Author

التمويل الإسلامي ومواجهة الأزمات

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
في قمة مجلس الخدمات المالية الإسلامية الـ 15 الذي عقد في جدة في الفترة بين 9 و11 نوفمبر 2021، وتناول مجموعة من المستجدات الخاصة بالتمويل الإسلامي، خصوصا بعد مرور أزمة كان لها أثر كبير في الأسواق والاستثمارات العالمية، إذ إن التمويل الإسلامي استطاع تجاوز هذه الأزمة ليؤكد عنصر الاستدامة في هذا القطاع قدرته على كسب ثقة المستثمرين خلال فترة الأزمات، كما أنه كان داعما بصورة كبيرة لكثير من دول العالم لتجاوز هذه الأزمة، حيث طرحت مجموعة من دول العالم والشركات الكبيرة الصكوك الإسلامية التي كانت مصدرا للتمويل وبها وفرة عالية في السيولة، ما كان له أثر إيجابي في الطرفين، حيث عزز ذلك من مركز التمويل الإسلامي، كحاجة إلى الاقتصاد العالمي، ووفر فرصا متنوعة للاستثمار والتمويل، وفي المقابل، فإن الدول المستفيدة من الصكوك الإسلامية توافرت لديها سيولة تستطيع بها تجاوز الأزمة التي عصفت باقتصاد العالم، حيث وفرت الصكوك الإسلامية سيولة عالية خلال الأزمة. التمويل الإسلامي خلال أكثر من خمسة عقود حقق نموا سنويا بأكثر من 10 في المائة، كما صرح بذلك محافظ البنك المركزي السعودي، وهذا يدل على قوة ومتانة القطاع وقدرته على أن يحقق هذا النمو خلال أكثر من خمسة عقود حتى أصبح يتمتع بأصول تقارب 2.7 تريليون دولار، وهي تمثل نحو أكثر من 2 في المائة من حجم القطاع المالي العالمي بعد أن كان حجمه لا يكاد يذكر. وما زالت الفرص كبيرة تجاه التمويل الإسلامي، إذ إن فرص التوسع لديه متنوعة من خلال المجالات الجديدة التي يستعد لدخولها بعد وجود دراسات وافية عن أحكام التعامل فيها، مثل: قطاع العملات المشفرة التي لم يصل الباحثون فيها إلى رأي يجيز التعامل بها، إلا أن هناك قناعة بأن العالم سيتحول إلى هذا النوع من المعاملات التي أصبحت تنتشر بصورة كبيرة، وتعتمد على آلية أكثر سرعة وفيها أمان نسبي في تشفير هذه العملات بشكل جيد يصعب اختراقه، كما أنها تسهل بشكل كبير المبادلات، خصوصا العابرة للحدود باعتبارها لا تحتاج إلا إلى لحظات لإتمام العمليات، كما أنها تخفف من تكلفة المبادلات في العملات وقيود بعض البنوك المركزية التي قد تؤخر المقاصة.
خلال القمة تم إطلاق تقرير المالية الإسلامية في المملكة الذي عرض حجم التمويل الإسلامي فيها، وتوزع بين ستة قطاعات، كانت حصة الأسد للقطاع المصرفي، الذي بلغ حجمه أكثر من 544 مليار دولار، فيما كان حجم إصدارات الصكوك الإسلامية في المملكة أكثر من 157 مليار دولار، كما تضم القائمة التمويل من غير المصارف والوقف والصناديق الاستثمارية وقطاع التأمين التعاوني. وبلغ حجم التمويل الإسلامي في المملكة إجمالا 842 مليار دولار، وذلك يمثل نحو 30 في المائة هي حصة المملكة من حجم التمويل الإسلامي، لتكون دون منازع الدولة الأولى عالميا في المجال ويجعلها مركزا ومرجعا في قطاع التمويل الإسلامي.
لا شك أن رؤية المملكة 2030 كانت من أكثر الداعمين للتمويل الإسلامي في المملكة باعتبار أنه بعد هذه الرؤية حصل انتعاش كبير في القطاع المالي من خلال التشريعات أو من خلال تهيئة البنية التحتية وتشجيع الفرص وطرح مجموعة من الخيارات التي كان من أبرزها إصدارات الصكوك الإسلامية، ما جعل المملكة حاضنة لكل ما يستجد في هذا القطاع المهم والحيوي، الذي يحظى بكثير من الفرص. وما زالت الفرص كبيرة جدا لحصول نمو في هذا القطاع بشكل كبير مع تنامي الطلب على قطاع التمويل في المملكة ووجود مجموعة من الخيارات المستجدة في قطاع التقنية المالية، كما أن الجهود الكبيرة التي يبذلها البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية ودعم حكومي كبير من خلال وزارة المالية، يتمخض عن هذه النتائج المميزة وفرص مستقبلية كبيرة تجعل المملكة هي الخيار الأول للمستثمرين في التمويل الإسلامي.
الخلاصة: إن التمويل الإسلامي اليوم ينمو بشكل جيد، وأصبح أكثر كفاءة في مواجهة الأزمات، كما أنه كان داعما في تجاوز الأزمة الماضية، من خلال أدوات التمويل، خصوصا الصكوك الإسلامية. والمملكة اليوم حققت تميزا في مجال التمويل الإسلامي، حيث بلغ حجم أصولها أكثر من 842 مليار دولار، تمثل ما يقارب 30 في المائة من حجم أصول التمويل الإسلامي.
إنشرها