FINANCIAL TIMES

لا لحليب البقر .. أوتلي حليب نباتي يتطلع لغزو الأسواق العالمية

لا لحليب البقر .. أوتلي حليب نباتي يتطلع لغزو الأسواق العالمية

عبوات حليب أوتلي المصنوع من الشوفان.

العلامة التجارية السويدية "أوتلي" فاجأت الأمريكيين في شباط (فبراير) بإعلان غريب خلال بطولة كرة القدم الأمريكية، غنى فيه رئيسها التنفيذي بشغف "واو، لا للبقر" أثناء العزف على بيانو كهربائي في أحد الحقول.
في وقت لاحق من هذا العام من المتوقع أن تظهر الشركة المصنعة للحليب النباتي على مجموعة مختلفة من الشاشات: فهي تخطط لعملية إدراج في نيويورك يمكن أن تقدر قيمة المجموعة بما يصل إلى عشرة مليارات دولار.
طموح العلامة التجارية التي كانت في السابق علامة متخصصة، أثار الدهشة في أرجاء صناعة المواد الغذائية. أطلق عليها أحد المديرين التنفيذيين اسم "بيتكوين المستندة إلى النبات". لكن مؤيدي المجموعة يشيرون إلى تحول نحو المنتجات الصديقة للبيئة بين المستهلكين الذين يدعمون المبيعات في أوتلي، التي تحاول غزو السوقين الصينية والأمريكية.
تم إطلاق أوتلي في السويد في التسعينيات، لكن النمو تسارع بعد أن تولى الرئيس التنفيذي، توني بيترسون، المنصب في 2012 وإدخاله تغييرات واسعة في عملية التسويق ـ كان يفتعل المعارك حول الاستدامة مع صناعة الألبان.
اكتسبت أوتلي شهرة دولية بعد دخولها الولايات المتحدة في 2016، مع التركيز على المقاهي وصورة صانع القهوة الذي يقدم الكابتشينو مع زبد مثل زبد حليب البقر.
الضجة حول العلامة التجارية أدت في 2018 إلى نقص في المقاهي تقدم حليب أوتلي، لكن بعد انتشار الوباء تم تغيير مسارها إلى التجارة الإلكترونية وتتوقع الآن أن تتضاعف المبيعات إلى 800 مليون دولار هذا العام.
وصف بيترسون طفرة حليب الشوفان بأنها "في أوائل بداية المنحنى". وقال لفاينانشيال تايمز العام الماضي إن قاعدته الاستهلاكية الأساسية من جيل الألفية والجيل Z الذي يليه، ستكون لديها قوة شرائية أكبر في غضون خمسة أعوام.
أوتلي هو حليب الشوفان الأكثر مبيعا في متاجر التجزئة في الولايات المتحدة والسويد وألمانيا والمملكة المتحدة، ما يساعده على أن يصبح ثاني أفضل حليب نباتي مبيعا في الولايات المتحدة بعد اللوز، متفوقا على فول الصويا الذي كانت له شعبية في وقت مضى، وفقا لمجموعات البيانات IRI ونيسلن وSPINS.
لكن مع نمو الطلب، زادت المنافسة أيضا، ما دفع بعض المديرين التنفيذيين والمحللين إلى التساؤل عما إذا كان بإمكان أوتلي الحفاظ على الزخم.
قالت كاميلا بارنارد، المؤسسة المشاركة لشركة روود هيلث Rude Health التي تصنع الألبان النباتية ـ مقرها لندن ـ إن هناك الآن "مئات العلامات التجارية" تتراكم. أضافت "تزدحم (السوق) حقا - يبدو أن هناك علامة تجارية جديدة لحليب الشوفان كل يوم".
إلى جانب مجموعة الشركات الناشئة، دخلت مجموعات الطعام الدولية في المعركة، بما في ذلك شركة دانون الفرنسية، مالكة البرو Alpro، وشركة نستله، أكبر شركة لصناعة المواد الغذائية في العالم، التي جربت حظها بمنتجات في البرازيل.
أحد المديرين التنفيذيين لدى إحدى مجموعات الأغذية متعددة الجنسيات لاحظ الفجوة بين التقييم المحتمل لشركة أوتلي والمضاعفات المتواضعة التي تدفع عادة لشركات المواد الغذائية والمشروبات التي تبلغ إيراداتها حوالي ثلاثة أضعاف إيرادات أوتلي. قال المسؤول التنفيذي إن مبلغ عشرة مليارات دولار لشركة أوتلي التي تخسر المال "يبدو تقريبا مثل عملة بيتكوين نباتية".
سيواجه الحليب النباتي أيضا منافسة من التكنولوجيا الجديدة: ينتج أصحاب المشاريع حليبا اصطناعيا خاليا من المكونات الحيوانية ومنتجات ألبان باستخدام نسخ معدلة من الحمض النووي للبقر.
هناك أيضا أسئلة حول القيمة الغذائية للألبان النباتية. بحسب مجموعات طبية وفي مجال التغذية، بما في ذلك الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، لا ينبغي إعطاء معظم الأطفال دون سن الخامسة حليبا نباتيا لأن معظمه - باستثناء مشروبات الصويا المدعمة - يفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية الموجودة في الحليب.
قال ديفيد جوليان مكلمينتس، أستاذ علوم الغذاء في جامعة ماساتشوستس، إن الحليب الطبيعي له "وضع غذائي جيد حقا. تحاول أنواع الحليب النباتي محاكاة مظهر وملمس ومذاق الحليب الحقيقي، لكنها غالبا ما تفتقر إلى الخصائص الغذائية".
أضاف أن الحليب النباتي سيشمل، مع تحسن التكنولوجيا، المزيد من العناصر الغذائية، لكنه يفتقر حاليا إلى الأحماض الأمينية الأساسية الموجودة في الحليب الطبيعي، في حين أن السكريات الموجودة في الحليب النباتي غالبا ما تكون لها تأثيرات مختلفة عن اللاكتوز الموجود في حليب البقر.
كان نمو أوتلي مدعوما بصفقات تمويل يقول النقاد إنها تتعارض مع مهمتها المعلنة.
بعد أن تم شراء حصة الأغلبية من قبل مشروع مشترك بين مجموعة تشاينا ريسورسيس الصينية، المملوك للدولة، ومجموعة الاستثمار العائلية البلجيكية فيرلينفيست Verlinvest في 2016، اتهمت وسائل الإعلام السويدية شركة أوتلي بالنفاق، مستشهدة بسجل الصين في مجال البيئة وحقوق الإنسان.
لكن مؤيدي أوتلي يشيرون إلى فرص النمو التي توفرها الصين للموارد، نظرا لملكيتها لآلاف المتاجر والمقاهي. قال أحدهم: "الدفعة الكبيرة ستكون في الصين".
قالت ديزي لي، المديرة المشاركة في شنغهاي في مجموعة مينتل للتحليل الاستهلاكي، إن سوق الحليب النباتي في الصين - الذي ينظر إليه على أنه صحي وقليل الدسم وغني بالألياف - تنمو بسرعة. كما هي الحال في الولايات المتحدة، قالت إن أوتلي نمت من خلال المقاهي، لكنها حققت أيضا "أداء مبيعات متميزا على قنوات التجارة الإلكترونية".
في الآونة الأخيرة، واجهت الشركة ردود فعل عنيفة على وسائل التواصل الاجتماعي. انتقد المستهلكون عملية لجمع 200 مليون دولار بقيادة بلاكستون، مهاجمة سجل الاستدامة لمجموعة الأسهم الخاصة ودعم الرئيس التنفيذي، ستيفن شوارزمان، لدونالد ترمب.
فريدريك جيرتن، صانع أفلام في مالمو، حيث يقع مقر أوتلي، قال إن الشركة "تخون قيمها". أضاف: "مالمو مدينة صغيرة. الجميع يعرفهم وأنا أعرفهم. كنت فخورا بالشركة التي هي من مدينتي (التمويل) مخيب للآمال للغاية".
يقول داعمو أوتلي إن الخلافات لم تؤثر بشكل كبير في المبيعات. بعد استثمار بلاكستون، أبلغت الشركة النقاد أن "المساعدة في تحويل تركيز رأس المال الضخم نحو الأساليب المستدامة هو على الأرجح أهم شيء يمكننا فعله لكوكبنا".
يظل داعمو أوتلي من صناديق رأس المال المغامر متحمسين. تعمل الشركة على زيادة الإنتاج، من خلال ثلاثة مصانع تعمل في ثلاث دول، وافتتاح اثنين آخرين هذا العام - بما في ذلك واحد في سنغافورة - والآخر في المملكة المتحدة في 2023.
قالت ميرثي فان بيجسترفيلد، وهي مديرة في "رابو لاستثمارات الشركات"، إن "رابو بنك" سيظل مستثمرا بعد تعويم الشركة. أضافت: "(نمو أوتلي) سيكون حقا نتيجة العلاقات مثل تلك التي تربطهم مع ستاربكس، والنمو في الولايات المتحدة والصين".
في الوقت الحالي، قد يكون لدى الشركة، التي من مستثمريها أوبرا وينفري وشركة روك نيشن Roc Nation التابعة لمغني الراب جاي زي، قيمة ندرة لمصلحتها في أسواق الأسهم.
قال ديفيد جوينلوك من كليرلي سو ClearlySo، وهي شركة للاستشارات المالية مقرها لندن تركز على الاستثمارات البيئية والاجتماعية والأخلاقية، بصرف النظر عن بيوند ميت Beyond Meat، التي تم تعويمها في 2019، تفتقر أسواق الأسهم إلى شركات كبيرة قائمة على البروتين النباتي. "لا يمكن للمستثمرين دعم العلامات التجارية الأخرى لتكنولوجيا الطعام والألبان البديلة، لذا فإن الطلب على أوتلي سيكون مرتفعا".
في وقت دعم بلاكستون، اعترف بيترسون بأنه ستكون هناك "بعض الأشياء المثيرة للجدل من حولنا في المستقبل" لكنه قال إن أوتلي ليست لديها رغبة في محاكاة شركات الأغذية الكبرى. "وضعنا أنفسنا في الخارج، حيث نتحدى صناعة الألبان، ونتحدى كيف ينبغي أن تفكر الشركات، دون أن نكون شركة مثالية (...) هذه قيم حقيقية لدينا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES