نحن بحاجة إلى الناس .. إعادة افتتاح برلين الكبرى تتعثر بنقص العمالة
نحن بحاجة إلى الناس .. إعادة افتتاح برلين الكبرى تتعثر بنقص العمالة
قبل الوباء، لم يواجه جوش فاين مساعد المدير مشكلة في العثور على أشخاص للعمل في المطعم في فندق ميشيلبيرجر العصري في برلين. يقوم الآن بالإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي ومدونات الطعام المحلية في محاولة لملء الوظائف الشاغرة. قال فاين: "جميع المطاعم في وضع مماثل لوضعنا. نحن بحاجة إلى الناس".
بعد إغلاقها عدة أشهر بسبب القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، أعادت المطاعم في برلين ومعظم أنحاء ألمانيا فتح أبوابها أمام رواد المطاعم في الهواء الطلق خلال الأسبوع الماضي، وانتشرت طاولاتهم المطوية على الأرصفة. لكن الزبائن في العاصمة الألمانية التي تنتعش ببطء ليسوا المشكلة، المشكلة من سيخدمهم.
يعيق نقص الموظفين في جميع أنحاء أوروبا خطط إعادة فتح الفنادق والمطاعم والمقاهي، ما يهدد بعرقلة انتعاش اقتصادي متوقع مع تسارع تلقي اللقاح وتخفيف قيود كوفيد - 19 بشكل أكبر. يقول بعض المديرين في القطاع: إنهم قد يرفعون الأجور لجذب العمال، ما يزيد من الضغوط التضخمية قصيرة الأجل.
يعاني قطاع الضيافة مشكلات مماثلة في الدول الأخرى التي كانت أسرع في رفع إجراءات فيروس كورونا. في الولايات المتحدة، تم إلقاء اللوم على إعانات البطالة المرتفعة في إحجام الناس عن العودة إلى العمل، في حين فقدت المقاهي البريطانية موظفين من دول الاتحاد الأوروبي عادوا إلى أوطانهم بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
في ألمانيا، تمتلك المطاعم عددا لا يحصى من النظريات حول سبب صعوبة العثور على الموظفين، بدءا من العمال المهاجرين الذين غادروا بسبب الوباء ولم يعودوا بعد، أو انتقلوا إلى قطاعات أخرى، أو لديهم مخاوف بشأن فرض أطول للإغلاق أو الشعور بالإحباط من ظروف العمل.
قالت إميلي هارمان، المالكة الشريكة لمطعم أورا في برلين: "أحد أسباب اعتقادي أن لدينا هذا النقص أن العاملين في مجال الضيافة عادوا إلى منازلهم وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، وأعادوا تقييم حياتهم. سلط ذلك الضوء على مشكلات في هذا القطاع: معدلات الأجور المنخفضة، ساعات العمل الطويلة (...) إذا لم أكن أمتلك هذا النشاط التجاري، فلست متأكدة أنني كنت سأبقى في هذا القطاع".
قالت هارمان إنها احتفظت بـ 40 في المائة من الموظفين بعد عودة كثيرين إلى ديارهم أو انتقالهم إلى أماكن ذات قيود أقل وطقس أفضل، مثل البرتغال أو منطقة البحر الكاريبي. كانت هناك مشكلة أخرى أن الجميع كانوا يقومون بالتوظيف في الوقت نفسه، مضيفة: "هذا يضع كثيرا من الضغط للعثور على الكفاءات".
انخفض العدد الإجمالي للأشخاص العاملين في المطاعم والفنادق الألمانية من 2.4 مليون قبل الوباء إلى نحو مليوني شخص في سبتمبر الماضي، وفقا لاتحاد القطاع ديهوجا. ما يقرب من 600 ألف من هؤلاء العاملين كانوا لا يزالون مدرجين في برنامج مخططات الإجازة قصير الأجل المعروف باسم Kurzarbeit المعمول به في البلاد في يناير الماضي.
المشكلة بالنسبة لعديد من العاملين في القطاع الذي تم إغلاقه إلى حد كبير لمدة سبعة أشهر أن عديدا منهم يعملون لحسابهم الخاص أو في الوظائف الهامشية لا يدفعون أي ضرائب ولا يتأهلون للإجازة. حتى أولئك الذين حصلوا على إجازة لم يتلقوا سوى ثلثي أجرهم، ويجب عليهم أن يصمدوا دون المكافآت الإضافية التي يكسبونها من الإكراميات والعمل الإضافي، ما يجعل كثيرين يضطرون إلى البحث في مكان آخر.
قالت إنجريد هارتجز، المديرة العامة لديهوجا: "ذهب بعض عمال الضيافة إلى النمسا أو سويسرا، اللتين أعيد افتتاحهما في وقت سابق".
تم توظيف آخرين من قبل الشركات التي ازدهرت في ظل الوباء، مثل أمازون، أو السوبر ماركت ألدي وليدل. مع ذلك، تبدي هارتجز تفاؤلها بعودة كثيرين بالقول: "عملنا هو عمل الناس، وليس تكديس الأرفف، فنحن نجعل الناس سعداء".
قال رودريجو فرانكو، صاحب مطعم لا ديسبينسا، وهو مطعم باراجواي صغير يقع في حي فريدريكشاين العصري في برلين، إنه تخلى عن محاولة استئجار موظفين جدد وقام الآن بتسليم العملاء القهوة الطازجة من المنضدة الخشبية بنفسه.
قال فرانكو: "كانت جودة عمال الخدمة هنا في برلين كارثة حتى قبل الوباء. أنا أحب خدمة الناس، لكن إذا كنا صادقين، أعتقد أن كثيرا من الناس لا يحبون ذلك". وأشار إلى أن عديدا من عمال المطاعم الذين يعرفهم انخرطوا في اقتصاد الأعمال المرنة، مثل خدمة توصيل البقالة.
ارتفع معدل البطالة في الاتحاد الأوروبي بمقدار مليوني شخص إلى 15.5 مليون شخص منذ انتشار الوباء. ويقدر البنك المركزي الأوروبي أن عددا مشابها من الأشخاص قد تم تسريحهم أو تركوا العمل تماما.
رغم الركود في سوق العمل، توقعت كاتارينا أوتيرموهل، الخبيرة الاقتصادية في أليانز أن المطاعم والفنادق والمقاهي قد تواجه صعوبة في العثور على موظفين لبعض الوقت. وقالت: "ليس قطاعا مستداما من حيث ما إن كان بإمكانه البقاء مفتوحا، ماذا لو ارتفعت مستويات العدوى مرة أخرى وكان لا بد من إغلاق القطاع؟ قد يفضل الناس البقاء في وظائف أخرى".
قال فاين من فندق ميشيلبيرجر إنه يعرف مديرا واحدا في مطعم راق كان يدير المكان بنفسه قبل أسابيع فقط من إعادة الافتتاح المخطط له، وآخرين قرروا عدم فتحه بعد على الإطلاق.
انخفض عدد إعلانات الوظائف التي وضعتها مجموعات المطاعم والضيافة الألمانية انخفاضا حادا العام الماضي، لكنه انتعش بنسبة 22 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021، وفقا لستيبستون، خدمة التوظيف عبر الإنترنت. وبالمثل، ارتفعت عمليات البحث عن فرص العمل في القطاع بنسبة 27 في المائة في أبريل الماضي، مقارنة بالعام السابق.
قال توبياس زيمرمان، محلل في شركة ستيبستون: "سيعود كثير من الناس إلى قطاع الضيافة، مثل الطلاب الذين يريدون أن يتفاعلوا مع الناس مرة أخرى بدلا من أن يكونوا عالقين في غرفهم يدرسون عن بعد".
وصف زئيف روزنبرج مدير فندق أمو باي أمانو في برلين، نقص العمالة بأنه "ثورة كورونا الشخصية"، حيث قرر الأشخاص الذين عملوا ذات مرة بدوام كامل أنهم سعداء بكسب أموال أقل والعمل أقل، أو أن يحظوا بعطلة نهاية الأسبوع.
"إنك تقول للناس مرة أخرى: عليك أن تعمل. بعد شهور من الابتعاد عن العمل" قال روزنبرج ذلك بينما كان طباخوه يشوون السندويشات في مطبخ مفتوح. ويضيف: "النظام بأكمله يتغير للموظفين، وهذا غريب بالنسبة لنا".