FINANCIAL TIMES

مرة أخرى .. ديون الهامش والرفع المالي يطلقان إشارات الخطر

مرة أخرى .. ديون الهامش والرفع المالي يطلقان إشارات الخطر

أركيجوس، صندوق مكتب العائلة الذي انهار أخيرا، جمع ديونا بلغت 50 مليار دولار.

عندما انهار صندوق أركيجوس الشهر الماضي، أظهر مرة أخرى مخاطر تحمل ديون الهامش المفرطة.
على الرغم من أنه كان مكتب عائلة غير معروف آنذاك، إلا أن أركيجوس جمع قروضا بقيمة 50 مليار دولار بحسب تقارير صادرة من عدد من البنوك، مثل ميزوهو كريدي سويس، لشراء أسهم محفوفة بالمخاطر. عندما فشلت تلك الرهانات تجاوزت خسائره عشرة مليارات دولار، استنادا إلى النتائج الأخيرة من البنوك التي قدمت تلك القروض.
هذا مبلغ مذهل. لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن أركيجوس بعيد عن كونه الصندوق الوحيد الذي يتحمل ديونا هامشية كبيرة - وهي الأموال التي يقترضها المستثمر من شركات الوساطة للتداول في الأسواق المالية.
تظهر البيانات التي جمعتها هيئة تنظيم الصناعة المالية أن إجمالي الديون الهامشية في جميع أنحاء وول ستريت بلغ 822 مليار دولار بحلول نهاية آذار (مارس) – بعد انهيار صندوق أركيجوس. هذا تقريبا ضعف المستوى البالغ 479 مليار دولار في مثل هذا الوقت من العام الماضي وأكثر بكثير من الذروة البالغة 400 مليار دولار التي وصلت إليها الديون الهامشية في 2007، قبل الأزمة المالية مباشرة.
لوضع هذه الأرقام ضمن المنظور، يبين صندوق أيه بي بي إنفيست ABP Invest ـ مقره لندن ـ أن الديون الهامشية الأمريكية خلال طفرة الدوت كوم في 2000 وطفرة الائتمان في 2007، وصلت إلى ذروة بحدود 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. الآن تبلغ نحو 4 في المائة.
جون والدرون، كبير الإداريين التشغيليين في جولدمان ساكس، أبلغ نادي الاقتصاد في نيويورك الأسبوع الماضي أن "هذا (مستوى) مذهل من الديون الهامشية". هذا صحيح تماما - ولا سيما أنه قيل إن بنك جولدمان كان "معرضا للغاية" لصندوق أركيجوس، على الرغم من أنه تمكن على ما يبدو من الخروج من مراكزه وتجنب خسائر كبيرة.
هل كل هذا خطير بالنسبة للأسواق؟ تعتمد الإجابة على ما تعتقد أنه سيحدث لأسعار الأصول. إذا كنت تعتقد أنها ستواصل الارتفاع بينما تبقى تكاليف الاقتراض منخفضة جدا، فإن الجواب هو "لا". في الواقع، يبدو أن كثيرا من المستثمرين والبنوك الاستثمارية واثقون بأن ذلك هو ما يحدث.
يتوقع الاحتياطي الفيدرالي أن الاقتصاد الأمريكي سيحقق معدل نمو كبيرا بنسبة 6.5 في المائة هذا العام. ينبغي أن يؤدي ذلك إلى تعزيز أرباح الشركات ودعم أسعار الأصول، خاصة وأن الشركات الأمريكية تخطط لتمرير أي ارتفاع في أسعار شركات الإنتاج إلى المستهلكين بدلا من ترك أرباحها تتأثر.
كذلك لا يوجد أي مؤشر على رغبة الاحتياطي الفيدرالي في زيادة تكاليف الاقتراض. جادل يوم الأربعاء بأن الارتفاع الأخير في التضخم كان "عابرا" ولا بد من تحقيق "تقدم كبير آخر" في توفير الوظائف قبل تغيير سياسته. سكوت مينيرد، رئيس مجموعة جوجنهايم الاستثمارية، هو أحد خبراء المال الذين يعتقدون الآن أنه "يمكن تأجيل أول رفع لأسعار الفائدة إلى 2025".
ربما الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الأسواق لا تضغط على تكاليف الاقتراض إلى الأعلى أيضا. خلال الأسبوعين الماضيين، بقي العائد على السندات الأمريكية لأجل عشرة أعوام أقل من 1.7 في المائة، على الرغم من أن أسعار المواد الاستهلاكية في الولايات المتحدة ارتفعت 0.6 في المائة في آذار (مارس) عما كانت عليه في شباط (فبراير)، وهذا أسرع ارتفاع منذ عقد تقريبا.
هذا يبدو كأنه تصويت كبير على ثقة السوق بالاحتياطي الفيدرالي، إذا كنت تنظر إلى الأسواق على أنها آلة وزن ذات كفاءة لآراء المستثمرين بشأن اتجاهات الاقتصاد الكلي. مع ذلك، هناك سبب آخر وراء بقاء عوائد السندات غير متأثرة نسبيا. قد يكون ذلك بسبب تغيير غير عادي في طريقة تدفق السيولة في جميع أنحاء النظام المالي الأمريكي.
مثلا، مات كينج، من مجموعة سيتي، قال للعملاء أخيرا إن أحد الأسباب وراء بقاء عوائد السندات منخفضة - وارتفاع أسواق الأسهم - هو أن الاحتياطي الفيدرالي كان يطلق الأموال بهدوء في السوق، عبر البنوك، من ما يسمى الحساب العام لوزارة الخزانة الأمريكية.
قبل عام وضعت وزارة الخزانة الأمريكية 1.6 تريليون دولار في ما يعد في الأساس حسابها الجاري، الذي يحتفظ به الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، كما تشرح نشرة ملخصة مفيدة من جيه بي مورجان. هذه القفزة الكبيرة عن المستوى السابق، نحو 400 مليار دولار، كانت للتعامل مع صدمات كوفيد - 19. الآن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بهدوء بتخفيضه إلى مستويات ما قبل الوباء.
يعتقد كينج أن ضخ السيولة هذا "طغى على الأساسيات"، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأصول. لكنه يحذر أيضا من أن الديناميكية ستنعكس في وقت لاحق من هذا العام عندما ينخفض رصيد الحساب إلى مستويات ما قبل الوباء، ما يتسبب في انخفاض أسعار الأصول.
إذا كان الأمر على هذا النحو، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من القلق بشأن مخاطر المستويات المرتفعة من الديون الهامشية. وذلك القلق سيزيد فقط، إذا حدث، تنفيذ الخطط الضريبية الجريئة لإدارة بايدن بطريقة تقوض أرباح الشركات وبالتالي تخفض أسعار الأسهم.
قبل كل شيء، واقعة صندوق أركيجوس كانت درسا مكررا في كيفية عدم قلق أي أحد عادة بشأن الرفع المالي المفرط أثناء ارتفاع أسعار الأصول. ولا تظهر المفاجآت السيئة إلا عندما تتعثر الصناديق فجأة، لأسباب فردية، أو على مستوى النظام.
كما يقول ثانوس باباسافاس، مؤسس صندوق ABP: "المال رخيص، لذلك لا ينبغي أن نستغرب المستويات المرتفعة من نسبة الديون إلى الأسهم والهامش (لكن هذا يوفر) مكونات رائعة لبعض هشاشة السوق التقليدية".
خبراء المال الأذكياء بالطبع يدركون هذا تماما ولا شك أن أذكى الوسطاء الماليين الرئيسين يقومون بالفعل بتخفيض قروضهم الهامشية. مثلا، يقول والدرون، من جولدمان، إن البنك "يراقب ذلك بعناية".
بالنسبة لبقية الناس من معظمنا، هذا تذكرة مفيدة بأن الأساسيات مثل الأرباح وأسعار الفائدة المنخفضة يمكن أن تفسر جزءا من الارتفاع في أسعار الأصول اليوم. لكنها ليست سوى جزء من الحكاية. مثلما كان صحيحا في 2007، تماما قبل انفجار الأزمة المالية، يمكن للسيولة والرفع المالي أن تكون لهما أهمية كبيرة بالقدر نفسه تماما – حتى ولو كان من الصعب مراقبتهما وبالتالي تجاهلهما في الغالب.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES