ثقافة وفنون

«مدرسة الروابي» يناقش التنمر ويثير الجدل

«مدرسة الروابي» يناقش التنمر ويثير الجدل

مشهد من المسلسل.

«مدرسة الروابي» يناقش التنمر ويثير الجدل

جانب من العمل.

"التنمر" آفة غزت المراهقين، فزعزعت نفسياتهم وشغلت عقولهم، ولأن خطورتها تفوق التوقعات لاحظنا تدميرها حيوات بعض الأشخاص الذين تعرضوا للتنمر بأساليب متنوعة، وهذا يدل على الأزمة التي تثيرها هذه الآفة والتأثير الذي تحدثه في أطفالنا وشبابنا، ولقد كثر تداولها في الأفلام والمسلسلات الغربية والعربية لإلقاء الضوء على آثارها ومحاولة تفاديها، فولدت فكرة المسلسل الأردني "مدرسة الروابي للبنات" من رحم هذا الواقع، وبأصول عربية، لكن ولادتها كانت على يد منصة نتفليكس العالمية، وهنا تم التآلف ما بين العربي والغربي.
فريقان
"مدرسة الروابي للبنات" مسلسل يحكي قصة فتيات مراهقات في المرحلة الثانوية، فئة منهن يمارسن التنمر، وتتزعمهن ليان، تؤدي دورها نور طاهر، وثلة أخريات يقعن ضحايا هذا التنمر، وفي مقدمتهن مريم، تؤدي دورها أندريا طايع، ونظرا إلى نفوذ والد ليان، فإنها لا تتلقى عقابا يذكر جراء سلوكها، ولا يجرؤ أحد على المساس بها، ومع الاستمرار في تعنيف مريم وتدمير حياتها بلا هوادة، تقرر الأخيرة الثأر من ليان وعصابتها.
بدء الخيط .. مشكل
تبدأ أحداث الحلقة الأولى باتهام ليان ذات النظرات الحادة الممزوجة بالشر، مريم، التي بدت فتاة حالمة ومسالمة في غرفة تغيير الملابس، بالاعتداء عليها، وسط دهشة الثانية، وصمت بعض المهمشات، وتآمر صديقات ليان، من ثم ترد مريم على ليان بإثارة مشكلة مع إحدى المعلمات، ما يتسبب في تطور الصراع بينهما، وتقف مجموعة المتنمرات ليان ورانيا ورقية وراء حادث مريم، الذي تعقد المدرسة اجتماعا لأولياء الأمور لبحثه، وبعد مناقشات مطولة تتهم مريم في النهاية بكذب ادعاءاتها، ما يدفعها إلى الانتقام من الفتيات الثلاث في الحلقة الثانية، عبر تسريبها محادثات تطبيق "واتساب" الخاصة بليان، ورانيا ورقية عن المدرسين، ما يعرضهن لعقوبات من الإدارة.
فيما تشهد أحداث الحلقة الثالثة، انقلاب دينا على مريم وانتقالها إلى مجموعة ليان، لتعود مرة أخرى، قبل أن تفتعل مريم وأعضاء مجموعتها حسابا على "فيسبوك" للانتقام من رقية بفضيحة، تطرد على إثرها من المدرسة.
إضافة إلى التنمر، طرح المسلسل قضايا من واقع الحياة التي نعيشها، أبرزها الحد الفاصل بين الخطأ والصواب، أو الخطأ والصواب، ففي داخل كل منا وحي قلبي يحمل الخير والشر، فالخير هو الإلهام الذي يقود إلى الصواب، والشر هو الوحي الذي يقود إلى الخطأ، وما بين الاثنين تقف النفس الإنسانية، وتبدأ المجابهة، تماما كما حصل عند الفتيات في المسلسل، مجموعة تؤذي ومجموعة مظلومة، لكن الختام بقي مبهما ولم ينتصر لا الخير ولا الشر كما يحصل في الروايات والأفلام كافة، وهذا ما يحتم وجود الواقعية في أحداث المسلسل، لأن حياتنا اليومية واقفة ما بين الخير والشر، لحظات تميل إلى الأولى، وفي لحظات أخرى تميل إلى الثانية.
أردني بنكهة غربية
لقد أصبح جليا أن الواقع الأردني هو هدف لمنصة نتفليكس، التي أطلقت في منتصف يونيو 2019 المسلسل الأردني "جن"، الذي يتناول قصة عصبة مراهقين، يسعون إلى استدعاء جني، ويطرح ثيمات جانبية حول مفاهيم مثل الحب والتنمر. أثار العمل فور صدوره جدلا عنيفا، إذ احتوى على ألفاظ نابية ومشاهد عدها المشاهدون منافية للقيم والآداب. انتهى الأمر بإصدار المدعي العام أمرا عاجلا بوقف عرض المسلسل في العاصمة عمان، بالتزامن مع تصريح مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية بأن المسلسل بمنزلة انحدار أخلاقي، ولا يمثل عادات الأردنيين ولا التعاليم الإسلامية.
أقل انتقادا
هذا الأمر لم يوقف القيمين على المنصة عن إصدار المسلسل الثاني الذي يتحدث عن مشكلات المجتمع الأردني، أبرزها التنمر الذي يعد المحفز الرئيس للأحداث في "مدرسة الروابي للبنات"، وفور عرض المسلسل في مطلع أغسطس من العام الجاري، توالت ردود الفعل المنددة به، لكن لم يتم الفتك بالعمل كسابقه. وفي المقابل، ظهرت في الخلفية نقاشات حول قضايا ملحة، على غرار النظام الأبوي، والقتل بدعوى الشرف، والتحرش الجنسي، والتصدع الأسري، ووصم المجتمع بالعلاج النفسي، والعنف ضد المرأة، وسطوة مواقع التواصل الاجتماعي على حياة الشابات، والاستغلال الذي يمارسه بعض مستخدمي هذه المواقع تجاه القاصرين والقاصرات.
إشادات من المشاهدين
في جولة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، لاحظنا الإشادات من المشاهدين، فكثير من المتابعين عبروا عن فرحتهم بهذا المسلسل، وأقل ما كتب عنه أنه مسلسل جميل جدا ورائع ويحاكي الواقع العربي عموما والأردني خصوصا، وطالب بعض المتابعين بجزء ثان، لكن البعض الآخر خاصة النقاد والجهات الحكومية كان لهم رأي مختلف، ولقد خرجت أصوات تعلن "براءتها" من العمل، مبررة غضبها بأنه لا يشبه المجتمع في الأردن، خصوصا ما تم تداوله على السوشيال ميديا، من مشاهد تخللتها ألفاظ نابية، حتى إن آخرين اعترضوا على طريقة لباس الفتيات، على أنها متنافية مع القيم والأخلاق، في حين إن طريقة لباس الطالبات، "تنورة وقميص"، ليست بعيدة عن القالب الأردني، وموجودة في أغلبية المدارس الخاصة.
اعتراضات رسمية
من الجانب الرسمي اعترض حسين الخطيب، نقيب الفنانين الأردنيين، عليه، معللا اعتراضه بأنه يمس "اعتبارات أخلاقية ومهنية"، وشبه موقفه منه، بموقفه من المسلسل الأردني "جن"، الذي عرض قبل أكثر من عامين على "نتفليكس"، وطالته حملات انتقاد وتشويه أثرت بشكل شخصي في طاقم العمل، ووصف الخطيب في تصريحات صحافية شبكة نتفليكس بأنها "اخترقت الهياكل الاجتماعية، وحتى الدينية، بالفن، بحجة أن الواقع على هذا النحو".
وفي تصريح آخر، طالب النائب حسن الرياطي الحكومة الأردنية بالعمل على وقف عرض المسلسل، لكنه أمر خارج عن نطاق صلاحياتها، كون "نتفليكس" شبكة عالمية، وقال: "إن المسلسل ينافي الأخلاق، والقيم، والدين، ويضرب بما نشأ عليه المجتمع الأردني عرض الحائط".

نحن فتيات الروابي .. ترند
تجدر الإشارة إلى أن المسلسل يعرض مترجما بأكثر من 32 لغة في 190 دولة حول العالم، ولقد تصدر هاشتاج "نحن فتيات الروابي" تطبيق "تيك توك"، وباتت أسماء نجمات العمل شهيرة، بعد توثيق حساباتهن، ووصل عدد استخدامات هاشتاج "مدرسة الروابي" وحده إلى أكثر من 404 آلاف مشاركة من قبل مستخدمي التطبيق، وشارك رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للعمل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون