الزبون «المتربي»

رغم نمو القطاع الخاص وأذرعه المتعددة، وأشهرها الغرف التجارية، لم ينم في المقابل الحفاظ على حقوق المستهلك، بمعنى ليست هناك كيانات كبيرة تماثل في الحجم والقوة قدرات القطاع ونفوذه، بحيث يكون هناك توازن وتدافع، وبقيت جمعية المستهلك في حدودها الضيقة حتى لم يعد لحضورها أثر يذكر، وظاهريا هناك خيارات متعددة أمام المستهلك في السلع والخدمات، لكن إذا تفحصت المسألة بدقة، ستجد أنها خيارات شكلية معظمها يقود للمصدر المتحكم نفسه، احتكار القلة، لذلك فإن ارتفاع أسعار السلع والخدمات يحدث بصورة مستمرة، والواقع بالنسبة للمستهلك انطباق مقولة "ليس في هذا البلد إلا هذا الولد"، إما وكيل وإما موزع له، وإذا خرج المستهلك من هذه الدائرة فهو مهدد بجودة أقل وضياع ضمان في خدمات ما بعد البيع.
ولدى بعض الشركات ما يسمى خاصية الولاء للعميل، بحيث "شكليا" يفضل العميل المستمر "القديم" على غيره من العملاء الجدد بتخفيض بسيط جدا، صورة من صور "تربية الزبون"، لكنه تفضيل بسيط وهامشي لا يرقى إلى "إخلاص" العميل واستمراره في التعامل مع تلك الشركة، والسبب أنها تعلم أن الخيارات أمامه ضعيفة وغير منافسة. ويمكن معرفة مدى قوة قدرات القطاع الخاص من أمثلة صغيرة تخبر عن شأن كبير، فهو يستفيد على سبيل المثال لا الحصر من توزع الصلاحيات بين الأجهزة الحكومية التي تشرف عليه، وللمقارنة نأخذ مثلا رقم الاتصال المدفوع من العميل المستهلك " 9200" تم تطبيقه بسرعة البرق من كل المنشآت التجارية، وبعد فترة من الحصاد، ارتفع صوت المستهلك العميل بالشكوى من سوء الاستغلال، أعلنت وزارة التجارة مع وزارة الاتصالات أنها بدأت بإلزام وكلاء السيارات بتغيير الرقم إلى 800، لكن ما زال بعض الوكلاء الثقال يستخدم الرقم الأول "لخدمة العميل"، ورقم 9200 اسميه رقم السلم والثعبان، لأن المتصل لن يصل بسهولة إلى مبتغاه إلا بعد لدغات تمس محفظته ودعاية تصم أذنيه.
الأمر لم يتوقف عند التلكؤ في التطبيق والمراوغة فيه فباستثناء وكلاء السيارات لم يعلن تغيير لأرقام المنشآت التجارية الأخرى، والسبب الذي علمت به أنها تابعة إشرافيا لجهات حكومية أخرى لم تتحرك، البنوك للبنك المركزي وشركات الاستقدام لـ"وزارة الموارد" وهلم جرا، وانظر إلى سرعة التطبيق وبطء أو انعدام الفعل في إعادة الأمور كما كانت في هذا الشأن البسيط، ويمكن لك ولي أن نقيس عليه فيما يتعلق بأمور أهم من تكلفة الخدمات وجودة الصيانة إلى رفع الأسعار غير المبرر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي