قطاع الشحن يتطلع إلى استبدال الهيدروجين بالوقود الأحفوري
أطلقت مجموعة CBMC البلجيكية أول سفينة تعمل بالبخار، إس إس ليبولد، في رحلتها الأولى من أنتويرب إلى الكونغو في 1895. اليوم، شركة CMB، خليفة المجموعة من الحقبة الاستعمارية، تحمل الركاب بين المدينة البلجيكية ومدينة كرويبيك القريبة على عبارة تعمل بالهيدروجين.
قال أليكس سافيريز، الرئيس التنفيذي لشركة CMB وسليل واحدة من أقدم عائلات الشحن في بلجيكا، "هذه هي ثورة الطاقة الرابعة في مجال الشحن - من التجديف إلى الأشرعة إلى المحرك البخاري إلى محرك الديزل وعلينا تغييرها مرة أخرى".
ينتج قطاع الشحن نحو 3 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية ومن دون اتخاذ إجراء، من المحتمل أن ترتفع مساهمته لعقود من الزمن مع نمو التجارة العالمية. تريد المنظمة البحرية الدولية، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة تنظم الصناعة العالمية، خفض تأثيرها إلى النصف على الأقل بحلول 2050.
كثير من الشخصيات في الصناعة تعلق آمالها على الهيدروجين الأزرق أو الأخضر - الذي يتم إنتاجه باستخدام الغاز الطبيعي مع التقاط الكربون أو الكهرباء المتجددة الذي ينتج الماء فقط عند احتراقه - للمساعدة على الابتعاد عن وقود الفحم الحجري الملوِث.
قال لاسي كريستوفيرسين، الرئيس التنفيذي لشركة تورفالد كلافينس النرويجية، "ليس هناك شك حول ما إذا كان الهيدروجين سيكون ناقل الطاقة لقطاع الشحن في 2050. السؤال هو كيف ننتجه وما الشكل الذي نستخدمه كناقل؟".
لكن المسؤولين التنفيذيين الذين يشغلون السفن الضخمة التي تتنقل في جميع أنحاء الكوكب التي تنقل كل شيء من المواد الخام إلى السلع الاستهلاكية، يشككون في أن الهيدروجين يمكن أن يلعب أكثر من دور بسيط في انتقال الوقود.
في حين أن المشاريع التجريبية مثل مشروع شركة CMB تثبت أن الهيدروجين قابل للتطبيق على نطاق صغير على طرق محددة مع وجود بنية تحتية لإعادة التعبئة، إلا أن 85 في المائة من انبعاثات القطاع تأتي من ناقلات البضائع السائبة وناقلات النفط وسفن الحاويات، وفقا لتحليل أجرته رويال داتش شل. لا شيء يمكنه تشغيلها بكفاءة وتكلفة زهيدة مثل الوقود الأحفوري.
قال باد دار، نائب الرئيس التنفيذي لشركة ميديترينيان شبينج MSC، ثاني أكبر مجموعة لشحن الحاويات في العالم، "لن يكون من السهل إزالة الكربون من هذا القطاع. حاجة الشحن عبر المحيطات إلى الاستقلالية تتطلب منا حمل كمية كبيرة من الوقود. نحن بحاجة إلى مجموعة من أنواع الوقود البديل على نطاق واسع ونحتاج إليها بشكل عاجل. نحن منفتحو الذهن ونستكشف جميع الحلول الممكنة".
يحتوي الهيدروجين على كثافة طاقة منخفضة مقارنة بزيت الوقود الثقيل. تخزينه في شكله السائل بدرجة حرارة أقل من 253 درجة مئوية تحت الصفر يتطلب خزانات تبريد ثقيلة تشغل مساحات كبيرة ومكلفة، ما يجعله غير مجد لسفن الشحن الكبيرة.
قال مورتن بو كريستيانسن، رئيس قسم إزالة الكربون في شركة أيه بي مولر ميرسك AP Moller-Maersk، المنافِسة الأكبر لشركة MSC، "مع الوضع الحالي للتكنولوجيا، لا يمكننا استخدام الهيدروجين لتزويد سفننا بالوقود".
لكن أصبحت الصناعة متفائلة بشكل متزايد بشأن استخدام وقود الأمونيا، وهو مركب من الهيدروجين والنيتروجين، لتزويد السفن العاملة في التجارة العالمية بالوقود دون إصدار غازات الدفيئة.
على الرغم من كونه ذا رائحة كريهة وساما، إلا أن من السهل تسييل الأمونيا، ويتم نقله بالفعل في جميع أنحاء العالم على نطاق واسع ويحتوي على نحو ضعف كثافة الطاقة الموجودة في الهيدروجين السائل.
قال رازموس باخ نيلسن، الرئيس العالمي لإزالة الكربون من الوقود في شركة ترافيجورا لتجارة السلع، "أنواع وقود النقل الأنقى وأكثرها واقعية في المستقبل هي الأنواع القائمة على الهيدروجين بما في ذلك الأمونيا الأخضر".
تعتقد شركات صناعة المحركات أن التكنولوجيا في متناول اليد. قالت شركة وارتسيلا Wärtsilä الفنلندية إنها ستكون جاهزة لتوسيع نطاق المحركات الجاهزة للأمونيا بحلول نهاية العام المقبل، بينما تخطط شركة مان إينرجي سوليوشنز Man Energy Solutions الألمانية لتسليم ناقلة نفط تعمل بالأمونيا في 2024. قالت الشركتان إلى أن تصبح البنية التحتية للإمداد جاهزة، ستكون المحركات الجديدة متوافقة مع الوقود المسبب للتلوث.
تقريبا كل الكمية البالغة 176 مليون طن من الأمونيا المنتجة سنويا، معظمها للأسمدة، تستخدم حاليا الهيدروجين "الرمادي" المستخرج من الغاز الطبيعي في عملية كثيفة الطاقة ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون.
إنتاج الأمونيا الخالية من الكربون على نطاق واسع يعد مهمة صعبة. ستكون هناك حاجة إلى نحو 150 مليون طن لتلبية 30 في المائة من طلب وقود الشحن بحلول 2050، وفقا لتقرير صادر عن شركة المحفزات Haldor Topsoe. سيتطلب ذلك 1500 تيراواط ساعة من الطاقة المتجددة، أي ما يعادل تقريبا إجمالي الإنتاج العالمي من طاقة الرياح في العام الماضي.
جيوب من صناعة الشحن تطالب الآن بفرض ضريبة عالمية على الكربون لتسريع إنتاج واعتماد أنواع الوقود من الجيل التالي.
قال باخ نيلسن: "التكنولوجيا موجودة وجاهزة. الآن نحن بحاجة إلى التنظيم".
لكن مع وجود 174 دولة عضو في المنظمة البحرية الدولية بما في ذلك منتجو النفط ومصدرو السلع، فإن التوصل إلى اتفاق بشأن سعر الكربون ليس بالمهمة السهلة. من المقرر أن يقدم الاتحاد الأوروبي مقترحات في حزيران (يونيو) لتضمين الشحن في مخطط تداول الانبعاثات الخاص به، لكن المديرين التنفيذيين للشحن يعتقدون أن ضريبة الكربون العالمية يجب أن تكون أعلى عدة مرات من الأسعار القياسية الحالية للاتحاد الأوروبي التي تزيد على 47 يورو للطن لكي تجعل وقود الهيدروجين تنافسيا.
من المحتمل أن يكون أي انتقال إلى الوقود القائم على الهيدروجين أو الهيدروجين عملية طويلة نظرا لحذر الصناعة من التحول إلى وقود أحفوري أقل تلويثا. حتى الآن، سيتم تشغيل 11 في المائة فقط من السفن الجديدة قيد الطلب بواسطة الغاز الطبيعي المسال بالدرجة الأولى، وفقا لشركة Drewry الاستشارية.
جهود إزالة الكربون على المدى المتوسط من قبل أكبر شركات الشحن تركز بشكل أساسي على أنواع الوقود الاصطناعي والوقود الحيوي منخفض الكربون.
شركة ميرسك، التي تخطط لإطلاق أول سفينة لها خالية من الكربون في 2023، تدعم الميثانول - إما الميثانول الحيوي المشتق من مواد النفايات مثل الخشب وإما الميثانول الكهربائي المنتج من ثاني أكسيد الكربون المحتجز والهيدروجين الأخضر. شركة CMA CGM الفرنسية تستثمر في الميثان الحيوي. كلاهما متوافق مع المحركات الحالية.
يقول المنتقدون إن موارد الكتلة الحيوية اللازمة للميثانول الحيوي محدودة، وأن الإنتاج يمكن أن يؤدي إلى مشكلات بيئية مثل إزالة الغابات وتدهور المياه. كما يشيرون إلى حقيقة أنه بينما يمتص الوقود الاصطناعي ثاني أكسيد الكربون عند إنتاجه، فإنه يصدره مرة أخرى عند الاحتراق.