المبادرة الخضراء والإرادة القوية

كل من قرأ أو سمع عن مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وهما مبادرتان أجمعهما اليوم تحت مسمى "المبادرة الخضراء"، أقول: إن كل من اطلع على تفاصيل هذه المبادرة في بلادنا وفي الدول التي ستمتد اليها اليد الخضراء لنشر الخير والنماء، يؤكد أنها تنم عن إرادة قوية لقيادتنا ولعراب الأعمال الكبيرة مهما كانت التحديات، وأقصد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد. ويكفي أن نتصور زراعة عشرة مليارات شجرة في بلاد تعاني شح المياه، ويجيب عن ذلك المختصون وعلى رأسهم وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي، الذي أكد أن تحدي تأمين المياه يمكن مواجهته عبر التشجير على السواحل وري بعض الأشجار من المياه المالحة ومن المياه المعالجة، وأشار إلى أنه سيتم التركيز على أنواع الأشجار التي لا تتطلب ريا مكثفا أو عناية كبيرة مثل، أشجار "المانجروف" التي تنمو على ضفاف البحر. ويقول مختصون في شؤون المياه في تقارير سبق نشرها، إن خفض استهلاك المياه يتم باتباع وسائل الري الحديثة مثل الري بالرش والتنقيط، والري الباطني لأنها تقلل الفاقد بالتبخر وتروي النباتات بقدر معين، وفي إشارة مهمة دعا المختصون إلى زيادة استخدام المياه المعالجة، التي لم يتجاوز معدل استخدامها في 2018 نسبة 18 في المائة فقط، ونختم حديثنا عن المياه بالقول: إن الحاجة إلى قطاع زراعي مستدام تستلزم التعامل مع قضية استهلاك المياه بشكل حاسم.
وقد فضلت أن يكون الحديث عن المياه في المقدمة لأهمية هذا الجانب. وعودة إلى الحديث عن أهداف تفاصيل المبادرة الخضراء للداخل والخارج أقول: إنها تهدف إلى رفع الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث، وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية، وبموجب المبادرة ستتم زراعة عشرة مليارات شجرة داخل السعودية خلال العقود المقبلة وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي، ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار حاليا إلى 12 ضعفا، كما ستعمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة من المساحة الإجمالية للأراضي، وعلى مستوى الشرق الأوسط ستتم زراعة 40 مليار شجرة بالشراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي ودول الشرق الأوسط. وبذلك يكون مجموع الأشجار التي ستتم زراعتها بموجب المبادرة في الداخل والخارج 50 مليار شجرة، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.
وأخيرا: تعزز هذه المبادرة الجهود البيئية القائمة في المملكة خلال الأعوام السابقة وفق "رؤية 2030" لمواجهة تحديات تمثلت في ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع موجات الغبار والتصحر، وسيكون لتلك الجهود الكبيرة نتائج إيجابية في الصحة العامة، ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، وهو أحد أهم برامج "الرؤية" الجديدة. ويبقى بعد ذلك دور الإعلام والمختصين بالذات لشرح أبعاد هذه المبادرة والتوعية بأهمية المحافظة على البيئة ومكافحة التصحر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي