ماذا ستضيف المصرفية الرقمية للسوق المحلية؟

البنوك الرقمية هي نتاج تطور للأعمال المصرفية والأعمال التجارية والمالية والاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، وقد عجلت الأزمة التي يعانيها العالم فيما يتعلق بأزمة كوفيد - 19، وجعلته أكثر رغبة وبشكل أسرع للتعاملات الرقمية بمختلف أنواعها، ومنها التجارة الإلكترونية. والآن نشهد التوسع في مسألة الترخيص للبنوك الرقمية، التي وافق مجلس الوزراء على قيام وزير المالية بإصدار الترخيص اللازم لكل من بنك "إس تي سي" - تحت التأسيس -
والبنك السعودي الرقمي - تحت التأسيس - وفقا للمادة "الثالثة" من نظام مراقبة البنوك الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/5) في 22 / 2 / 1386هـ. وهذا القرار يعد تطورا كبيرا تجاه التحولات العالمية في رقمنة كثير من الأنشطة الاقتصادية والبنوك والمؤسسات المالية، ورافدا كبيرا للأنشطة الاقتصادية. ومن خلال استقراء للتطور في القطاع المصرفي في المملكة، نجد أن الرقمنة تطورت بشكل كبير في المصارف اليوم، والحاجة إلى زيارة الفروع أصبحت أقل بكثير مما سبق، ومعظم العمليات التي يقوم بها العميل غالبا ما تكون من خلال التطبيقات المميزة، التي تقدمها المصارف حاليا، كما أن هذا سهل كثيرا على العملاء فيما يتعلق بعملياتهم المالية داخليا وخارجيا، ومن هنا يأتي التحدي للمصارف الرقمية كيف يمكن لها أن تقدم خدمة مميزة تجعلها خيارا لكثير من العملاء محليا.
ولا شك أن إصدار التراخيص في القطاع المصرفي يعد داعما للاقتصاد الوطني، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقطاع يقدم حلولا متقدمة، ويستخدم التقنية في جميع أعماله، ولا سيما أن المجتمع اليوم أصبح مهيأ أكثر من أي وقت مضى للتعامل من خلال التقنية بعد التطور الكبير ورقمنة كثير من الخدمات الحكومية الأساسية، فضلا عن القطاع الخاص الذي أصبح أيضا يتنافس لتحسين الخدمات التي يقدمها، ما عزز من كفاءتها وسرعة الإنجاز وتخفيف الأعباء على المستفيدين وخفض التكاليف، وزاد من فرص وجود وظائف للمستوى المتقدم بصورة أكبر، وتعزيز جودة الحياة في المجتمع، وزاد من فرص الوظائف الجيدة التي تحفز رغبة الطلبة في تطوير مهاراتهم في هذا المجال، وتعزيز جاذبية الاستثمارات في هذه المجالات المتقدمة. ومع تطور المصارف في خدماتها، فما الذي يمكن أن تقدمه المصارف الرقمية التي تم السماح بالترخيص لها من قبل مجلس الوزراء؟
هذا العنصر يعد الأهم لتحقيق تطور كبير في مجال الخدمات المصرفية، حيث إن هناك بعض الخدمات لا تقدمها المصارف حاليا أو قد لا تكون متاحة لها، ومن ذلك الدفع الإلكتروني على غرار Apple Pay، الذي تقدمه فعليا STC Pay، ويمكن أن تعمل عليه بقية المصارف الرقمية، وهذه الخدمة تعد مهمة باعتبار أنها قد تكون أكثر أمانا من البطاقات الائتمانية البلاستيكية وأسهل في التعامل.
ومن الفرص التي يمكن أن تقدمها المصارف الرقمية، مسألة الفروع في الخارج، التي تسهل على المواطن والمقيم معاملاتهما، حيث يجد البعض تعقيدات في التعامل مع بنكين مختلفين في كل دولة، وتأخيرا في المعاملات، لكن لو تمكنت المصارف الرقمية من الوجود في أكثر من بلد في العالم، سيزيد ذلك من فرص تفضيل كثير من العملاء لها، خصوصا مع عدد كبير من المقيمين في المملكة وتعاملات كثير من المواطنين التجارية في الخارج. ومن الفرص التي يمكن أن تكون من جوانب القوة للمصارف الرقمية، مسألة تخفيض التكلفة لمجموعة من الخدمات، مثل إصدار البطاقات الائتمانية وعمليات التحويل بين المصارف محليا ودوليا، ومن الممكن أن تعمل على بطاقات ائتمانية رقمية، وشيكات وأوراق تجارية بصورة عامة رقمية، حيث إن هذه الخدمات ستكون أعلى كفاءة وأكثر موثوقية وأمانا من حدوث تلف أو فقدان لها.
فالخلاصة، إن البنوك الرقمية، رغم التحديات التي يمكن أن تواجهها بسبب هيمنة المصارف المحلية على السوق، بما يصعب معه تحول بعض عملائها بالكامل إلى البنوك الرقمية، إلا أن الاهتمام ببعض الخدمات يمكن أن يعزز من مركزها في السوق محليا، ويزيد من فرص الإقبال على هذه المصارف، خصوصا من الأجيال القادمة، ويمكن أن تقدم حلول الدفع الرقمية بصورة أكبر من المحلية، وتخفض من تكلفة بعض الخدمات، مثل التحويلات وإصدار البطاقات الائتمانية، وتقدم خدمات رقمية للأوراق التجارية، مثل الشيكات والاعتماد المستندي، وغيرها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي