FINANCIAL TIMES

أوروبا تلوح بالعصا لفرض اللقاح تزامنا مع انتشار متحور "دلتا"

أوروبا تلوح بالعصا لفرض اللقاح تزامنا مع انتشار متحور "دلتا"

فرنسيون يحتجون على الإجراءات التي أعلنها أخيرا الرئيس ماكرون لمكافحة كورونا.

وفقا لآلاف المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع في باريس ومونبلييه ومدن فرنسية أخرى الأسبوع الماضي، أصبحت بلادهم "ديكتاتورية"، وأن رئيسها يكرر سياسة "الفصل العنصري".
سبب غضب الناس هو قرار إيمانويل ماكرون بجعل لقاحات كوفيد -19 إجبارية على العاملين في قطاع الرعاية الصحية، في خطوة تسبق احتمال فرضها على بقية السكان. حيث يتعين على الفرنسيين الآن إثبات أنهم إما تم تطعيمهم، وإما أنهم قد حصلوا على نتائج سلبية للفيروس أخيرا حتى يكون بمقدورهم الدخول إلى المقاهي، أو المطاعم، أو دور السينما، أو القطارات عالية السرعة، أو مراكز التسوق. وبحلول فصل الخريف، لن تكون اختبارات فيروس كورونا مجانية كما الآن.
أما الآن، قبل أقل من عام على إجراء الانتخابات الرئاسية، تعيد هذه المسيرات إحياء شبح احتجاجات ذوي السترات الصفراء التي هزت فرنسا بين عامي 2018 - 2019، بسبب رفع ضريبة الوقود، ما أدى إلى تطور هذه الاحتجاجات الشعبية التي أثارها غضب السائقين، لتصبح حركة مناهضة للحكومة على مدى أشهر.
تأتي خطوة ماكرون في الوقت الذي تكافح فيه الدول الأوروبية لاحتواء متغير دلتا سريع الانتشار، الذي وجد لأول مرة في الهند وهو الآن يهيمن على معظم دول الاتحاد الأوروبي. حيث تسعى الحكومات إلى إجبار مواطنيها، الذين تلقى أقل من نصفهم اللقاح بالكامل، للحصول على اللقاح للحد من حدوث ارتفاع جديد في الإصابات وتجنب فرض قيود جديدة.
ويسير ماكرون على خطى رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، الذي كان، في نيسان (أبريل)، أول من فرض في أوروبا اللقاح على العاملين في قطاع الرعاية الصحية بعد تفشي المرض في المستشفيات ودور الرعاية. وقد حذت كل من اليونان ولاتفيا حذوه هذا الأسبوع، حيث هددتا العاملين بفقدان وظائفهم إذا لم يلتزموا بالتعليمات.
وفي أثينا، بلغ عدد المحتجين الأربعاء أربعة آلاف شخص، وفي المملكة المتحدة، وقع زهاء 93 ألف شخص عريضة تطالب بإلغاء اللقاح الإجباري على العاملين في قطاعي الرعاية الصحية والعمل الاجتماعي.
وقالت آنا أودوني، أستاذة الصحة العامة في جامعة فيتا سالوت سان رافائيل في ميلان، إن التطعيم الإلزامي في أوروبا ليس بالأمر الجديد، فلدى 40 في المائة من الدول شكل من أشكال التطعيم القسري، ومنها التطعيم ضد التهاب الكبد ب، والحصبة والتهاب السحايا للأطفال.
وتوجد هنا صلة مباشرة بين دخول المرضى إلى المستشفى، وهو مستمر في الارتفاع مرة أخرى في أوروبا، وبين ما إذا كان قد تم تحصين الناس باللقاح أم لا. حيث قالت الحكومة الفرنسية أخيرا، إن الموجودين في العناية المركزة في أكبر 30 مستشفى في البلاد، لم يحصلوا على اللقاح. بينما بلغت النسبة في اليونان 99 في المائة في الخصوص نفسه.
وتشير البيانات من فرنسا وإيطاليا إلى أن نهج الحكومات الإجباري بات يؤتي ثماره، على الرغم من الاحتجاجات الصاخبة للأقلية.
ومنذ أن أصدرت إيطاليا مرسومها في نيسان (أبريل)، انخفضت حالات الإصابة بكوفيد -19، والحالات التي تستدعي الدخول إلى المستشفيات، كما انخفضت أعداد الوفيات بين المقيمين في دور الرعاية، لكنها لم تختف. وقد عزز هذا النجاح توجها بدأ عندما فرضت الدولة حملة تلقيح تستهدف السكان في شباط (فبراير).
وفي فرنسا، تم حجز أكثر من ثلاثة ملايين موعد لأخذ اللقاح بعد خطاب ماكرون الإثنين، حيث فاقت أرقام الحجوزات اليومية كل السجلات السابقة بكثير، وفقا لموقع المواعيد "دوكتوليب". وقد كانت نسبة أعمار 60 في المائة من المسجلين تقل عن 35 عاما، حيث كانوا بطيئين في السعي للحصول على اللقاح في السابق.
وتراجعت نسبة التردد في أخذ اللقاح في أوروبا بشكل عام. حيث قال أكثر من ثمانية من كل عشرة بالغين في فرنسا إنهم إما قد حصلوا على اللقاح وإما سيحصلون عليه، وهو ضعف النسبة المسجلة في شهر كانون الأول (ديسمبر)، وفقا لاستطلاع رأي أجرته "أودوكسا".
ووفقا لاستطلاع نشرته مجلة "لو فيجارو"، فإن ثلاثة من كل أربعة أشخاص يدعمون إلزام اللقاح للعاملين في الرعاية، بينما وافق 61 في المائة على الاستخدام الموسع لجوازات السفر الصحية. فيما أشار استطلاع آخر إلى أن 20 في المائة فقط من الإيطاليين يعارضون التلقيح الإلزامي.
وقال الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، إن نسبة الحجوزات المرتفعة "تظهر أنه كانت توجد أقلية صغيرة جدا من مناهضي التطعيم بين أولئك الذين لم يتم تطعيمهم".
حيث قال ميرسيا سوفونيا المتخصص في نماذج الأمراض المعدية في جامعة مونبلييه، إن الخوف من موجة رابعة من العدوى يلوح في الأفق، ما يعني أن معظم الناس على استعداد لفعل كل ما يلزم لإبقاء الفيروس في معزل.
وأضاف "يمكننا تأخير الموجة الرابعة من الدخول إلى المستشفى، ويمكن تخفيفها أيضا، في حال قمنا بتطعيم 60 أو 70 في المائة من السكان مع نهاية الصيف".
ومع ذلك، لا يزال لدى كثيرين شكوك حول أخلاقيات هذه الصلاحيات. فبالنسبة للبروفيسور آدم فين، العضو في اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين التابعة لحكومة المملكة المتحدة، فإن برامج اللقاحات الأكثر نجاحا "لا يتعين عليها استخدام العصا والجزرة" وبدلا من ذلك، ينبغي أن تعتمد على الوضوح في التواصل مع الناس.
وقال فين، "لقد استغرق بناء هذا المستوى من الثقة عقودا من الزمن"، ثم أضاف "تخبرني فرائصي عندما تعمل جيدا، بأن أكون حذرا من التدخل فيها".

دول جعلت اللقاح إلزاميا


دانيال دومبي من إسطنبول وإليني فارفيتسيوتي من أثينا
قررت تركمانستان في 7 تموز (يوليو)، أن على كل شخص تخطى سن الـ18 أن يحصل على اللقاح ما لم يكن لديه سبب طبي يمنعه من ذلك.
وجعلت إندونيسيا أخذ اللقاح إلزاميا لجميع البالغين في شباط (فبراير)، حيث هددت العاصمة جاكرتا بفرض غرامة تصل إلى خمسة ملايين روبية "أي 357 دولارا" لمن يرفض الانصياع لهذا الأمر.
في حزيران (يونيو)، جعلت أستراليا اللقاحات إلزامية لكل العاملين في مجال الرعاية والمعرضين لخطورة عالية، وذلك ابتداء من شهر أيلول (سبتمبر).
أما إيطاليا فقد أرست قوانين جديدة في الأول من نيسان، سيتم بموجبها نقل العاملين في مجال الرعاية الصحية، أو تخفيض رتبتهم أو تعليقهم عن العمل دون أجر إذا ما رفضوا أخذ اللقاح.
أعلنت لاتفيا الأسبوع الماضي أنها ستجعل حيازة شهادة كوفيد -19 إلزامية لكل العاملين في قطاع الصحة، والعمل الاجتماعي والعاملين في حقل التعليم.
وقالت اليونان إن اللقاحات ستكون إلزامية بصورة فورية للعاملين في دور المسنين، بينما ستكون إلزامية لعاملي الرعاية الصحية بحلول الأول من أيلول.
فيما أقرت المملكة المتحدة الثلاثاء قبل الماضي قانونا يفرض اللقاح على جميع العاملين في دور الرعاية والمسجلين لدى لجنة جودة الرعاية، أو أنهم سيواجهون خسارة وظائفهم. وقد تم التخطيط لعقد جلسة تشاورية بشأن التوسع في جميع خدمات الصحة الوطنية تشمل موظفي الرعاية الأولية.
وتتطلع منطقة فالنسيا الإسبانية إلى الاحتذاء بفرنسا من خلال مطالبة رواد المطاعم والحانات والفنادق والنوادي بإبراز شهادات التلقيح قبل أن يتمكنوا من دخول أي من هذه الأماكن.
أما في ألمانيا، فقد قال وزير الصحة إنه يدرس قانونا يفرض على الناس الدفع مقابل إجراء اختبارات فيروس كورونا التي توفرها الدولة مجانا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES