الطاقة- الغاز

ضجة في أسواق الغاز .. أوروبا والمملكة المتحدة تدفعان ثمن "التخضير" المتسرع للطاقة

ضجة في أسواق الغاز .. أوروبا والمملكة المتحدة تدفعان ثمن "التخضير" المتسرع للطاقة

أكد تقرير دولي، أن هناك ضجة كبيرة في سوق الغاز لم يشهد مثلها منذ عدة أعوام، حيث إنه في غضون عام واحد انتقل سوق الغاز من توقع وفرة الإمدادات الرخيصة إلى القلق من احتمال حدوث نقص حاد في حال قدوم شتاء بارد هذا العام.
وذكر تقرير "أويل برايس"، أن هذا الواقع الجديد كان متوقعا إلى حد ما نظرا لوجود عديد من العوامل الرئيسة بما في ذلك نقص أنشطة الحفر وقلة الاستثمارات في مصادر التوريد الجديدة وتكثيف جهود ضبط رأس المال من جانب المنتجين إلى جانب التحول نحو تخصيص رأس المال لمشاريع موارد الطاقة المتجددة.
وقال التقرير "أسعار النفط والغاز تسجل حاليا أعلى مستوى من أي توقعات سابقة، لكن نشهد استمرار الغاز في التفوق على النفط في أسعاره التي تضاعفت ثلاث مرات على أساس سنوي".
ولفت التقرير إلى دخول بعض العوامل الإضافية في المعادلة التي أسهمت في تعزيز حالة الندرة الجديدة وتفاقم الوضع في السوق ككل، مبينا أن أوروبا والمملكة المتحدة تدفعان بالفعل ثمن "تخضير" متسرع للطاقة.
وذكر التقرير أن "تخضير" إمدادات الطاقة حول العالم ولا سيما في أوروبا دعم كثيرا من الزخم البيئي العالمي الحالي الذي بلغ ذروته في التركيز على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بحسبانه غازا ضارا، ما أدى إلى تحول الدول الأوروبية إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء سعيا وراء تحقيق أهداف باريس والوصول إلى مستوى الصفر في انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.
ولفت التقرير إلى معلومات تؤكد توقف إنتاج الرياح خلال أشهر الصيف ما أوجد طلبا إضافيا على إمدادات الغاز الضئيلة بالفعل.
وأشار إلى الحالة غير المستقرة التي تواجهها أسواق الطاقة في أوروبا مع اقتراب الشتاء الأوروبي الطويل، معتبرا أن صدمة أسعار الكهرباء كانت أكثر حدة في المملكة المتحدة التي اتجهت إلى مزارع الرياح للقضاء على صافي انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.
وأوضح التقرير، أن الأوروبيين قاموا بتحجيم إنتاج الغاز من خلال فرض ضرائب على الكربون لأعوام ما أرهق المنتجين وأسهم في تقليص الإمدادات بشكل واسع.
وذكر التقرير أن الكميات المنخفضة من مصدر رئيس لإمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا مع الإغلاق المبكر لعملاق الغاز الهولندي "جرونينجن" أسهمت في وصول الاتحاد الأوروبي إلى الأزمة الحالية من ارتفاع الأسعار وتفوق الطلب على العرض بشكل كبير.
وأشار التقرير إلى أن تقليص الإمدادات من "جرونينجن" بدأ في عام 2014، ثم تم تخفيضها أكثر وبشكل حاد في عام 2019.
في سياق متصل، سلط تقرير لشركة ريستاد إنرجي الضوء على اختناقات سوق الغاز الأوروبي بسبب تقليصات الإنتاج من شركة "جرونينجن"، مبينا أن الانخفاض الحاد في إنتاج الشركة سيعيد تشكيل مشهد الطاقة الأوروبي.
وأشار التقرير إلى أن الحقل حقق انتعاشا في الإنتاج في بداية هذا القرن ووصل إلى 57 مليار متر مكعب في عام 2013 واستمر لعقود من الزمان حتى أصبح بمنزلة الترس المركزي في نظام الغاز في شمال غرب أوروبا.
وذكر التقرير أن التخلص التدريجي من هذا الحقل العملاق سيجبر أوروبا على توسيع وارداتها من الغاز بوتيرة أسرع، مشيرا إلى أنه يمكن بالفعل متابعة هذا التحول الجذري الذي يحدث في هولندا حيث تسببت السياسات الجديدة في مجال الطاقة في هذا البلد المحوري في التحول من كونها مصدرا صافيا للغاز إلى مستورد صاف.
وأوضح أن تقلصات أنشطة الحفر وانكماش الإمدادات الجديدة أدىا إلى تغير خريطة الغاز الأوروبية ومن ثم الدولية، لافتا إلى التحول في مخصصات رأس المال من قبل المنتجين نتيجة لذلك وهو ما قاد أوروبا إلى الوضع الراهن وهو المعاناة من أجل الحفاظ على توفير الكهرباء والتدفئة للمستهلكين.
وذكر التقرير أن الغاز لا يزال يحتل مكانة بارزة في مزيج الطاقة الأمريكي، حيث كانت شحنات الغاز الطبيعي المسال من شواطئ الولايات المتحدة إلى أوروبا تعمل بأعلى مستوياتها على الإطلاق أخيرا.
ونبه التقرير إلى أنه بدءا من عام 2020 بدأت آسيا في المزايدة على المشترين الأوروبيين للإمدادات الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال.
وعد التقرير أن الروس قادمون للإنقاذ وذلك على الأقل في المرحلة الراهنة حيث يعتمد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي للإبقاء على تلبية احتياجات الكهرباء مستقرة بدرجة كبيرة.
وأوضح أن آسيا لا تزال مركزا للطلب على الغاز الطبيعي المسال خاصة من جانب الصين التى بعدت كثيرا عن الفحم، لافتا إلى قلق السوق من أن المخزونات منخفضة قبل الشتاء على الصعيد العالمي.
ولفت التقرير إلى أن السوق تتطلع إلى الموقف النهائي لألمانيا من خط الأنابيب الروسي "نورد ستريم 2" خاصة في ضوء انخفاض المخزونات وهو ما يقلق الجميع وتحديدا في ضوء التهام آسيا للإمدادات الأمريكية ما يضيف مزيدا من الأعباء على بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وحذر التقرير من تداعيات ارتفاع الغاز على الزراعة والمواد الغذائية، مضيفا "في الأسبوع الماضي أغلق مصنعان للأسمدة في بريطانيا أبوابهما بسبب ارتفاع أسعار الغاز، كما تلقت أسعار الأسمدة ضربة قوية، كما يمكن أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بشدة، فضلا عن التوقعات الباردة لفصل الشتاء في أوروبا ما يعني وضعا مقلقا في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا للأشهر الستة إلى التسعة المقبلة".
وأبرز تقرير مخزونات الغاز الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA بعض التحسن المتواضع، لكنه يكشف أن السوق ما زالت أقل 8 في المائة تقريبا عن متوسط الأعوام الخمسة مع اقتراب من موسم الاستهلاك الشتوي الواسع.
وذكر التقرير أن أزمة الطاقة في أوروبا تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في جميع أنحاء العالم حيث يعتمد الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد على الإمدادات من الولايات المتحدة وروسيا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- الغاز