FINANCIAL TIMES

الجلطات الدموية ولقاح أسترازينيكا‏ .. هل من صلة؟

الجلطات الدموية ولقاح أسترازينيكا‏ .. هل من صلة؟

في عموم السكان تكون الأعراض الناشئة عن اللقاحا أكثر شيوعاً لدى النساء بنحو ثلاثة أضعاف ما هي لدى الرجال.

بعد أسبوعين من طمأنة وكالة الأدوية الأوروبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أنها لم تجد أي صلة بين لقاح أكسفورد/أسترازينيكا والتقارير السابقة عن جلطات دموية نادرة، أعلن عدد متزايد من الدول عن قيود جديدة على استخدام اللقاح.
في حين أن المملكة المتحدة والنمسا لم تفرضا أي قيود، إلا أن فرنسا والسويد وفنلندا وكندا وأخيرا ألمانيا أوصت الشباب بتجنب أخذ اللقاح. في النرويج والدنمارك، لا يزال استخدام اللقاح معلقا.
وكالة الأدوية الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية ووكالة تنظيم منتجات الرعاية الصحية والأدوية في المملكة المتحدة جميعها تقول إن فوائد اللقاح تفوق أي مخاطر محتملة. لكن مجموعة نادرة من الأعراض المرتبطة بالدم التي شوهدت لدى عدد قليل من الأشخاص تعني أن بعض الحكومات تمضي قدما بمزيد من الحذر.
لماذا لا تزال بعض الحكومات قلقة؟ الحالة المسببة للذعر تسمى تجلط الوريد الجيبي، حيث يتجلط الدم في الشرايين الخارجة من الدماغ، ما يؤدي إلى شيء يشبه السكتة الدماغية. في الحالات المثيرة للقلق، تم دمج هذا مع شيء يسمى قلة الصفيحات حيث يظهر المريض أيضا مستويات منخفضة بشكل غير طبيعي من الصفائح الدموية، ما يؤدي إلى نزيف حاد.
في النرويج، أبلغ مسؤولو الصحة عن ست حالات من هذا القبيل على الأقل بين 120 ألف شخص تلقوا اللقاح، توفي أربعة منهم. في ألمانيا، تم الإبلاغ عن 31 حالة بعد تلقي 2.7 مليون شخص للقاح، بما في ذلك 29 امرأة تراوح أعمارهن بين 20 و63 عاما، ورجلين في عمر 36 و57. توفي تسعة منهم.
قالت وكالة الأدوية الأوروبية الأربعاء إنه تم الإبلاغ عن 62 حالة، في المجموع، من هذه الأعراض بين متلقي اللقاح، لكن هذا لم يشمل جميع الحالات الألمانية. كررت وكالة الأدوية الأوروبية أنه لم يتم إثبات وجود صلة سببية مع اللقاح.
إحدى الفرضيات التي طرحها فريق من الباحثين في ألمانيا، هي أن لقاح أسترازينيكا ربما يثير استجابة مناعية مفرطة لدى بعض الأشخاص ما يتسبب في إنتاج الأجسام المضادة التي تستهدف الصفائح الدموية.
المزيج النادر بين الجلطات الدموية وانخفاض عدد الصفائح عادة ما يصيب شخصا واحدا تقريبا من بين 100 ألف شخص سنويا في ألمانيا، وفقا لأحد الباحثين الذي قال إن الحالات البالغ عددها 31 التي تم تحديدها في غضون أسبوعين من تلقي لقاح أسترازينيكا تشير إلى معدل إصابة أعلى من المعدل الطبيعي 20 مرة.
قال يوهانس أولدنبورج، أستاذ طب نقل الدم في جامعة بون، الذي ساعد على تطوير هذه الفرضية، "الأمر لا يتعلق بالأرقام فقط، بل الآلية أيضا - إنها مثل لغز حيث يوجد من زوايا مختلفة دليل على أن هذا شيء غير عادي"، معربا عن اعتقاده أن "من المحتمل جدا أن تكون هذه الحالات ناجمة عن لقاح أسترازينيكا".
هل يمكن أن يكون العمر عاملا؟ قال بعض الخبراء إذا كان اللقاح يسبب رد الفعل العكسي هذا، فإن مستويات الإصابة المختلفة في مختلف الدول قد تكون نتيجة فئات عمرية مختلفة للذين تلقوا اللقاح.
مثلا، أوروبا القارية أعطت لقاح أسترا زينيكا إلى عدد أكبر من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عاما مقارنة بالمملكة المتحدة، التي قامت بتطعيم العاملين في الرعاية الصحية وكبار السن أولا، باستخدام لقاح فايزر ولقاح أسترازينيكا بالتساوي. أبلغت المملكة المتحدة عن خمس حالات فقط من هذه الجلطات الدموية الحادة في 13.7 مليون شخص تلقوا لقاح أسترازينيكا، أي ما يعادل واحدا من بين 3.4 مليون شخص.
قال سعد شاكر، مدير وحدة أبحاث سلامة الأدوية في ساوثامبتون، التي تجري دراسة حول لقاح أسترازينيكا بعد طرحه في جميع أنحاء المملكة المتحدة: "هذه مشكلة معقدة لدول مختلفة تستخدم لقاحات مختلفة، في فئات عمرية مختلفة وهذا قد يفسر الاختلافات". أضاف أنه من الممكن أن بعض الشباب الذين لديهم أجهزة مناعة أقوى قد عانوا من ردود فعل مناعية مفرطة نادرة تجاه اللقاح.
وفقا لخبراء، من الصحيح أيضا أن الشباب، والشابات على وجه الخصوص، كانوا عادة أكثر عرضة لهذه الأنواع من الجلطات الدموية النادرة. في عموم السكان تكون الأعراض أكثر شيوعا لدى النساء بنحو ثلاثة أضعاف ما لدى الرجال، ويبلغ متوسط عمر المصابين 33 عاما.
لكن وكالة الأدوية الأوروبية ذكرت الأربعاء أنها لم تتمكن حتى الآن من تحديد أي دليل على وجود صلة بين جلطات الدم وعوامل خطر محددة "بما في ذلك العمر أو الجنس أو التاريخ السابق".
قال إيمر كوك، رئيس الوكالة: "في الوقت الحالي، في هذه المرحلة من تحقيقاتنا، العلاقة ممكنة ولا يمكننا أن نقول أكثر من ذلك. لا يوجد دليل يدعم تقييد استخدام هذا اللقاح في أي مجتمع".
أدى الاختلاف في موقف وكالة الأدوية الأوروبية وبعض العلماء الأوروبيين إلى نصائح متنوعة ومتضاربة في الدول في بعض الأحيان، حول من ينبغي أن يحصل على اللقاح ومن لا ينبغي أن يحصل عليه.
هل ظهرت حوادث مماثلة نتيجة استخدام لقاحات أخرى؟ ليس كثيرا. في المملكة المتحدة، كان هناك تقريران على الأقل عن النوع نفسه من الجلطات الدموية لدى أشخاص تلقوا لقاح فايزر - تم إعطاء 11 مليون جرعة من اللقاح.
قال أولدنبورج، من جامعة بون، إنه ليس على علم بأي تقارير عن حوادث مماثلة - أو على الأقل مجموعات من الحوادث - في الأشخاص الذين تلقوا أيا من لقاحات كوفيد - 19 الأخرى المستخدمة في أوروبا، وتحديدا الجرعات من صنع شركتي موديرنا وفايزر.
أحد أعضاء اللجنة المشتركة للتحصين والمناعة JCVI التي تقدم المشورة للحكومة البريطانية، اعتبر أن من "السابق لأوانه" القول بشكل قاطع إن حقنة فايزر لم تؤد إلى مشكلات مماثلة. قال: "(الخبراء في أوروبا) درسوا عن كثب لقاح أسترازينيكا وبالتالي اكتشفوا المزيد من الأشياء".
يقول مسؤولون في المملكة المتحدة إنه لا توجد أدلة كافية في الوقت الحالي لإجراء أي تغييرات على سياسة التطعيم. وحتى لو تم إثبات وجود علاقة سببية، قال بعض الخبراء المقيمين في المملكة المتحدة يظل من المنطقي الاستمرار في التطعيم لأن حوادث تجلط الدم تبدو نادرة للغاية.
قال عضو اللجنة المشتركة للتحصين والمناعة: "موقف المملكة المتحدة بشكل عام هو أن لقاحي أسترازينيكا وفايزر ربما يكونان آمنين، أو أن المخاطر صغيرة جدا بحيث تفوقها بشكل هائل الفوائد، لذلك ينبغي أن نستمر في استخدامهما".
أضاف أن من الممكن في المستقبل أن تكون هناك "حجة لمصلحة تعديل استخدامهما للفئات العمرية الأصغر، لكننا لا نزال على مسافة بعيدة عن ذلك"، واصفا الخطوات الأوروبية بأنها "سابقة لأوانها".
أولدنبورج، من جامعة بون، أِشار إلى أنه يوافق على قرار المملكة المتحدة، على الرغم من أنه يعتقد بقوة أن جرعة أسترازينيكا تسبب الأعراض. قال "إذا كان لدي خيار بين التطعيم الفوري مع أسترازينيكا أو الانتظار لمدة أربعة أسابيع للحصول على موديرنا، فسأختار لقاح أسترازينيكا، لأن أربعة أسابيع من الحماية تفوق بكثير هذا الخطر".
تقول جامعة أكسفورد وشركة أسترازينيكا إن تجاربهما تظهر أن لقاحهما آمن وفعال وأنهما مستمران في مراقبة الآثار الجانبية في الوقت الذي يتم فيه طرح اللقاح.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES