سندات الخزانة .. حركة السوق الجنونية تربك المستثمرين

سندات الخزانة .. حركة السوق الجنونية تربك المستثمرين
أية إشارة على أن الضغوط التضخمية المتوقعة ستكون أكثر وضوحًا وطويلة الأمد ستوجه الضربة التالية لأسعار السندات.

يشعر مستثمرو السندات بالحيرة بعد أن أثارت بيانات اقتصادية أمريكية ممتازة في الآونة الأخيرة ارتفاعا في سندات الخزانة الأمريكية التي تعد ملاذا -وهو رد فعل للسوق يحطم الديناميكية الأنموذجية لمديري الصناديق.
تميل أسعار السندات الحكومية ذات التصنيف العالي إلى الارتفاع استجابة للأخبار السيئة، ما يؤدي إلى انخفاض العوائد. لكن يوم الخميس قبل الماضي ظهرت بوادر انتعاش قوية في الاقتصاد الأمريكي، مع تحقيق أكبر مكاسب شهرية في مبيعات التجزئة منذ عشرة أعوام ووجود أدلة متزايدة على انتعاش سوق العمل والنشاط الاقتصادي بسرعة.
بدلا من التراجع، كما توقع كثير من المستثمرين ارتفعت أسعار السندات.
وصف مايك ريدل، مدير محفظة في أليانتز جلوبال إنفسترز، حركة السوق بأنها جنونية. في أعقاب ذلك أصبح المستثمرون غير متأكدين على غير العادة، من كيفية استجابة سوق السندات الحكومية الأمريكية لأي أخبار اقتصادية جيدة أخرى، ولا سيما بالنظر إلى أن الانتعاش في الاقتصاد الأمريكي ظهرت دلائله في أسعار السندات.
قال ريدل: "قررت السوق أن التسعير تم بشكل صحيح، والأشخاص يختبرون الجوانب الإيجابية والسلبية".
في بداية هذا العام سادت أنماط أنموذجية في الوقت الذي ألحقت فيه البيانات الاقتصادية الأكثر إشراقا ضررا بسوق السندات نتيجة لما يسمى تداولات الانكماش. في الربع الأول أدت توقعات بارتفاع التضخم إلى أسوأ أداء لسندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل منذ عام 1980. الآن يبدو أن تلك الديناميكية الموثوقة تتصدع.
قال ريتشارد ماكجواير، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة في رابوبانك: "نحن نقضي كثيرا من الوقت في الحديث عن الشيء العجيب الذي يحدث. هذا في حد ذاته هو الموضوع. يوجد كثير من عدم اليقين".
يقول خبراء استراتيجيون: إن أحد العوامل المساهمة هنا هو الحجم الكبير بشكل مفرط للرهانات ضد السندات التي وضعها المستثمرون بالفعل.
أصبحت تداولات الانكماش مزدحمة باعتبار لعبة ما بعد الوباء واضحة، وفقا لديريك هالبيني، رئيس أبحاث الأسواق العالمية في MUFG.
البيانات التي جمعتها لجنة تداول العقود الآجلة للسلع تظهر أن بعض صناديق التحوط أضافت إلى رهاناتها السلبية على السندات في الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء قبل الماضي.
كتب محللون في تي دي سيكيوريتيز TD Securities في مذكرة حديثة "قد يكون الارتفاع في أسعار الفائدة يوم الخميس قبل الماضي مدفوعا جزئيا من التفكيك السريع لأموال صفقات البيع على المكشوف".
قال سوبادرا راجابا، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في بنك سوسييتيه جنرال: إن النشاط المتعلق بالتحوط المرتبط بزيادة في جمع المال من بيع السندات من قبل البنوك الكبرى -مع قيام بنك أوف أمريكا وجيه بي مورجان وجولدمان ساكس جميعها بإصدار مليارات السندات الأسبوع الماضي- أسهم أيضا في هذه الحركة.
رغم التراجع الأخير في العوائد، إلا أن توقعات أسعار الفائدة توضح أن أي فسحة في موجة بيع سندات الخزانة الأمريكية من المتوقع أن تكون قصيرة. يستهدف المحللون عوائد السندات القياسية لتكون أقرب إلى 2 في المائة بحلول نهاية العام، وفقا لـ "بلومبيرج".
قال تيم ماجنوسون، مدير محفظة أعلى في جاردا كابيتال بارتنرز: "في سوق هابطة، يمكنك الحصول على ارتفاعات حادة في السوق الصاعدة، وقد أصف هذه بأنها واحدة من تلك. إذا انتقلت بسرعة بضعة أشهر إلى المستقبل، سترى عوائد لسندات الخزانة الأمريكية أعلى مما لدينا اليوم".
يرى مشاركون في السوق أن استمرار الارتفاع يتوقف إلى حد كبير على المستثمرين الأجانب، ولا سيما في اليابان. قال إيان لينجن، وهو محلل في بي إم أو كابيتال ماركتس: إن اندفاعات الشراء يمكن أن تعزى إلى عرض من طوكيو.
أضاف "ميل المستثمرين اليابانيين لدفع المرحلة التالية من الارتفاع تعد بأن تكون سمة مميزة لحركة الأسعار خلال الأسابيع المقبلة، وسنكون متشوقين بشكل خاص لمعرفة مدى استعداد هذا المشارك المهم في سوق أسعار الفائدة الأمريكية لإضافة سندات الخزانة الأمريكية".
ساعد الطلب الأجنبي المتزايد بالفعل على تخفيف بعض القلق بشأن المزادات الضخمة المقبلة لوزارة الخزانة. بعد كثير من القلق في بداية الشهر، سارت عمليتا بيع كبيرتان من السندات الجديدة بسلاسة الأسبوع الماضي.
أي إشارة على أن الضغوط التضخمية المتوقعة هذا العام ستكون أكثر وضوحا وطويلة الأمد، ما يتوقعه المستثمرون ومجلس الاحتياطي الفيدرالي يمكن أن توجه الضربة التالية لأسعار السندات.
هيأ البنك المركزي الأمريكي السوق لمؤشرات التضخم المرتفعة في الأشهر المقبلة، لكنه أكد للمستثمرين أن الارتفاع سيكون مؤقتا وأنه يخطط لإبقاء السياسة النقدية ذات التسهيل الفائق في المستقبل المنظور. تشير مقاييس السوق الخاصة بتوقعات التضخم إلى أن المستثمرين مقتنعون إلى حد كبير بوجهة النظر الأولى، لكن مع المخاوف الزاحفة قد يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى تعديل موقفه في وقت أقرب من المتوقع.
قال مارك كيسيل، كبير مسؤولي الاستثمار للسندات العالمية في بيمكو: "إذا كانت البيانات الاقتصادية قوية للغاية خلال الأشهر المقبلة، فيمكن أن ترى الاحتياطي الفيدرالي وهو يغير نغمته. لنفترض أن تعافي الاقتصاد الأمريكي (...) قوي جدا، واللقاحات ناجحة، هذا يوجد قوة دفع كبيرة في الاقتصاد العالمي الكلي حيث إنك تبدأ بالفعل في بناء مزيد من أقساط مخاطر التضخم ويتعين على الاحتياطي الفيدرالي أن يبدأ في إعداد السوق للتراجع التدريجي".
تشير العقود الآجلة لليورو ـ دولار، وهي مقياس يتم تتبعه عن كثب لتوقعات أسعار الفائدة، إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ رفع أسعار الفائدة بحلول نهاية عام 2022، أي قبل أعوام مما اقترحه المسؤولون.
بحسب ديفيد كيلي، كبير الاستراتيجيين العالميين في جيه بي مورجان لإدارة الأصول، حتى لو لم يثبت هذا التوقيت تماما، فإن سندات الخزانة تبدو غير مستدامة عند هذه المستويات.
قال: "في نهاية المطاف الاقتصاد الذي سيكون موجودا في غضون عام ليس بإمكانه دعم عوائد سندات الخزانة لأجل عشرة أعوام التي تقل عن 2 في المائة".

الأكثر قراءة