أخبار

في يوم الوطن .. لغة الإنجاز يفهمها الآخر ويفخر بها المواطن

في يوم الوطن .. لغة الإنجاز يفهمها الآخر ويفخر بها المواطن

تعد لغة الإنجاز أفضل أسلوب تسوق به الدول نفسها، على الصعيدين الداخلي والخارجي، فبدل الاستغراق في الإنشاء والبلاغة للحديث عن صنائع البلد، تتولى المنجزات على أرض الواقع هذا الأمر. خاصة عندما تتعلق هذه الأخيرة بالأغيار خارج البلد، حيث يتحول هؤلاء إلى شهود عيان على أفضال هذا البلد أو ذاك عليهم.
يبقى هذا درسا إنسانيا، ينبغي استحضاره في كل ذكرى مجيدة ومناسبة وطنية، لتذكير المواطنين، شبابا وكهولا، ببصمة بلدهم في حياة شعوب وأمم أخرى. عكس معركة البناء الداخلي التي تناقلها الألسن جيلا بعد جيل، يظل حصاد الجبهة الخارجية مجهولا لدى أغلبية الناشئة، لذا وجبت استحضاره في مثل هذه المحطات، حتى تدرك الأجيال الصاعدة كم التضحيات المبذولة من أجل بناء صرح الدولة/ الأمة.
صنعت المملكة العربية السعودية موقعا رياديا على الصعيد العالمي، بوقائع وأحداث ستبقى خالدة، في الذاكرة العربية والإسلامية والعالمية. فمنذ نشأتها، اختارت المملكة الدفاع عن العدل والسلم بالعالم، ونصرة القيم الإنسانية النبيلة في مختلف بقاع الأرض. وترافعت عن قضايا الإسلام والمسلمين، لما تمثله من مركزية دينية وروحية، يتعلق بها أكثر من مليار ونصف مسلم في الأركان الأربعة للعالم.
أعلنت المملكة، عام 1970، عن تأسيس منظمة التعاون الإسلامي، في مدينة جدة. واستطاعت أن تضم في عضويتها 57 دولة. تقدم الهيئة نفسها، بالصوت الجماعي للعالم الإسلامي. وتحقق الدفاع عن المسلمين عمليا، بعد ثلاثة أعوام فقط، بقرار السعودية عام 1973، قيادة عملية قطع النفط عن الدول الغربية المساندة لإسرائيل، في حرب تشرين الأول (أكتوبر)، ضد كل من مصر وسورية. ما ضاعف أسعار النفط، في السوق الدولية، أربع مرات.
تمكنت السعودية من وأد احتراب، استمر 15 عاما، في الداخل اللبناني، برعايتها أواخر عام 1989، وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، التي أجلست الأطراف المتنازعة، في بلاد الأرز، على طاولة التفاوض عدة أسابيع، توجت بتوقيع "اتفاق الطائف" الذي أعاد توجيه لبنان نحو العالم العربي، بعدما أصلح ذات البين، بين اللبنانيين أولا، وبين لبنان وسورية ثانيا.
ووقفت الرياض، عام 1990، بجانب الكويت ضد العراق، في أعقاب غزوه لها، وسمحت للكويتيين بالبقاء على الأراضي السعودية. وطالبت المنتظم الدولي بالتدخل نصرة للمظلوم، وإحقاقا للحق فيما بين الإخوة. ظلت بوصلة العدل ضابطا موجها لتحركات المملكة، ما أدى إلى انقلاب الآية في نيسان (أبريل) عام 2002، حين رفضت المملكة، على لسان وزير الخارجية، استخدام الولايات المتحدة لمنشآتها قصد مهاجمة العراق، وإن كان الأمر في إطار الشرعية الدولية، أي بموافقة وتفريض من الأمم المتحدة.
دخلت المملكة أتون حرب اليمن، في مارس (آذار) 2015، وهي مدركة لقساوة قرار الحرب. لكنها مضطرة لاتخاذ مثل هذا القرار، لتطهير بلد عربي مجاور من طفيلي المرشد. ووقف تصدير المشروع الإيراني الطامح لتدمير المنطقة العربية برمتها، وبث الفوضى والخراب في عدة أقطار عربية، حتى يتمكن، بعد ذلك، من ترديد سردية فعالية مشروع تصدير الثورة. ونجحت المملكة في تشكيل وقيادة ائتلاف دولي، لإدارة خطط وعمليات المواجهة.
دفاعا عن أحواز العالم الإسلامي من مخاطر التطرف العابر للحدود، بادرت المملكة، أواخر عام 2015، إلى تأسيس حلف عسكري، على غرار الناتو وحلف وارسو التاريخيين، باسم "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب". تشارك في الحلف 41 دولة، ويمتلك غرفة علميات مشتركة، في العاصمة الرياض، تنسق من خلالها الجهود لمجابهة التوجهات الإرهابية، على الأصعدة كافة، الفكرية والإعلامية والمالية والعسكرية.
موازاة مع البناء والتجديد الداخلي، تعزز المملكة حضورها على الساحة الدولية، بمبادرات وإنجازها تمنحها، عن جدارة واستحقاق، أهلية قيادة العالم العربي والإسلامي. بالنظر لما اجتمع فيها من خصائص ومؤهلات، قلما تكون في دولة غيرها، فهي أكبر منتج بترولي، واقتصاد ناشئ ضمن العشرين، وصاحبة أكبر سوق في الشرق الأوسط. ما سبق تضافر للمساهمة في فرض المملكة نفسها عالميا، لا خليجيا أو إقليميا، رغم تكرار المساعي نحو تنحيتها من القيادة، بتوليد مؤسسات أو رعاية مبادرات أو دعم برامج ... توهم أصحابها بقدرتهم على الريادة والقيادة.
منجز تلو الآخر ضمن خطة محكمة، ترعاها قيادة حكيمة، تضع الدولة السعودية بصمتها في سجل شفاف أمام الأجانب، على أهل الدار أن يعتزوا بكونه يحمل لمسة آبائهم وأجدادهم، وعليه قبل ذلك أن يشمروا على سواعدهم، لرفع التحدي واستنهاض الهمم، لمواجهة الرهان بمواصلة المشوار، فالجبهة الخارجية قوة ناعمة، بوقع إيجابي، لا يقل مفعولها عن متغيرات الداخل. لأجل ذلك على جيل المستقبل أن يستوعب المنجز أولا، بتذكرهم في مثل هذه المناسبات الوطنية، حتى يتسنى لهم التفكير في طرق مبدعة تكون أساسا لمساهمتهم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار