قراءات
رحلة إلى الهند
للروائي البريطاني إدوارد فورستر، سؤال بسيط في ظاهره عميق في باطنه، هو: هل يمكن أن تتحقق صداقة بين طرف مستعمِر وآخر مستعمَر، في الوقت الذي يجثم فيه الطرف الغالب على أرض الطرف المغلوب؟ ويورد الراوي سؤاله هذا إلى مناسبات عدة في الرواية، التي صدرت في نسختها العربية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر بترجمة عز الدين إسماعيل، ليتبين مدى القدرة العملية على تحقيق تصالح من نوع أو آخر بين الطرفين. لكن المحاولات المبذولة لهذا الغرض تبوء في الغالب بالفشل، بل إنها تعمق الهوة وتزيد اتساعها. وتأتي خاتمة الرواية التي تناولت قضية الاستعمار من منظور مختلف، يحاول التفكيك بهدوء بدل العنف، تتويجا للتعبير عن غياب أمر المصالحة جملة وتفصيلا، إذ توجز القول بأن القرار في هذا الشأن هو في يد الهند نفسها، التي ترفض سؤال المصالحة الذي يعرضه الطرف الغالب على الطرف المغلوب.
الريح في الأرض البعيدة
في رواية "الريح في الأرض البعيدة" للكاتبة السعودية سلام عبدالعزيز، تشتبك الرواية مع القضايا العربية الحديثة والراهنة، إذ نجد عبر أحداث الرواية معالجة فنية لسلسلة أحداث "الربيع العربي"، من خلال إثارة الأسئلة حول راهن ذلك "الربيع"، ومستقبله، وهي الأسئلة التي تركت عبدالعزيز الإجابة عنها للقارئ. وتحضر الأنثى في الرواية بوصفها مرتكزا سرديا ومفصليا، حيث ظلت الرواية قابضة على زمام السرد في جل مفاصل العمل، ومن خلال القضايا العديدة التي أثارتها، خلال الفترة الزمنية التي تحركت في فضائها. وجاءت الرواية من منظور فني مشتغلة على البعد التصويري لمشاهدها، بحيث تم تجسيد هواجس شخوصها من خلال مفردات الطبيعة، كما جاءت لغة السرد في إطار "السهل الممتنع، مشرعة على التراث وأمثاله الشعبية ولغته الدارجة". وتعد هذه الرواية هي الثالثة لسلام، بعد روايتي "العتمة" 2009، و"دحرجة الغبار" 2014، وقد صدرت حديثا عن دار البيروني للنشر والتوزيع في عمّان.
موت منظم
تتابع رواية "موت منظم" للكاتب المصري أحمد مجدي همام حكاية ماجدة سيمونيان، وهي امرأة هرب أجدادها من الأناضول إثر المجزرة العثمانية بحق الأرمن قبل مائة عام، وهاجروا إلى عدة دول منها مصر. وتعاني ماجدة في الفترة من 2011 حتى 2014 الفوضى الأمنية في مصر، بسبب تردي الوضع السياسي في البلاد. تتعرف إلى الصحافي الشاب عبدالرحمن سعد بصدفة غريبة، وتنشأ بينهما علاقة تتأرجح ما بين الصداقة والحب. الرواية مبنية على نظام بوليفوني يعتمد على تعدد أصوات الرواة، ولكل واحد من هؤلاء صوته الخاص المميز والمختلف عن بقية الأصوات السردية. وبطبيعة تعدد الرواة تعددت مستويات اللغة. فعبدالرحمن، على سبيل المثال، يمتلك لغة جزلة وفصيحة وأكثر انسيابية من لغة ماجدة غير خالصة العروبة. تعرض الرواية، الصادرة عن دار هاشيت أنطوان/ نوفل، تفاصيل العام الأخير من حياة ماجدة سيمونيان، وهي مقسمة إلى أربعة أقسام، يمثل كل منها فصلا من فصول العام.