مبادرات على طريق الرؤية

خلال مؤتمر صحافي للتواصل الحكومي استعرض ثلاثة وزراء 11 مبادرة سعودية ستكون لها آثار محلية وعالمية كبيرة، هذه المبادرات التي تم إطلاقها أخيرا مترابطة ببعضها بعضا لترسم صورة واضحة المعالم عن مسيرة الاقتصاد السعودي خلال الأعوام المتبقية من عمر رؤية المملكة 2030. فالبرامج والمبادرات التي أشار إليها الوزراء في الحديث الصحافي مرتبطة بشكل متقن ببعضها وفق ترتيب وتخطيط اقتصادي محكم وسليم، والفضل في ذلك يعود إلى التخطيط الجيد ـ بعد توفيق الله جل شأنه.

فـ"الرؤية" منحت المخطط الاقتصادي قدرة على توجيه البوصلة للبرامج كافة، كما أن توحيد أدوات الحوكمة من خلال وجود مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يجعل السفينة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية السعودية تسير بطريقة صحيحة باتجاه "الرؤية" التي رسمها خادم الحرمين الشريفين والمكانة التي تليق بهذه الدولة الفتية.

فمن خلال برنامج "شريك" الذي دشنه ولي العهد قبل عدة أيام سيتم ضخ استثمارات محلية قيمتها نحو خمسة تريليونات ريال، ستوفر 1.8 مليون وظيفة خلال عشرة أعوام مقبلة، وهذه الاستثمارات المحلية التي تأتي من خلال الشركات السعودية المؤهلة وستدعم بشكل هائل مبادرة "صنع في السعودية" التي سترفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 في المائة حاليا إلى 50 في المائة من إجمالي الصادرات وفقا لمستهدفات "رؤية 2030"، إضافة إلى استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة.

إن هذه المبادرات ترتكز على متانة الاقتصاد السعودي كأحد اقتصادات الدول العشرين الأكبر ولديه قوة شرائية فعالة، وعشرة آلاف مصنع باستثمارات 1.1 تريليون ريال، كما أن المنتجات السعودية وصلت بموجب دعم الدولة للمصانع إلى 178 دولة في العالم وفقا لما صرح به وزير الصناعة والثروة المعدنية، كما أن لدينا سوقا مالية مصنفة عالميا ولديها أدوات فعالة في الرقابة والشفافية والحوكمة ما يمهد الطريق تماما لعقد شراكات اقتصادية ستقود المرحلة المقبلة للاقتصاد الوطني وترسم معالمه الجديدة.

إن هذه المبادرات سواء مبادرة "شريك" أو مبادرة "صنع في السعودية" وكذلك "التخصيص" جميعها تحقق متطلبات أساسية ومدخلات لا بد منها لتحقيق مبادرة "مدينة الرياض بين أكبر عشر مدن اقتصادية عالمية"، وكما صرح ولي العهد في وقت سابق من هذا العام بأن الرياض لديها كل المكونات الاقتصادية للنجاح وسيتم إنشاء أكبر مدينة صناعية في العالم، تربط بشبكة قطارات مع جميع أنحاء المملكة وموانئها، لذلك فإن الحديث عن التحولات الصناعية والشراكات الاستراتيجية لبناء مفهوم "صنع في السعودية" يقرأ في سياق بناء أكبر مدينة اقتصادية في العالم.

كما يمكن الحديث هنا عن ميزة الموقع الجغرافي للمملكة الذي يمهد لسهولة اقتناص الفرص الصناعية داخل السوق المحلية، والاستفادة من الارتباط مع أسواق العالم، من خلال الموانئ السعودية الأكبر والأكثر نشاطا في المنطقة. لكن هذه التوجهات الصناعية العملاقة تكون في العادة محل قلق بشأن قضايا البيئة ولهذا فإن الصورة تتضح بشكل أكبر مع مبادرتي "السعودية الخضراء"، و"الشرق الأوسط الأخضر" اللتين تعملان معا لاستعادة التوازن البيئي، وكما صرح وزير البيئة بأنها ستتضمن عددا من المشاريع الطموحة، من أبرزها زراعة عشرة مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود المقبلة، ما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعفا، كما أنها تنضم إلى مبادرة رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30 في المائة من مساحة أراضي المملكة التي تقدر بـ600 ألف كيلو متر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17 في المائة من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية.

حقيقة وبالفعل فإن هذه المبادرات تستهدف رفع جودة الحياة كأهم مستهدفات "الرؤية" ولجعل الاقتصاد السعودي جاذبا من جميع النواحي وحيويا ومتوافقا مع الاتجاهات العالمية لذا فإن مبادرات تطوير التشريعات والأنظمة المتعلقة بالمنظومة الاقتصادية، وإطلاق مشروع ذا لاين كورال بلوم لتصميم أكبر جزيرة بمشروع البحر الأحمر السياحي، وإطلاق شركة السودة للتطوير في عسير، سيكون لها جميعا أثر إيجابي في هذا المسار الاقتصادي الطموح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي