تحول الطاقة .. طريق لا يحفه الورد «1»

مزيج الطاقة ضرورة ملحة للحفاظ على المصادر الناضبة منها، وللحفاظ على أمن الطاقة العالمي والمستقبل المحفوف بمخاطر شح الطاقة وانعكاساته غير المحمودة بل والكارثية لا قدر الله. ذكرت سابقا أن العلاقة بين مصادر الطاقة علاقة تكاملية إن نظرنا لها بصورة شمولية وبعين منصفة تنظر للمستقبل بمسؤولية وبالتزام. في المقابل، هذا لا يلغي أن هناك تنافسا طبيعيا بين منتجيها، وأعني هنا جميع مصادر الطاقة دون استثناء، بعيدا عن الإعلام الموجه والأجندات غير الموضوعية التي ستصطدم بالواقع. هناك توجه عالمي معلن بل ويتم تأكيده من كثير من الدول بين الفينة والأخرى للوصول إلى صافي صفر انبعاثات في مدد زمنية مختلفة، فمنهم من صرح بالوصول إلى هذا الهدف في 2050، ومنهم قبل ذلك أو بعده.
لعله من الواضح أن هناك تحركا ملموسا ومتسارعا نحو التحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، الذي يتزامن مع محاولات حثيثة لتقويض صناعة المنبع والاستثمار في الطاقة الهيدروكربونية، لكن هل هذا الطريق محفوف بالورد؟ وهل تحقيق هذه الأهداف ممكن؟ قبل الإجابة عن هذين السؤالين، لعل تسليط الضوء على الأحداث العالمية المرتبطة بالطاقة والطلب عليها خير تمهيد للإجابة عنهما. أوروبا حاليا تعاني ضعفا في إمدادات الغاز لتدفئة المنازل وتشغيل بعض المصانع والمنشآت الأخرى بسبب دخول فصل الشتاء وزيادة الطلب عليه وارتفاع أسعاره.
أوروبا من الجهات التي كانت تنادي بتقنين استخدام الطاقة الأحفورية بل والتوقف عن استخدامها في أقرب فرصة. بسبب الوضع الحالي الذي تمر به أوروبا، وكالة الطاقة الدولية تطالب روسيا أن تسهم في حل هذه الأزمة بضخ مزيد من الغاز لأوروبا. الجدير بالذكر أن وكالة الطاقة الدولية التي تطلب من روسيا ضخ مزيد من الغاز إلى أوروبا هي من طالبت قبل أسابيع قليلة بوقف أي استثمارات جديدة في استكشاف حقول النفط والغاز! في الجزء الآخر من العالم، لنعد قليلا إلى الوراء عندما وصل الرئيس الأمريكي بايدن إلى سدة الحكم، الذي عاد إلى اتفاقية باريس للمناخ التي خرج منها سابقه الرئيس ترمب الذي تصدر وسائل الإعلام العالمية بجميع أنواعها مطالبا بخفض الانبعاثات وإحلال الطاقة المتجددة بدلا عن الطاقة الأحفورية.
الرئيس بايدن اصطدم بالواقع عندما ارتفعت أسعار النفط، ما أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع بصورة مباشرة على أسعار البنزين، فطالب "أوبك" في أكثر من مناسبة بزيادة الإنتاج للحد من ارتفاع أسعار النفط! كما قيل: الشيء بالشيء يذكر، فمعادلة الطاقة العالمية معادلة معقدة جدا ليست بالسهولة التي يظنها البعض، فلعلنا نذكر في خضم جائحة كورونا عندما هوت أسعار النفط إلى أرقام تاريخية لم تسجل من قبل، حيث وصل سعر الخام الأمريكي إلى دون الصفر.
لو كانت المعادلة النفطية سهلة لاستبشرت أمريكا بهذه الأسعار التي ستخفض أسعار البنزين الذي يهم الشارع الأمريكي جدا إلى أرقام قياسية، لكن الحقيقة أن هناك عددا كبيرا جدا من الشركات النفطية الأمريكية محليا وعالميا، وهناك عدد كبير من شركات النفط الصخري الذي بزغ نجمه في أمريكا في العقد الأخير، جميعهم سيتأثرون سلبا، بل سيخرجون من الأسواق ما يعني خسارة للناتج المحلي الأمريكي وفقدانا للوظائف... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي