قلل خسائرك
إلى وقت ليس ببعيد، كان يمكن الاعتماد على الأمانة كسلوك للتاجر والمزارع ومن يصنع الغذاء يجعلنا مطمئنين إلى ما نشتريه من مكونات الغذاء أو من غذاء جاهز، فقد كانت المنتجات أقل، والمصادر المحلية والعالمية أقل، ويمكن بسهولة أكثر من اليوم تمييز الجيد من الرديء، أو الأهم تمييز الآمن من ذلك الضار.
كانت السمعة هي رأس مال التاجر، وكان أغلب التجار من أبناء البلد الذين يقدمون الغذاء للناس كما يقدمونه لأنفسهم وعائلاتهم، وما زال البعض يحرص على هذه السمعة حتى إن تغيرت المنطلقات إلى أسباب المنافسة وتعظيم قيمة العلامة التجارية.
منافذ بيع الغذاء والمزارع والمصانع تعج اليوم بمختلف الجنسيات، وبعضهم قد يجهل أو لا يهتم بالمعايير الآمنة لتقديم الغذاء، أو حتى يمكن القول: إن معاييره التي استوردها معه تظل أقل من معاييرنا لاختلاف المستوى الاقتصادي والتعليمي والوعي الجمعي.
اليوم لا يمكن الاعتماد سوى على الرقابة الصارمة، الرقابة الذاتية أولا من قبلنا نحن المستهلكين، ثم الرقابة الرسمية التي تحسنت كما ونوعا منذ إنشاء هيئة الغذاء والدواء، وازداد هذا التحسن مع مواكبة الهيئة "للرؤية السعودية"، ليصبح من أهدافها ليس فقط الغذاء الآمن والدواء الفعال، بل حتى الإسهام فعليا في تحقيق هدف جودة الحياة المرتكز على جودة الصحة، والاستمتاع بغذاء آمن أولا، ومن ثم جيد، وهذه الأخيرة أي النظر إلى الجودة تختلف باختلاف الأذواق، والمستويات الاجتماعية والثقافية للمستهلكين.
في لقاءين جمعا كتاب الرأي برئيس هيئة الغذاء والدواء الأسبوع الماضي، ورئيس هيئة المواصفات والمقاييس الأسبوع قبل الماضي، تعرفت إلى التطورات الكبيرة في قضية الرقابة على كل ما يباع لدينا خصوصا الغذاء، وانتبهت إلى أنني كمستهلك ما زلت أعتمد على حدسي وأعوام خبرتي وكوني ابن منطقة زراعية، بينما اليوم يتوافر لي تطبيقات رسمية على هاتفي تساعدني كثيرا على التحقق، وبالتالي الاطمئنان إلى حد معقول أن ما أغذي به نفسي وعائلتي آمن. نحتاج إلى تسويق هذه التطبيقات أكثر، وأيضا نحتاج إلى فهم معنى أن يكون الغذاء أو السلع آمنة، فهذا لا يعني أنها في أعلى مستويات الجودة، وأنها تلبي جميع الأذواق، هذا يعني أنها محققة للشروط الأساسية، وتبقى ذائقة المستهلك وقدراته الشرائية عاملين آخرين لا يمكن للجهات الرقابية أن توحدها، أو أن تضمن تقديم الأجود فقط.
كل ما يعجبك، واقتن ما يروق لك، وتفاعل أكثر مع الهيئتين اللتين تعملان على تطبيق معايير هي من الأفضل في العالم، وساعدهم على تجويد أكثر لتتحسن جودة حياتك، وتقل خسائرك الصحية والمادية.