Author

المزاد الرقمي

|
يرتفع صوت "المحرج" ويتبادل المراقبون الهمسات والنظر إلى البضاعة، التي قد تكون سيارة أو منتجا زراعيا أو قطعة أثاث أو تحفة أثرية، وغيرها كثير. هذا النمط الذي لا يزال موجودا إلى اليوم يتلاشى تدريجيا وقد يختفي خلال فترة قصيرة جدا، ما يوحي به انتشار مواقع المزادات الإلكترونية التي تسيطر اليوم على تفكير ومتابعة كثير من الشباب، سواء كان هدفهم الاقتناء أو المتاجرة بما يفوزون به من بضائع في تلك المزادات.
الغريب أن الطبيعة البشرية تسيطر أكثر، عندما يكون المزاد في غرفة نوم الشخص أو مجلسه أو استراحته، ما يستدعي تفهم النمط الجديد وعدم الوقوع ضحية الرغبة اللحظية، التي تتحول إلى ندم عندما يقوم الواحد بعرض مقتنياته مغلفة وغير مستفاد منها.
هنا يقع كثير من الشباب في فخ "المحرج" الذي يمارس هوايته ويحصل على المال في المقابل وهو الكاسب الوحيد في هذه المنافسة، التي تزداد حدة كلما خاطبنا فئة الشباب والمراهقين والباحثين عن البضاعة ذات القيمة العالية والجودة، خصوصا العلامات التجارية المشهورة. ومع مراقبة من حولي وهم يتابعون هذا الأمر بكل شغف، وجدتني أحاول أن أغامر في إحدى المرات وأشتري ساعة بمبلغ كبير حتى منعني أبنائي من ذلك لأسباب هنا شرح بعضها.
فالبضاعة التي تعرض قد لا تكون أصلية، وهذا يستدعي أن تحظر المواقع التي تستخدم الغش أو يمارس أصحابها الخداع. هذا قليل من كثير في مجال الغش الذي يصاحب العملية، ثم إن هذه العمليات تتم بعيدا عن رقابة الشخص وحضوره، وقد يكون فيها تواطؤ بين أشخاص لرفع سعر بضاعة معينة وخداع المزايدين بأسعار قد لا تكون حقيقية. ثم إنني لاحظت أن أغلب المزايدين في مزادات بعض الدول القريبة والبعيدة هم من أبناء المملكة، وهذا جعلني أتساءل عن سبب عدم ممارسة المزادات من قبل السعوديين، خصوصا مع الحجم الهائل للبلاد وإمكانية توفير بضائع بسهولة لمن يفقدون فرصة الوجود في المدن الكبرى.
يحتاج هذا التوجه إلى وجود محدود من قبل الهيئات المنظمة والرقابية بحيث نضمن المصداقية والحماية والرقابة اللازمة على ما يتم تداوله في هذه المواقع، وقد يكون وضع علامة جودة أو قبول واحدا من وسائل حماية المستهلك الذي يشتري من خلال شاشة جهازه ولا يعلم بواقع الأمر في مكان المزاد. المهم ألا تكون الرقابة معيقة لبناء سوق جديدة واستفادة الاقتصاد من حفظ الأموال داخل المملكة.
إنشرها