تغير واختبار

خريطة كثير من القطاعات في المملكة تتغير، ويبدو جليا أن الحكومة ممثلة في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، عازمة على إضافة مجموعة قطاعات كل فترة لسعودتها بالكامل، أو البدء في سعودتها جزئيا.
الجدوى لا تخفى على عاقل، فكثير من أصحاب المؤهلات المتوسطة يبحثون عن هذه الفرص، وكثير من الأموال ستبقى في الداخل لتصبح ضمن الدورة الاقتصادية الطبيعية، وكثير من الفرص ستلوح، والأهم أن هذا اختبار حقيقي وميداني لقدرة الشباب من الجنسين على إثبات وجودهم، ودحض الصورة النمطية التي كرسها بعضهم حينا، وكرسها الإعلام حينا آخر، أو كرسها منافسوهم الذين جعلوا بعض هذه الأعمال على بساطتها تبدو كأنها فتح عظيم.
أيضا هذه الخطوات هي اختبار لوزارة الموارد البشرية، وقدرتها على التطبيق والتنفيذ المحكم، وهي القدرة التي نشهد طورا لافتا فيها لكون القضية، أي قضية التوطين، أصبحت استراتيجية لها أهداف تتسق مع أهداف "الرؤية" في ملفات كثيرة، أهمها: ملف البطالة.
هذه الخطوات مع خطوات مكافحة التستر الجادة والفاعلة تقلص يوما بعد يوم أعداد المتسترين على الأجانب، كما تقلص الأضرار التي تلحق بالاقتصاد والبلاد، وربما يتبادر إلى الذهن أن هناك مواطنين من أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة يتضررون بسبب ارتفاع التكلفة عليهم نسبيا، لكنني أعتقد أنهم على المديين المتوسط والطويل سيكسبون، لأن جزءا كبيرا من المنافسة غير العادلة سيقضى عليه.
من يعتقد أنه تضرر عليه أن ينظر إلى المصلحة العامة أولا، ثم يستشرف هو بنفسه كصاحب أعمال أساليب تطور ومنافسة جديدة، فلا يخفى على أحد أن كثيرا من الأعمال التجارية التقليدية هي استنساخ من بعضها بعضا، وحان الوقت لتغيير هذا النمط، ولعل دخول الشباب والشابات إلى هذه السوق فعليا يبشر بتغييرات قادمة تحمل روحهم وبصماتهم.
لا بد أن تظهر أنشطة مبتكرة جديدة لشباب وشابات سعوديين تتسع أمامهم ساحات العمل شيئا فشيئا بعد أن كانت ضيقة، ولا بد أن يمضي من نجح في قطاع معين على هذا الطريق، طريق السعودة، ويمكن للبعض ممن كانوا يشركون الأجانب لديهم بنسب معينة من الأرباح أو الملكية كحوافز، أن يجربوا ذلك مع الشباب الجادين، والجادين فقط، لأننا أيضا لا ننكر أن بين ظهرانينا من أبنائنا من لا يزالون يعيشون فكر الطفرة والرعوية والرغبة في الوظائف السهلة والمريحة، وهؤلاء سيلفظهم السوق حتما.
وعلى طريقة التعليم "المختلف على مدى إرهاقها" سيكون المستقبل بمنزلة " قياس" لمدى "تحصيل" القوى العاملة من هذه الفرص وهذه الاختبارات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي