الاستثمار الرياضي .. جدوى ومداخيل
تعد الاستثمارات في المجال الرياضي بصفة عامة، وفي المنشآت الرياضية بصفة خاصة، من ضمن أكثر الاستثمارات ربحية في الدول، في حال تم استيعاب المعنى الحقيقي للاستثمار، لأنها تعد أرضا خصبة لمختلف مجالات الاستثمار، ولها أهمية مزدوجة من حيث زيادة العوائد، والرقي بخدمات الأندية الرياضية. وأصبحت الرياضة الآن مصدر إيرادات كبيرا في العالم، وصناعة اقتصادية مهمة، خاصة في مجال كرة القدم، فقد حدثت فيها تغيرات احترافية عالمية متنوعة، وتوسعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية. ويلعب الاستثمار دورا مهما وحيويا في تطور الأندية الرياضية والمجتمعات، بل الدول، وهو واحد من أهم العمليات الاقتصادية ذات الفوائد الكبيرة والمتعددة، وذات المردود الإيجابي نحو بناء استراتيجية اقتصادية مستقبلية.
ومن هذا المنطلق، دخل الحراك الرياضي السعودي العام مرحلة أخرى جديدة، مستندا إلى المعايير والمشاريع التي أتت بها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ضمن الاستراتيجية التنموية الوطنية العامة، فقرار وزارة الرياضة المتعلق بتمكين الأندية من استثمار الأراضي المخصصة لها، هو في الواقع خطوة مكملة للمسار الذي يخص هذا الجانب، ضمن عملية البناء والتنمية عموما.
والقطاع الرياضي حقق قفزات نوعية في الأعوام القليلة الماضية، وذلك بفعل المتغيرات التي تمت عليه، ففي عامين فقط نما إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي في السعودية من 2.4 إلى 6.5 مليار ريال، بزيادة 170 في المائة، ولولا القوانين التي أفرزتها "رؤية المملكة"، لما تحقق هذا الإنجاز، لماذا؟ لأنه تم إدخال الرياضة ضمن إطار المخططات التنموية والاقتصادية أيضا.
بالطبع، السماح للأندية باستثمار الأراضي المخصصة لها والمنشآت القائمة عليها، جاء وفق شروط واضحة تضمن عدم حصول أي انعكاسات سلبية على الأداء الرياضي والاجتماعي العام، فلائحة استثمار الأراضي واضحة، والهدف الرئيس من كل هذا يكمن في دفع الأندية لزيادة مداخيلها المالية، وأن تكون جزءا أصيلا من الحراك التنموي العام. ويأتي على رأس هذه الاشتراطات ألا تؤثر الاستثمارات في منشآت النادي، إلى جانب عدم البناء على الملاعب والمساحات المخصصة للأنشطة الرياضية المختلفة. وهذه الاستثمارات ستخضع إلى كل المعايير التي وضعتها وزارة الرياضة، ليس فقط من أجل ضمان جودتها فقط، بل لكي تكون قيمة مضافة حقيقية، يمكن البناء عليها مستقبلا وتطويرها باستمرار.
باختصار، ستكون الجودة والجدوى على رأس الأولويات الرقابية التي تضعها الجهات المختصة بهذا المجال، وهذا ما هو واجب في أي مشروع أو مخطط، بصرف النظر عن طبيعة الميدان.
الاستثمارات في الميدان الرياضي تلعب دورا مهما في تطور الأندية الرياضية، وعلى الساحة العالمية هناك آلاف التجارب في هذا المجال، حولت الأندية إلى مؤسسات مساهمة في الاقتصاد المحلي.
وفي مجال كرة القدم، تعد الاستثمارات الأكبر على الإطلاق، نظرا إلى قدرة هذه اللعبة على استقطاب المتابعين والمشجعين، فضلا عن قدرتها على إيجاد انتماءات حقيقية فردية لهذه المؤسسة، أو تلك.
قرار وزارة الرياضة الأخير، يعني أن الأندية السعودية ستدخل مرحلة جديدة مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، لماذا؟ لأن المسار الاقتصادي والتنموي والاجتماعي والاستثماري العام يحتم اعتماد مثل هذه الخطوات. كما أن الاستثمارات في الأندية الرياضية عموما، ولا سيما تلك التي تشكل كرة القدم محورا رئيسا فيها، تحقق ربحية قوية، وتسهم بدورها في الارتقاء بما تقدمه هذه الأندية وتحفز مفهوم الاحتراف بشكل شامل.
ولا شك في أن الإقدام على الاستثمارات في الأندية السعودية، سيضع هذه المؤسسات المهمة في نطاق التعاون المباشر مع القطاع الخاص، الذي يمثل محورا أساسيا في عملية البناء الاقتصادي في المملكة كله، إلى جانب تدعيم مصادرها المالية بما يوفر لها مزيدا من الملاءة، للمضي قدما في مشاريعها الرياضية وغيرها.
كل هذا يأتي في نطاق الهدف الكبير الذي تضمنته رؤية المملكة، وهو استكمال عمليات الخصخصة في الرياضة السعودية، واعتماد الأندية والمؤسسات الرياضية على مداخيلها الذاتية، ما يعد خطوة مهمة على مختلف الأصعدة، بما في ذلك استقطاب المستثمرين إلى قطاع قديم لكنه يتجدد وفق رؤية المستقبل. وإذا ما استمر الأداء الاستثماري وفق المعايير الموضوعة، فإن الساحة السعودية ستشهد مزيدا من الفرص الاستثمارية في القطاع الرياضي، وهي نفسها ستكون داعمة للحراك التنموي العام.