Author

دائرتك الخضراء

|
صيفا بعد صيف، تزداد السخونة في أكثر من مكان على كوكبنا، ربما لا يشعر كثيرون بذلك، لأن معادلتهم البسيطة، هي زيادة التكييف في كل مرة، أي أن الإنسان يعيش تكيفا واهما، وبعد عقود من الزمن سيصبح حتى تكييف الهواء عبر الأجهزة صعبا للغاية.
انظر إلى العناوين التالية، "حرائق غابات تركيا"، "80 حريقا اشتعلت في 13 ولاية أمريكية"، "الحرائق كارثة جديدة في لبنان"، "حريق غابات يهدد مناطق مأهولة قرب أثينا"، "جنوب أوروبا يكافح الحرائق مع انحسار فيضانات الشمال"، "ضباب دخاني يغطي نيويورك بسبب الحرائق"، "فنلندا تواجه أسوأ حريق غابات منذ 50 عاما".
معظم هذه العناوين قريبة جدا تاريخيا، وبعضها كان خلال الأسابيع القليلة الماضية، وكلها إنذارات تتزايد، ويجب أن يتزايد معها إحساسنا بالمشكلة، ليس تعاطفنا عند سماع أو قراءة الخبر، ولكن التفكير بجدية، أن هذه كارثة تستجمع قواها لتحل بالإنسان.
قد تخبر نفسك بأنه لا داعي للخوف فأنا أعيش بعيدا عن كل هذا، أنا بعيد عن هذه المواقع، لكن مهلا، ربما عليك أن تفكر قليلا فليست هذه الغابات وحدها التي تحترق، وليس السكان القريبون منها هم من يتضرر فقط.
لا أحد في منأى من الضرر الناجم عن حرائق الغابات، التي تتزايد منذ أعوام ومستمرة حتى الآن في مناطق بعيدة، إنك بالتأكيد مخطئ تماما إذا ظننت ذلك، لأن تلك المساحات الخضراء التي تتقلص، هي "الرئة" التي تشكل قوام حياتنا على كوكب الأرض الذي يتنفس منها، وإذا توقف الكوكب عن التنفس، أو اختنق على أقل تقدير، فانت أيضا ستختنق وقد تتوقف عن التنفس، لأن ما يحدث ببساطة هو احتراق أكسجين الأرض.
في كل هذه الأماكن التي تحدث فيها الحرائق تتغير ملامح الحياة، لأنها كانت موطنا للنباتات والحيوانات التي تحافظ على التنوع البيولوجي، والآن تخيل معي، أن كل حريق هو نقطة مركز دائرة، ولدينا خلال العامين الماضيين مثلا نحو 20 دائرة حمراء، يتوسع محيط ضررها شيئا فشيئا، ليغطي مساحات أكبر، ومع تزايد الدوائر، وتزايد توسعها، لا بد أن يلامس محيط إحداها منطقة قريبة منك، لا بد يوما أن يلامسك.
زراعتك لشجرة، ومحافظتك على الطبيعة من حولك، ومساهمتك في الوعي البيئي، وتفاعلك العملي مع مبادرات الوطن الخضراء، وأي فعل صغير قد تعتقد أنه لن يؤثر، كلها توجد دوائر خضراء يجب أن نعمل دوما على تكبيرها، علها تزاحم تلك الحمراء، أو ربما يتحقق حلم القضاء عليها.
إنشرها