سفن الحاويات الضخمة .. هل هي أكبر من أن تبحر؟

سفن الحاويات الضخمة .. هل هي أكبر من أن تبحر؟

سفن الحاويات الضخمة .. هل هي أكبر من أن تبحر؟
سفينة الحاويات إيفر جيفين قبل إعادة تعويمها

أثار إغلاق مسار تجاري عالمي حاسم، تم بناؤه في منتصف القرن الـ19، بواسطة سفينة حديثة تزن 220 ألف طن وبطول يعادل ارتفاع مبنى إمباير ستيت، تساؤلات حول اعتماد الصناعة على مثل هذه السفن الضخمة.
استمرت جهود خبراء الإنقاذ أياما قبل أن ينجحوا الإثنين في إعادة تعويم "إيفر جيفين'' Ever Given التي جنحت عند المدخل الجنوبي لقناة السويس الأسبوع الماضي، ما ترك نحو 330 سفينة عالقة على كلا الجانبين وبث مخاوف عبر سلاسل التوريد العالمية.
سارع أصحاب السفن إلى اعتماد سفن أكبر وأكبر للتعامل مع التوسع المستمر في التجارة العالمية في التسعينيات. تضاعف حجم أكبر سفن شحن الحاويات أربع مرات خلال الـ25 عاما الماضية.
قال ستيفان فيربركموس، كبير محللي الشحن في شركة ألفالاينر للاستشارات في مجال الصناعة: "شهدنا معركة شرسة مستمرة في مجال شحن الحاويات خلال العقود الماضية لبناء سفن أكبر حجما".
أكبر السفن لديها القدرة على حمل 24 ألف حاوية حجمها 20 قدما، وهو ما يكفي لتمتد 90 ميلا إذا تم تحميلها على قطار ذي طابق واحد. لكن هناك جدلا داخل الصناعة حول ما إذا كانت السفن قد تجاوزت البنية التحتية اللازمة لدعمها.
بحسب الرئيسين التنفيذيين لشركتي "أيه بي مولر-ميرسك" AP Moller-Maersk و"هاباج-ليود" Hapag-Lloyd، وهما من أكبر شركات الحاويات في العالم، أحجام أحدث سفن الحاويات مناسبة للتعامل مع الطلب على الشحن العالمي.
وصف رولف هابين يانسن، الرئيس التنفيذي لشركة هاباج-ليود، الحادث بأنه "مؤسف"، لكنه استطرد قائلا: "لا أعتقد أن هذا يجب أن يقودنا إلى استنتاج مفاده أن السفن كبيرة جدا".
قال إن السفن بهذا الحجم أكثر كفاءة وصديقة للبيئة على حد سواء، مضيفا أن الحجم الهائل لسفن الحاويات الحديثة يعني أن كفاءتها في توفير الطاقة أعلى مرتين ونصف من السكك الحديدية وأعلى سبع مرات من الطرق البرية، وفقا لمجلس الشحن العالمي.
يتفق محللو الشحن البحري على أن قناة السويس، التي يتم توسيعها باستمرار، يجب أن تكون قادرة على استيعاب مثل هذه السفن الكبيرة. لكن أكبر سفن الحاويات وصلت إلى حدود الطول المادية: زيادة تكدس الحاويات يجعل هذه السفن أكثر عرضة للرياح العاتية، بينما يمكن أن يؤدي تكديسها على نطاق أوسع إلى زيادة القوى الهيدروديناميكية التي تجعل من الصعب توجيهها في المساحات الضيقة، مثل الموانئ والقنوات.
كافحت السفن من أجل الربحية في العقد الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أنها غالبا ما كانت تبحر نصف فارغة، ما أدى إلى الاندماج والتحالفات لتجميع الموارد.
السفن الأكبر حجما غير قادرة على خدمة كثير من الموانئ مثل السفن الصغيرة. شحن البضائع إلى الموانئ الكبيرة، ليتم شحنها من هناك إلى وجهتها، يثير شكوكا حول مسألة توفير التكاليف ـ تقول شركات التأمين إنها تولد تكاليف أكبر بشكل غير متناسب عندما تسوء الأمور.
يعتقد بعضهم أن المشكلات تزداد عمقا. جنوح سفينة الحاويات في قناة السويس أعطى مهلة للتفكير في التفاوت المتزايد بين البنية التحتية، البرية والبحرية.
في بداية جائحة فيروس كورونا قلصت الشركات خدماتها التي تقدمها استجابة لانخفاض الطلب. لكن عندما بدأ المستهلكون الأمريكيون في طلب البضائع التي لا يمكنهم شراؤها في المتاجر عبر الإنترنت، لم تكن الحاويات الفارغة التي كانت ستنقلها موجودة في المكان الذي يجب أن تكون فيه، الصين.
في حين اضطرت المرافق الداخلية للتعامل مع تحديات تتنوع من العمال المصابين بكوفيد - 19 إلى القيود على الحدود، تفاقمت اختناقات الشحن لأن الموانئ تستغرق وقتا طويلا لتفريغ وإعادة تحميل أكثر من عشرة آلاف حاوية من السفن الضخمة.
بحسب مارك ليفينسون، مؤرخ متخصص في الحاويات، الشركات التي تملك السفن تتحمل مسؤولية كبيرة عن الفوضى في سلاسل التوريد العالمية بسبب سعيها وراء زيادة حجم السفن أكبر من أي وقت مضى.
قال: "كان موقفهم: ’سنفعل ما هو أفضل لنا ونتجاهل بقية صناعة الخدمات اللوجستية‘". أضاف أن السفن الأكبر حجما "نجحت عندما كانت في عرض البحر لكنها أفسدت تماما الجانب الأرضي من نظام النقل".
ستعمل السفن الكبيرة مرة أخرى على إطالة الاختناقات مع استمرار سلسلة الاضطرابات الناجمة عن حادثة السويس.
قال سورين سكو، الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك، إن سفنا ضخمة كانت تبحر عبر قناة السويس "لأعوام كثيرة" وأن سفينة إيفر جيفين التي يبلغ وزنها 220 ألف طن قد حشرت نفسها في أضيق نقطة في الممر المائي.
لم تظهر "هاباج-ليود" علامات على تقليص حجم ناقلاتها. في كانون الأول (ديسمبر)، التزمت بإنفاق مليار دولار على ست سفن حاويات كبيرة جدا تعمل بالغاز الطبيعي المسال.
مع ذلك، يبدو أن الصناعة لاحظت بعضا من ذلك على الأقل. يظهر سجل الطلبات دليلا على أن الشركات التي تملك السفن بدأت في تقليص حجم ناقلاتها في التجارة العالمية إلى سفن تضم نحو 15 ألف حاوية. قال لارس ينسن، الرئيس التنفيذي لشركة سي إنتيليجينس كونسلتينج، "إننا نرى حركة تراجعية طفيفة".

الأكثر قراءة