الطاقة- النفط

«ريستاد إنرجي»: تعافي الاقتصاد العالمي مستمر .. وتهديدات الجائحة تبقي «أوبك +» في يقظة دائمة

«ريستاد إنرجي»: تعافي الاقتصاد العالمي مستمر .. وتهديدات الجائحة تبقي «أوبك +» في يقظة دائمة

اختتمت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع، بينما صعدت على أساس أسبوعي، حيث كسب خام برنت 1.7 في المائة والخام الأمريكي 2.3 في المائة، كما أنهيا الشهر على مكاسب بنحو 8 في المائة، و6 في المائة، على الترتيب.
وتعود تقلبات وخسائر الأسعار إلى ضغوط ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا في الهند واليابان، ما يهدد تعافي الطلب العالمي على النفط الخام والوقود. وتواصل مجموعة "أوبك+" جهود احتواء تقلبات السوق حيث بدأت من أول أيار (مايو) الجاري في إجراء زيادات إنتاجية تدريجية تبلغ نحو 500 ألف برميل يوميا بشكل شهري لتضيف إلى المعروض النفطي العالمي نحو مليوني برميل يوميا في أول يوليو، وتشمل وقف التخفيضات الطوعية السعودية البالغة مليون برميل يوميا لارتفاع الطلب المحلي خلال أشهر الصيف الحالية.
وفي هذا الإطار، شدد تقرير شركة ريستاد إنرجي الدولية على أن الأزمة المأساوية الحالية في الهند تذكير بأن الطريق إلى الانتعاش ليس سريعا أو سلسا، وأن الطلب على النفط لا يزال معرضا للخطر بشكل كبير على المدى القريب، لافتا إلى أنه بشكل عام تشير الأساسيات العالمية الكلية إلى أن التعافي الاقتصادي مستمر بالفعل، لكن اندلاع جائحة كورونا سيستمر في إحباط التقدم وسيمثل بالفعل تهديدا مستمرا، ما يدفع مجموعة "أوبك+" إلى البقاء في حالة يقظة مستمرة.
وتوقع التقرير الدولي أن يؤدي تصاعد الإصابات بجائحة كورونا في الهند إلى تضخم الإمدادات ووفرة المعروض من النفط الخام عالميا بنحو أكثر من 1.4 مليون برميل يوميا، موضحا أن التفاؤل في سوق النفط لا يزال مدفوعا بالتقدم المستمر في التعافي على نطاق واسع في الطلب على منتجات المستخدم النهائي مثل البنزين والديزل ووقود الطائرات، وبالتالي فإن الانتكاسة في الهند ستكون لاذعة خاصة إذا كانت المصافي غير قادرة على تقليل التشغيل إلى مستوى مقبول لتجنب بناء المخزونات.
وعد أن السؤال الكبير بالنسبة إلى الهند سيكون هو: كيف تتفاعل مصافيها مع الانخفاض المفاجئ في الطلب المحلي؟ لافتا إلى أن الهند - التي طالما انتقدت الأسعار المرتفعة للنفط الخام وحثت "أوبك+" على زيادة الإنتاج - قد تقرر خفض عمليات المصافي استجابة لهذه الفترة المتأزمة نتيجة انخفاض الطلب المحلي.
وأضاف أنه "نظرا إلى أنه لا يتم استهلاك جميع المنتجات المكررة محليا ويتم تسويق عديد منها في الخارج، فقد تلتزم بعض المصافي الأكثر تعقيدا وربحا بالعمل كالمعتاد، وأن الارتفاع الحاد في إصابات الجائحة في الهند والوضع المتدهور باستمرار في البلاد دفعا إلى خفض تقدير نمو الطلب العالمي على السوائل على المدى القصير بشكل كبير". موضحا أن الأزمة في الهند ستؤدي إلى خفض 575 ألف برميل يوميا إضافية من الطلب على سوائل النفط في أبريل و915 ألف برميل يوميا في مايو 2021، ما يزعج سوق النفط العالمية، التي كانت قبل الأزمة الهندية في حالة شبه توازن، وسينعكس الأمر على احتمال حدوث تخمة كبيرة في المعروض.
ولفت إلى أن الأزمة في الهند تتزامن مع عودة "أوبك+" إلى زيادة الإنتاج وتخفيف قيود تقليص إنتاجها النفطي، مرجحا أن خسارة الطلب من أحد أكبر مستهلكي النفط الخام في العالم ستؤدي إلى فائض في إمدادات سوائل النفط العالمية بمقدار 0.9 مليون برميل يوميا في أبريل و1.4 مليون برميل يوميا في مايو 2021، مشيرا إلى أنه بمراجعة بيانات الهند الاقتصادية في الوقت الحالي نجد أن حركة المرور في المدن الكبرى مثل مومباي وبنجالور ونيودلهي تتراجع مقارنة بالفترة نفسها خلال الموجة الأولى من عمليات الإغلاق في الهند قبل عام.
وذكر أنه تم فرض أعلى حالات حظر التجول ليلا في عطلة نهاية الأسبوع في عديد من الولايات وتم تطبيق عمليات إغلاق صارمة بين عشية وضحاها، حيث أغلقت الشركات غير الأساسية وتم تقييد تشغيل وسائل النقل العام، ومع ذلك فقد امتنعت الحكومة الفيدرالية حتى الآن عن بدء الإغلاق العام الشامل على مستوى البلاد الذي تم فرضه في العام الماضي، حتى مع تجاوز عدد حالات الإصابة اليومية 300 ألف حالة، أي أكثر من ضعف العدد خلال ذروة الموجة السابقة.
وأوضح التقرير الدولي أنه في مدينة مومباي - على سبيل المثال - وصلت حركة المرور إلى طريق مسدود تقريبا حيث بلغت مستويات النشاط 45 في المائة فقط من المستويات العادية السابقة للوباء مقارنة بالانخفاض إلى 35 في المائة في أبريل 2020.
وأشار التقرير إلى أن حركة المرور على الطرق في الهند بلغت نحو 87 في المائة من مستويات ما قبل الجائحة، لافتا إلى أن الهنود مقيدون في حركتهم الآن تماما كما كانوا في أبريل 2020.
ولفت إلى توقع سابق يرجح أن يصل الطلب على السوائل الهندية إلى إجمالي 4.84 مليون برميل يوميا في مايو 2021، لكن زيادة حالات الإصابة بالوباء أدت إلى انخفاض هذا الطلب إلى 3.93 مليون برميل يوميا. ونقل عن محللين دوليين تأكيدهم أنه مع استمرار ارتفاع الإصابات وتهديد النظام الصحي في الهند فقد يفقد طلب الهند على النفط مزيدا من الحصص في المستقبل، ما يجعل مزيدا من التخفيضات ممكنا سواء من حيث الحجم أو المدة.
ونوه بأنه عندما أغلقت البلاد لأول مرة في نيسان (أبريل) 2020 انخفض الطلب على المنتجات إلى 3.13 مليون برميل يوميا، لكنه كان في اتجاه انتعاش ثابت خلال العام الماضي، موضحا أن الإغلاق المفاجئ والصارم للغاية الذي تم فرضه في الأيام القليلة الماضية سيؤدي إلى انخفاض الطلب بنسبة 13 في المائة في الهند في أبريل مقارنة بمارس 2021.
وأوضح أن مصافي التكرير في الهند كانت تنتج ما يقرب من 5.5 مليون برميل يوميا قبل الوباء ثم وصلت الحال إلى إنتاج 3.6 مليون برميل يوميا في ذروة صعود الوباء في أبريل 2020، مشيرا إلى أنه منذ نوفمبر 2020 كان الإنتاج ثابتا عند المستوى الشهري البالغ خمسة ملايين برميل يوميا.
وأضاف أنه "حتى الآن تظهر البيانات عن مستوى المصافي الهندية أن هناك مستويات إدخال ثابتة على الرغم من ضعف طلب المستخدم النهائي"، لافتا إلى أن ارتفاع الطلب الإقليمي على البنزين يمكن أن يساعد شركات التكرير الهندية على الحفاظ على التوازن من خلال تحفيز تدفق صادرات المنتجات البترولية.
ونوه التقرير الدولي بأن أحدث البيانات تفيد بتأجيل أكبر مصافي التكرير في الهند للصيانة بسبب نقص العمال، ما يمكن أن يدعم مصافي التكرير للحفاظ على المستويات الحالية لاستهلاك النفط الخام، عادا أنه من المحتمل أن يكون هذا سلبيا بالنسبة إلى الهوامش وستكون هناك حاجة إلى هوامش أقل لفرض انخفاض في عمليات التشغيل على المدى القريب في حالة حدوث انخفاض ممتد في الطلب على المنتجات المكررة.
وسلط الضوء على أن خسائر الطلب في الهند تأتي في وقت كان فيه عديد من منتجي النفط الآخرين على مستوى العالم يخططون لزيادة الإنتاج حيث من المقرر أن تضيف "أوبك+" وحدها مليوني برميل يوميا بحلول يوليو 2021 دون تضمين أي مخاطر صعودية محتملة على الإمدادات الإيرانية، مشيرا إلى أن أهم مخاطر ارتفاع العرض تأتي من إيران.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، هبطت أسعار النفط من أعلى مستوياتها في ستة أسابيع الجمعة مع تقليص المستثمرين مراكزهم بعد بيانات ضعيفة بشأن واردات اليابان من الخام ومخاوف حيال الطلب على الوقود في الهند، حيث تقفز الإصابات بفيروس كورونا.
وسجل خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط وخام برنت القياسي العالمي أكبر خسارة ليوم واحد في أكثر من ثلاثة أسابيع، لكنهما ينهيان الشهر على مكاسب بنحو 6 في المائة، و8 في المائة على الترتيب.
والطلب على الوقود حول العالم متباين مع ارتفاع الاستهلاك في الولايات المتحدة والصين، في حين تستأنف دول أخرى الإغلاقات لوقف المعدل المتزايد للإصابات بالفيروس.
وأنهت عقود برنت جلسة التداول منخفضة 1.31 دولار، أو 1.9 في المائة، لتسجل عند التسوية 67.25 دولار للبرميل في آخر يوم لتداول العقود تسليم يونيو.
وتراجعت عقود الخام الأمريكي تسليم يونيو 1.43 دولار، أو 2.2 في المائة، لتبلغ عند التسوية 63.58 دولار للبرميل. وأنهى برنت الأسبوع مرتفعا 1.7 في المائة، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط 2.3 في المائة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط