عقارات الحكومة

الأرقام التي أعلنتها الهيئة العامة لعقارات الدولة، قبل أيام، ونشرتها «الاقتصادية»، تعطي مؤشرات مهمة في إدارة الموارد، ومكافحة الفساد، وحفظ المال العام.
خلال عام 2020 تحققت من خلال الهيئة وفورات في محفظة استئجار المنظومة الحكومية للمباني بقيمة 206 ملايين ريال وبإجمالي مبالغ تتجاوز (315 مليون ريال)، منها (109 ملايين ريال) من خلال توفير مقار حكومية بديلة للمستأجرة، وعبر استخدام وتوظيف مبان حكومية غير مستغلة.
الهيئة تمكنت كذلك من زيادة ونمو حجم المساحات التي تمت المحافظة عليها، إذ بلغت عام 2020 (67.5 مليون م2) مقارنة بـ (40 مليون م2) عام 2019، والمعنى المستخلص من الأرقام أن الهيئة أضافت محركا جديدا للاقتصاد الوطني.
من الواضح أن الخطوات التالية للهيئة ستكون استثمار هذه الموارد، ولعلنا نسدل الستار على واحدة من أطول قصص الهدر التي لم تخل من الفساد، فجميعنا يعلم أن عقارات حكومية كثيرة وضعت في المخططات كمرافق اختفت وبيعت، ثم تعود الحكومة لتبحث عن مقار لمرافقها لتستأجرها، وتحدث أحيانا في عمليات التأجير أنواع من "الواسطات" أو الفساد تم الإعلان عن بعضها من قبل "مكافحة الفساد". اليوم أعتقد أن المباني الحكومية الجديدة يجب أن تعتمد على مبدأ الارتفاع وليس مبدأ الاتساع الأفقي، وهي لم تعد في حاجة إلى مساحات كبيرة وساحات مواقف مع التقدم الرقمي الهائل في إنجاز المعاملات الحكومية.
إذا سارت الهيئة على هذا المنوال ربما قريبا تقترب فاتورة استئجار الحكومة للعقارات من الصفر، وتصبح مجرد حالات نادرة وفي أماكن معينة، لأن كثيرا من المواقع الحكومية ستفيض منها مساحات كثيرة يمكن تخصيصها لجهات جديدة أو أخرى تحتاج إليها.
كان من أغرب الممارسات أن تتجه بعض الجهات الحكومية إلى الاستئجار في أغلى الطرق التجارية حيث القيمة العالية جدا، والعمولات المرتفعة أيضا، وأحسب أن هذه الممارسة في طريقها إلى الزوال، بل أحسب أن بعض المواقع المملوكة منذ فترة طويلة وأصبحت جاذبة استثماريا قد تحولها الهيئة إلى استثمارات قوية لدعم محفظتها.
أيضا هناك عامل بيئي وجمالي مهم، إذ ستكون مباني ومنشآت الجهات الحكومية بناء على تصميمها وبما يتوافق مع وظيفتها، بدلا من المباني المستأجرة التي غالبا ما تكون عمارة لم يتم بناؤها لتكون مرفقا حكوميا.
كتبت قبل أعوام عن الهدر في الإيجارات الحكومية تحت عنوان "الحكومة مستأجرة"، وبفضل رؤيتنا ومكافحتنا الهدر والفساد أصبحت - أو ستصبح - الحكومة مؤجرة للعقارات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي