعار تملك المنازل في السعودية مقارنة بمتوسط الدخل السنوي الكامل مع حساب الأرباح أنه خلال أقل من خمسة أعوام يمكن للأسرة شراء منزلها "إذا ما تم استقطاع كامل الراتب دون إنفاقه على الالتزامات الأخرى".
الغريب أن الوسيلة التي نشرت الدراسة لم تسع إلى إضافة بيانات من واقع الحال، أو الإشارة إلى الواقع العقاري، أو كيف يمكن لإنسان أن يعيش خمسة أعوام دون أن ينفق من دخله شيئا.
لا يوجد في المدن الرئيسة في السعودية منزل تكلف المائة متر مربع منه 76 ألف ريال، أي أن 300 متر مربع منه تكلف 228 ألف ريال، وإن وجد فهو ليس ضمن هذه المدن التي يقطنها أغلبية السكان.
لست أناقش قضية الإسكان التي تسير المستهدفات فيها أسرع من غيرها ضمن الرؤية السعودية، ولن أناقش غلاء العقار المبالغ فيه، فما يهمني هو كيف تجمع الجهات التي تنفذ هذه الدراسات بياناتها؟ وكيف تتلقى بعض وسائل الإعلام هذه الدراسات وتنشرها دون تمحيص؟
أحيانا من يبالغ لا يكون مفيدا لك بقدر ذلك الذي يقترب من الواقعية، الواقعية التي على أساسها حددنا أهدافنا بعد أن حصرنا مشكلاتنا واحتياجاتنا لننطلق في رؤيتنا، وهو قد يكون اعتمد على بيانات معينة، لكن المهم هو كيف يتلقى القارئ السعودي في هذه الحالة العناوين والتفاصيل؟ حتما، إنه لن يصدقها أو يعدها "دراسات مجاملة" حتى لو لم تكن كذلك.
الحكومة السعودية تعمل منذ عدة أعوام على إيجاد التوازن في سوق العقارات وزيادة المعروض العقاري وتسهيل الإجراءات عبر منصات رقمية متقدمة، وهي عبر الجهات المختصة الأجدر بإحصاء ونشر الأرقام الواقعية التي تساعد الفرد على التخطيط والوصول إلى الهدف دونما صيغة تخيلية تتصور أنه لن ينفق شيئا من دخله لعدة أشهر فضلا عن عدة أعوام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي