السعودية لا تكل ..فما أنتم فاعلون؟

يحق لي كمواطن سعودي أن أفخر وأفاخر بوطني لإنجازاته ونجاحاته ومواقفه المشرفة في جميع الأصعدة. لن يكفي مقال واحد ولا عشرات المقالات لحصر هذه الإنجازات والمواقف أو جزء يسير منها، لكن لعلي أوفق في تسليط الضوء على غيض من فيض رصيدها الهائل وسجلها المشرف في ملف الطاقة وما يتعلق به. بداية من الضروري معرفة أن السعودية تعمل دائما بمسؤولية والتزام لتوازن أسواق النفط وأسعارها لخدمة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهذا ليس كلاما مرسلا وليس سرا، بل هو جوهر سياستها الإنتاجية المعلنة.
المنصفون يعون ذلك يقينا، لكن هناك من يسعى دائما إلى تغييب هذه الحقيقة أو التغافل عنها أو تهميشها، لكن كما قيل، "الشمس لا تحجب بغربال". التاريخ يشهد بذلك، فقد مرت أسواق النفط بأزمات كثيرة سواء بشح في المعروض أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى أرقام كبيرة لا تخدم المستهلكين، أو بسبب وفرته التي أدت إلى انخفاض الأسعار إلى مستويات لا تخدم المنتجين.
كان للسعودية دور قيادي وتاريخي لا يمكن تجاهله أو تجاوزه. يكفي الإشارة هنا إلى ما قامت به السعودية في خضم جائحة كورونا التي نحرت الاقتصاد العالمي من الوريد إلى الوريد ولم تكن أسواق النفط في منأى عنها، حيث وصلت أسعار النفط إلى مستويات دنيا تاريخية دون الصفر للخام الأمريكي، عملت السعودية بحكمة والتزام ووحدت الجهود من داخل "أوبك" وخارجها لتقنين الإنتاج، ما أدى إلى توازن الأسواق تدريجيا، وثمرة هذا الجهد المبارك ما نشاهده حاليا، حيث تجاوزت أسعار النفط حاجز الـ 85 دولارا للبرميل.
لم ولن تغفل السعودية عن دورها القيادي أيضا في الحفاظ على البيئة ورفع كفاءة إنتاج واستهلاكها منتجات الطاقة المختلفة، فقد أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبيل أيام في منتدى مبادرة السعودية الخضراء المبادرات السعودية التي ستصب في حماية البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي. كما أعلن ولي العهد انضمام السعودية إلى التعهد العالمي فيما يخص غاز الميثان الذي يهدف إلى خفض انبعاثاته عالميا بنسبة 30 في المائة.
فيما يخص قطاع الطاقة، أشار ولي العهد إلى مبادرات ستسهم بفاعلية في خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، وأعلنت أرامكو السعودية الوصول إلى الحياد الصفري في الانبعاثات من أعمالها التشغيلية بحلول عام 2050، وإلى صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2060. هذا فيض من غيض لدور السعودية القيادي والريادي في مجال الطاقة والحفاظ على البيئة، فهي تتعامل مع هذا الملف المهم والاستراتيجية بحصافة ومسؤولية وتوازن. تعي أهمية الطاقة المتجددة لكن دون التقليل من أهمية الوقود الأحفوري وعلى رأسه النفط، حيث صرح المهندس أمين الناصر رئيس أرامكو بأن أرامكو ستعمل على رفع طاقتها الإنتاجية القصوى إلى 13 مليون برميل يوميا.
تدرك السعودية تماما حماية البيئة، لكن ليس على حساب أزمات عالمية في الطاقة قد تعود بالعالم إلى العصور الوسطى. أمن الطاقة العالمي وحماية كوكب الأرض ملفان مهمان للجميع دون استثناء، لكن أتمنى أن يتعامل العالم معهما بخطوات عملية ويحتذوا بالسعودية، لأن التصريحات الرنانة لن ترفع كفاءة إنتاج واستهلاك الطاقة، ولن تنقي الجو من الكربون.

المزيد من مقالات الرأي