Author

ازدواج

|
تنعكس التغيرات الديموغرافية على كثير من مناحي الحياة، وعلى سلوكيات وعادات تتغير مع تغير الديموغرافيا كما افترض، وكون نسبة الشباب في مجتمعنا عالية، فإن ذلك يفرض أشياء أو أوضاعا معينة، سأتحدث عن أحدها وهو سلوكيات الغذاء أو عادات الأكل.
نعرف جميعا أن الشباب والمراهقين هذه الأيام يفضلون الأكل من خارج المنزل عن طريق تطبيقات الطلبات والتوصيل، وأيضا الأكل خارج المنزل، إذا تمكنوا من ذلك تبعا للعمر ومستويات الصرامة في المنزل، هذه حقيقة نعيشها ولو كنا غير سعيدين بها.
الآباء والأمهات ممن هم في منتصف العمر وأعلى، درجوا على شراء "المقاضي" الغذائية أسبوعيا أو شهريا بوتيرة لم تتغير كثيرا، وبكميات توفر الغذاء للوجبات الثلاث يوميا للفترة التي تغطيها هذه المشتريات، لكن الأبناء والبنات، لا يأكلون الوجبات الثلاث من إعداد المنزل في جميع الأيام، والأمر يختلف من أسرة لأخرى، ويتمايز تبعا للحالة الاقتصادية.
إذن، نحن إزاء نسبة غير قليلة من المجتمع تشتري أغذية لا تستهلكها، أحيانا من باب "عدم التقصير"، أو من باب العادة، أو من باب الأمل في إغراء المراهقين بأكل المنزل، وهذه الأخيرة أصبحت صعبة المنال خاصة في يومي الإجازة الأسبوعية إن لم يكن في معظم أيام الأسبوع.
هذا الازدواج في رأيي، هو أحد أسباب الهدر الغذائي الحالية التي تنضم إلى أسباب أخرى مثل سلوكيات الطفرة، أو الفهم الخاطئ للكرم، أو ممارسات بعض أنواع المطاعم فيما يتعلق بالكميات. رأى معظمنا أرقام الدراسة التي أعدتها المؤسسة العامة للحبوب ونشرتها "الاقتصادية" قبل أيام، رأيناها وتألمنا، ومصدر الألم ليس فقط الفاقد المالي من الهدر الغذائي الذي يكلف بلادنا 40.4 مليار ريال سنويا على أساس الإنفاق الاستهلاكي، لكنه أيضا ألم الخوف من الله المنعم علينا، بعد أن وصل حجم الهدر وفقا للسلع المستهدفة إلى 4.06 مليون طن، وهو رقم كبير، عليك فقط أن تتخيله حجما.
الأرقام التفصيلية تشمل أساسيات الغذاء، الخبز والدقيق، والأرز، واللحوم، والخضراوات، والفواكه، وهي بتأمل بسيط الأشياء التي نشتريها أسبوعيا، ولا تستهلك بسبب ما أشرت إليه أعلاه.
يبدو أن من خطوات التوازن المطلوب النظر إما إلى عادات المراهقين، وإما إلى عاداتنا نحن الآباء والأمهات في الشراء، وأحسب أن هذه أولى خطوات إصلاح هذا الملف للحفاظ على النعم، وعلى المال، وابتغاء الأجر من الله.
أعلم أن هذه جزئية من منظومة، لكني أحسبها هنا في السعودية ومع طفرة المطاعم والمقاهي لها وزنها النسبي في هذه المعادلة. الهدر كبير والمطلوب كثير.
إنشرها