إنجلترا .. إعادة الحياة إلى الأحياء

إنجلترا .. إعادة الحياة إلى الأحياء

إنجلترا .. إعادة الحياة إلى الأحياء
يشعر بعض الناس بالقلق من أن إعادة الحياة للأحياء سيقتل مراكز المدن.

قبل الوباء، كان صديق لي يعيش في قرية في جنوب إنجلترا يتنقل إلى لندن. كان يغادر المنزل في الساعة 7:45 صباحا ويعود في الساعة 9 مساء، عابسا ومحطما. نادرا ما كان يرى أطفاله، فضلا عن جيرانه.
يعمل الآن عن بعد من سقيفة حديقته، ويأخذ الأطفال إلى المدرسة واستفاد بجزء كبير من وقت فراغه الجديد ليصبح رئيسا لنادي الكريكيت في قريته. أصبح ينطلق إلى الميدان لإخراج الأغطية من الملعب أو إصلاح سقف الجناح. لقد انتقل من كونه أحد الركاب إلى ركن من أركان المجتمع.
إنه ليس وحيدا. في أحزمة النقل السابقة للمدن الكبرى، يعمل العمل عن بعد الآن على إنشاء مجتمع. هل هذا مكسب صاف للبشرية، أم أنه يفوقه سلبيات في أماكن أخرى؟
أدى التنقل إلى تفاقم تدهور الحياة المدنية، كما لاحظ العالم السياسي روبرت بوتنام في كتابه الكلاسيكي لعام 2000 عن الولايات المتحدة. عدد قليل من الأمريكيين يعرفون جيرانهم، أو يعملون كمتطوعين أو يلعبون البولينج في النوادي. قال بوتنام، "لقد صدمت عندما اكتشفت مدى قوة مؤشر الانتقال من العزلة الاجتماعية إلى هذا التدهور لأسباب عديدة. هناك قاعدة عامة بسيطة: كل عشر دقائق من التنقل يؤدي إلى تقليل الاتصالات الاجتماعية 10 في المائة".
ساءت أوقات التنقل في الولايات المتحدة منذ نشر كتابه "لعب البولينج وحيدا" لأول مرة، حيث وصل إلى مستوى قياسي جديد في 2019. وقد أثر هذا في الجميع، وليس مستخدمي وسائل النقل فقط. قبل الوباء، قابلت صديقا من أورلاندو في فلوريدا، لم أره منذ أعوام. عندما سألته عن حياته، تذمر من تفاقم الحركة المرورية. في ذلك الوقت اعتقدت أن هذه كانت إجابة دنيوية مخيبة للآمال، لكنني أدركت لاحقا أن الحركة المرورية هي التي تحكم حياته. يستغرق الذهاب إلى أي مكان فترة طويلة جدا، لذلك نادرا ما يذهب إلى أي مكان.
يبدو أن الحياة المدنية في بريطانيا قد تلاشت أيضا. وجد مكتب الإحصاءات الوطنية عددا أقل من الدردشات أو تبادل الخدمات مع الجيران، وإحساسا ضعيفا بالانتماء المحلي وتراجع العضوية في "المنظمات السياسية أو التطوعية أو المهنية أو الترفيهية" في عام 2018 مقارنة بعام 2012.
لقد رأيت هذا على مدى عقود في حي خارجي في لندن حيث أنهيت دراستي، وحيث لا يزال لدي عائلة. في وقت ما تم تحويل الكنيسة في الشارع الرئيس إلى حانة. بمجرد توقف الناس عن التجمع في الحانات أيضا، أصبح المكان سلسلة مطاعم سيئة.
عدت إلى الحي الشهر الماضي. لقد حوله الوباء إلى ضاحية مدة المشي فيها 15 دقيقة، حيث يوجد جميع ضروريات الحياة على مسافة قريبة. يعمل عديد من السكان الآن من المنزل. كان الجميع في المدرسة الصباحية، يتحادثون ويتبادلون الخدمات، وبعد ذلك، ظهر الآباء في المقاهي المحلية أو في جلسة اليوجا الساخنة وقت الغداء.
اسخر من هذه الطقوس الحضرية الجديدة كما تحب، لكنها تشكل مجتمع القرن الـ21. بعد أسبوع أمضيته هناك، كنت ألوح لوجوه مألوفة في الشارع. لقد شعرت وكأنها من ضواحي الخمسينيات - كما في أغنية فرقة البيتلز "بيني لين"، مع صالون الحلاقة حيث "كل الناس الذين يأتون ويذهبون / يتوقفون ويقولون مرحبا".
ذات يوم رأيت أصدقاء انتقلوا أخيرا إلى جزء آخر من لندن. لقد اندمجوا بسرعة، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن جيرانهم كانوا موجودين طوال اليوم وجزئيا بسبب مجموعة "واتساب" لسكان شارعهم. من المسلم به أنه كان مليئا بالأشياء المملة حول المهملات، ولكن المجتمع في الأغلب ما يكون مملا. كانت مجموعة الـ"واتساب" مركزية للغاية في الحياة المحلية لدرجة أنهم افترضوا أنها كانت مستمرة إلى الأبد. في الواقع، مثل كثيرين في جميع أنحاء بريطانيا، بدأت مع الوباء.
إن إعادة الحياة للأحياء له سلبيات. في بعض المدن الكبرى، سيشجع البقاء في الشارع على الفصل والمقارنة. مع ذلك، في منطقة لندن، يتم تخفيف هذا الخطر من خلال الكم الهائل من الاختلاط السكني. بعضها اقتصادي، يوجد في الحي القديم مساكن اجتماعية وبعض أصحاب المنازل من الطبقة المتوسطة الدنيا الذين اشتروا منازلهم قبل التحسين وكذلك المصرفيون الذين يشترون الآن.
هناك أيضا اختلاط عرقي، في طريقي للمدرسة مخالطا مختلف اللغات، تعرفت على امرأة باريسية ترتدي الحجاب وتحدثت عن لندن باعتبارها فردوسا خاليا من العنصرية. في نادي الكريكيت الخاص بصديقي، أعاد دمج عديد من البريطانيين الآسيويين الذين استقالوا في حقبة سابقة أقل ترحيبا.
يشعر بعض الناس بالقلق من أن إعادة الحياة للأحياء سيقتل مراكز المدن. لكن هذا لن يحدث على المدى الطويل في المدن الجذابة. سكان الضواحي الذين التقيت بهم كانوا يذهبون بالفعل إلى لندن يوما أو نحو ذلك كل أسبوع، وسيذهبون كثيرا عندما تنتعش الحياة الليلية والأماكن الثقافية. أنهم يحبون وسط لندن. سينتقل البعض هناك لحسن الحظ. هم فقط لا يريدون الذهاب إلى هناك كل يوم. يرى ديفيد ميلدر، الخبير في وسط المدينة، أن المناطق التجارية المركزية تفسح المجال لـ"المناطق الاجتماعية المركزية".
سيعود السياح في نهاية المطاف أيضا، وبينما سيتخلى بعض الشركات عن وسط لندن، تتوق شركات أخرى في جميع أنحاء بريطانيا والعالم للاستيلاء على مساحات مكتبية غير مرغوب فيها. تخيل شركة "ريكي جيرفيس" الخيالية في مسلسل "ذي أوفيس" تتداول من منطقة سلاو التجارية إلى غرفة اجتماعات ليوم واحد في الأسبوع قبالة بيكاديلي.
إعادة الحياة إلى الحي سيحصد ضحايا آخرين. قد تموت مراكز المدينة التي أصبحت خالية من الجاذبية ومجمعات الأعمال في الضواحي حيث لم يذهب الناس للعمل إلا بوسائل النقل الجماعي.

الأكثر قراءة