التعافي مستمر ودعائمه لا تزال قوية «3 من 3»

وإذ نظرنا إلى المستقبل، من الضروري للغاية ألا تقتصر جهودنا على معايرة السياسات لتتناسب مع وقتنا الراهن، وأن تمتد إلى التفكير في السبل التي يمكن أن تسمح لنا بتسريع التحول من أجل المستقبل، وبناء الإنسان القادر على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية، مثلما فعلت مصر من خلال "بنك المعرفة" الذي يعد من أكبر المكتبات الرقمية على مستوى العالم.
أو كيف يمكن أن نجعل اقتصاداتنا أكثر استدامة، خاصة في مواجهة الصدمات المناخية؟ وهو بالضبط ما التزمت به البحرين والإمارات والسعودية -البحرين والإمارات من خلال التزامهما بخفض انبعاثات الكربون إلى صفر صاف، والمملكة العربية السعودية من خلال إطلاق مبادراتها الخضراء الطموحة. وقد سررت للغاية بدعوتي لحضور فعالية إطلاق تلك المبادرات.
وحين ننظر إلى ما نطمح إليه، نجد أن تحقيقه لن يتأتى إلا إذا أتاحت الأموال العامة الفرصة لدخول استثمارات ضخمة من القطاع الخاص. وقد رأينا في جلاسكو دولا تعهدت بأهداف مهمة، منها ما يتعلق بالتمويل، لدعم التحول إلى اقتصاد مناخي جديد يجمع بين انخفاض مستويات الكربون والصلابة في مواجهة الصدمات، وهما أمران يكتسبان أهمية كبيرة بالنسبة لكثير من الدول العربية.
واسمحوا لي أن أنهي حديثي عن أكثر ما يهم الناس، وهو ما يتلخص في الأسئلة التالية: ما معنى كل هذا بالنسبة لي؟ وكيف يمكننا إقامة مجتمع أكثر احتواء للجميع؟ وكيف يمكن دعم الضعفاء على نحو يقود إلى دخولهم سوق العمل، بدلا من بقائهم على قوائم المستفيدين من دعم البرامج الحكومية؟
ولقد تحقق كثير من الحلول المبتكرة في المجالين الاقتصادي والمالي. والطبقة المتوسطة، خصوصا، تكون في أفضل حالاتها حينما يكون الاقتصاد في حالة نمو وتكون ثمار النمو موزعة توزيعا عادلا بين مختلف شرائح المجتمع. ويمكن الحفاظ على الطبقة المتوسطة عندما تبنى اليوم المهارات اللازمة للغد، وعندما يكون بمقدورنا رسم صورة لمستقبل الاقتصاد العالمي والتأكد أن الشباب والأكثر تقدما في السن يمكنهم المساهمة في المجتمع. وأختم هنا ببضع كلمات عن دور صندوق النقد الدولي في كل هذه الأمور.
بادئ ذي بدء، قمنا بتعزيز عملنا التحليلي حتى نتمكن من تحليل الأزمة في كل مرحلة وتقديم أفضل مشورة ممكنة لكم. ونعمل الآن على معايرة هذه المشورة كي تلائم ظروف كل بلد على حدة. وهذا بالضبط ما تحققه سلسلة مذكراتنا المعنية بكوفيد - 19 التي تتضمن إرشادات حول حوكمة المالية العامة والرقمنة وإدارة الاستثمار العام. أما عملنا الرقابي فهو معني بإصلاحات الحوكمة الاقتصادية لدعم النمو الاحتوائي.
وفي مجال تنمية القدرات، يمكنكم التعويل على مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط ومقره الكويت ومركز المساعدة الفنية الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط ومقره بيروت.
وبالنسبة للإقراض، فإننا، كما تعلمون، قدمنا مساعدات بقيمة 16,6 مليار دولار لتسع دول عربية، كما قدمنا تخفيفا لأعباء ديون ثلاث دول أخرى. ومن المهم أيضا أن العالم العربي حصل على ما يعادل 37,1 مليار دولار من المخصصات التاريخية لحقوق السحب الخاصة التي قمنا بتوزيعها على الدول الأعضاء بقيمة كلية قدرها 650 مليار دولار. ونحن نعمل حاليا على توسيع نطاق التأثير الذي تحققه هذه المخصصات عن طريق تحويل بعضها من الدول القوية إلى الدول الأشد احتياجا إليها.
وأنا أشعر بالفخر لكوننا نعمل معكم. وأود الإشادة بجهود الزملاء في تحقيق التضافر بين عمل صندوقي النقد الدولي والنقد العربي بشأن عديد من الموضوعات الماثلة أمامنا. وأود توجيه التقدير لكل على من دفعنا لعمل مزيد، خاصة بشأن قضايا المستقبل، مثل النقود الرقمية، والنمو المستدام والاحتوائي، والموضوع بالغ الأهمية الذي يتمثل في تعبئة سوق العمل وتوفير الوظائف للشباب. إننا في هذا القارب معا، ولا يمكننا النجاح إلا معا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي