الجريمة المالية المنظمة

عند قراءة بيان شرطة الرياض عن القبض على شبكتين إجراميتين لعصابات احتيال في التعاملات المالية، الذي كشف عن العثور على 4800 شريحة اتصال محلية مع واحدة منهما، تذكرت فوضى توثيق الشرائح حينما كانت أجهزة التبصيم متوافرة في أكشاك محال بيع أجهزة الهواتف وإكسسواراتها وتحت يد عمالة، ما أعاد إلى الذاكر قضية شبيهة بها، وإن كان مجالها مختلفا، لكن غير بعيد، في زمن سابق تم فتح تغيير المهنة للعمالة بشكل لا يختلف عن توثيق شرائح الاتصال تلك الفترة.
حاليا، ندفع ثمن ذلك الاستعجال والارتجال الذي لم يحسب للجانب الأمني حسابه المطلوب.
نحن أمام جريمة رقمية مالية منظمة، في الواجهة ستة من الهنود والباكستانيين، مع دعم من شخصين في الخارج، ومن الداخل يوفر لهم أربعة بنجلادشيين شرائح الاتصال، من في الداخل تم القبض عليهم في مناطق الرياض ومكة المكرمة والشرقية، ما يشير إلى التنسيق والترابط، أيضا الجهد الكبير الذي بذله رجال الشرطة.
تفردت هذه الشبكة في طريقة احتيال ونصب جديدة، الفخ أو شبكة الصيد كان طلب الوظيفة، وما يتبعه من طلب معلومات واتصال مرئي يوهم بمقابلة شخصية للوظيفة، ليزيد من ثقة المستهدف فيقوم بإعطاء معلومات لا يصح إفشاؤها، ثم يكتشف أنه تم الحصول على قرض باسمه من شركة وصفها البنك المركزي بشركة تمويل "مرخصة حديثا"، ولا نعلم حتى الآن هل كان لأحد في هذه الشركة علاقة بشبكات الاحتيال أم لا؟ وهل تم سد الثغرة "التقنية" التي نفذ منها المجرمون للحصول على قروض بأسماء آخرين غافلين، وهو شرخ لم أستطع ومعي كثير فهم كيف حدث؟ كل هذه الأسئلة يفترض الإجابة عنها لتعزيز الثقة بخدمات رقمية يتم التوسع فيها.
لاشك أن مسؤولية الفرد عدم إفشاء معلوماته الخاصة البنكية، بالذات أرقامه السرية، ومنها رقم التحقق، وهو هنا يتحمل المسؤولية، أما بطاقة الهوية فهي مطلوبة قسرا في كثير من الاحتياجات، وستجد لها صورا حتى عند تسلم عاملة منزلية من يد عامل آسيوي، أو في فندق، وكذلك الآيبان للحساب البنكي، الذي يمكن تناقله في عمليات تسديد أو إيداع.
ومع كثرة الحديث عن التطور الرقمي والذكاء الاصطناعي، ينتظر من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وهي الجهة المنظمة لشركات الاتصالات، الخروج بحل ذكي اصطناعي للقضاء على شرائح الاتصالات التي تستخدمها العصابات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي