FINANCIAL TIMES

آثار الجائحة .. أصحاب العقارات يقايضون المكاتب بسكن الطلبة

آثار الجائحة .. أصحاب العقارات يقايضون المكاتب بسكن الطلبة

تسعى "بلاك ستون" لشراء الشقق المؤجرة ومساكن الطلاب التي أصبحت جذابة بسبب نقص المنازل.

أكبر شركة مالكة للعقارات التجارية في العالم تقلب عقاراتها البالغة قيمتها 378 مليار دولار.
خطوتان قامت بهما "بلاك ستون" - بيع مكتب بنك مؤسسة "نيويورك ميلون" في لندن في ساينت بول لشركة التأمين الإيطالية "جينيرالي" مقابل 465 مليون جنيه استرليني، وتمت المصادقة على عملية البيع هذا الأسبوع، وفقا لأشخاص مطلعين على الصفقة، ومحاولة شراء شركة تشغيل سكن طلابي "جرافيس كابيتال بارتنرز" لمعيشة الطلاب - هما علامة على قيام أصحاب العقارات بإعادة تنظيم محافظهم الاستثمارية مع تسريع الجائحة للاتجاهات الهيكلية.
سارع فيروس كوفيد - 19 في تراجع قطاعين رئيسين في مجال العقارات التجارية - البيع بالتجزئة والمكاتب - ما دفع أصحاب العقارات للتوجه إلى البدائل التي يعتقدون بأنها ستحقق نتائج أفضل.
وتأتي على رأس قائمة التسوق الخاصة بهم: المستودعات المدعومة من طفرة التجارة الإلكترونية، والشقق المؤجرة ومساكن الطلاب التي أصبحت جذابة بسبب نقص المنازل وتنامي أعداد الطلاب في جميع أنحاء أوروبا، ومجمعات علوم الحياة المدعومة باستثمارات ضخمة في البحث والتطوير.
وقال جايمس سيبالا، رئيس قطاع العقارات في أوروبا في شركة "بلاك ستون": "هذه توجهات ضخمة تم تسريعها بسبب الجائحة".
وفقا لـ"ريل كابيتال أناليتيكس"، فقد كانت المكاتب والمتاجر تمثل نحو 70 في المائة من إجمالي الصفقات العقارية الأوروبية. بينما تمثل هذا العام 35 في المائة مع ارتفاع أسعار القطاع الإسكاني واللوجستيات.
وقال مايك بريو، محلل في "جيفريز"، إن الجائحة سرعت من "تحويل القيمة" من البيع بالتجزئة إلى "الأسرة والأدوية والسقائف" - المهاجع السكنية ومراكز الرعاية الصحية وممتلكات العلوم الحياتية والمستودعات.

العلوم الحياتية تسجل رقما قياسيا
قد يكون أكثر ما يثير حماس مديري الصناديق: العلوم الحياتية - مجال يتم فيه تحطيم سجلات الأسعار، حيث يتطلع المستثمرون إلى شراء أو تطوير حرم جامعي عالي التقنية بالقرب من مراكز التعليم في أوروبا.
وطرحت كلية ماجدالين التابعة لجامعة أكسفورد في أيار (مايو) حصة 40 في المائة من حديقة أكسفورد للعلوم في السوق، بسعر يقارب الـ100 مليون جنيه استرليني - أي أكثر من خمسة أضعاف ما دفعته الكلية مقابل 50 في المائة من الحديقة عام 2016.
وقال سايمون هوب، رئيس أسواق رأس المال العالمية في شركة وكالة العقارات "سافيلس": "لديك طلب متزايد وعرض غير كاف وإيجارات متنامية. هل هذا هو القطاع الأسرع نموا على الإطلاق؟ بالتأكيد".
وتراوح الممتلكات من المكاتب التقليدية إلى المختبرات المعقدة. ويعد الموقع العامل الرئيس في تحديد القيمة. وقال هوب: "إنها الأماكن العبقرية، إنها المدارس العظيمة، إنها الموهبة". ويعد الموقع الأكثر إثارة للاهتمام في المملكة المتحدة وأوروبا هو ما يسمى "المثلث الذهبي" بين أكسفورد وكامبريدج ولندن.
وقال هوب: "القوة المالية العالمية، وخاصة من الولايات المتحدة، تصب تركيزها على المملكة المتحدة، لأن لدينا أربع جامعات من أفضل عشر جامعات في العالم: أكسفورد وكامبريدج وإمبريال وجامعة كلية لندن".
وجرى استثمار مبلغ قياسي قدره 2.4 مليار جنيه استرليني في عقارات العلوم الحياتية في المنطقة في عام 2020، ولا يزال المستثمرون يتطلعون إلى توظيف أكثر من ضعف هذا المبلغ، وفقا لشركة الاستشارات "بيدويلز".
وقال براد هيلر، الذي يدير محفظة بقيمة 38 مليار دولار كرئيس لقسم العقارات في أوروبا في شركة "بروكفيلد": "نقضي كثيرا من الوقت في منطقة العلوم الحياتية. إنه مجال غير متطور في أوروبا عموما، والمملكة المتحدة على خصوصا. مع وجود عدد كبير من المؤسسات البحثية في المملكة المتحدة، فإن هناك فرصة كبيرة".
تمتلك بروكفيلد نصف حرم هارول للعلوم الحياتية جنوب أكسفورد، ودفعت مجموعة الاستثمار الكندية "تي بي جي ريل إستايت" الشهر الماضي، مبلغ 714 مليون جنيه استرليني لشركة "أرلينجتون"، وهي مجموعة ممتلكات علمية وتكنولوجية لها أصول في المثلث الذهبي.
ولكن وفقا لهيلر، فإن الفرصة الحقيقية تكمن في بناء المعامل وحرم الجامعات من الصفر. وتبحث شركة "بروكفيلد" في التطوير حول المدن الأوروبية في ألمانيا وسويسرا وأماكن أخرى.

ازدهار المستودعات
تعد الخدمات اللوجستية إحدى المجالات الأخرى المثيرة لاهتمام المستثمرين، حيث أعطت الشعبية المتزايدة للتسوق عبر الإنترنت دفعة كبيرة للطلب على مساحة للمستودعات.
وقد حصلت شركة بلاك ستون على شبكة كبيرة من المستودعات بالقرب من المدن الأوروبية من خلال شركة مايل أواي التابعة لها، بينما أنفقت شركة بروكفيلد أكثر من مليار يورو في العام الماضي لبناء محفظة مالية في فرنسا وإسبانيا وألمانيا وبولندا.
وظلت الإيجارات من شاغلي المستودعات متماسكة بشكل جيد نسبيا خلال الجائحة، وكان الطلب على المساحات في المستودعات نعمة للشركات في هذا القطاع.
وبينما انخفضت الأسهم في أكبر ملاك المكاتب في المملكة المتحدة، مثل بريتيش لاند ولاند سيكيوريتيز، بنسبة تراوح بين 20 و30 في المائة عن مستويات ما قبل كوفيد. في حين خسر مالك مركز التسوق هامرسون ثلاثة أرباع، وارتفع مطور المستودعات سيجرو 16 في المائة.

فرص سكنية
يراهن المستثمرون على القطاع السكني، ويفضلون عقارات للإيجار وسكن الطلاب.
وقال مارك ألنوت، مدير عام رفيع المستوى في "جرايستار"، وهي مستثمر عقاري أمريكي جمعت 725 مليون يورو للاستثمار في العقارات السكنية الأوروبية: "أنظر إلى المدن الأوروبية الكبيرة: إنها مراكز توظيف ضخمة مع نقص كبير في المساكن وتاريخ اقتصادي مستقر. إنها توفر فرصة جيدة".
وأضاف سيبالا: "يريد الناس العيش في أمستردام ولندن، ولكن لا توجد منازل كافية في هاتين المدينتين".
وقال هيلر إن نقص العرض من سمات سوق الإسكان الطلابي، التي من شأنها أن تساعد على تعويم القطاع من الاضطراب الناجم عن الجائحة. وتخطط "بروكفيلد"، التي تمتلك شركة تشغيل الإسكانات الطلابية "ستودنت روست"، لزيادة الاستثمار في القارة.
ولا تزال المكاتب والمتاجر تشكل أكثر من نصف إجمالي قطاع العقارات القابلة للاستثمار في أوروبا، وفقا لـ"ريل كابيتال أناليتكس". ويقر المستثمرون بوجود مخاطر دفع مبالغ زائدة مع تكدس الأموال في فئات أصول معينة.
وعلى عكس الأزمة المالية في عام 2008، لم تتسبب الجائحة في موجة من الأصول المتعثرة التي ضربت السوق. ولكن إذا فقدت البنوك صبرها مع أصحاب العقارات المتضررين بشدة، فقد تظهر فرص للمقامرة على صفقات قاضية، كما يقول جيوم كاسو، رئيس فريق العقارات الأوروبي في شركة الأسهم الخاصة KKR، التي أغلقت للتو صندوقا بقيمة 2.2 مليار دولار للاستثمار في أوروبا الغربية. ويضيف: "الجزء المهم لعب دور الهجوم والدفاع في الوقت نفسه".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES