البقالات والمطاعم والمقاهي .. منافسة متجددة «على المعدة»

البقالات والمطاعم والمقاهي .. منافسة متجددة «على المعدة»
متسوق اشترى أغراضا عبر تطبيق تارجيت يتسلم مشترياته في السيارة أمام المتجر.

يا له من عام مرت به المتاجر الكبرى. في الشهر الماضي أنفق المتسوقون البريطانيون 1.5 مليار جنيه استرليني على محال البقالة عبر الإنترنت، وهو رقم قياسي يعادل 17 في المائة من إجمالي الإنفاق على محال البقالة، وفقا لشركة نيلسون آي كيو. حتى مع ارتفاع المبيعات الإجمالية للبقالة، استخدم نحو 41 في المائة من الأسر المتاجر الكبرى عبر الإنترنت مرة واحدة على الأقل في شباط (فبراير)، أي أكثر من ضعف الرقم في أوائل 2020.
مع ذلك، أعلنت جيه سينسبري، ثاني أكبر سلسلة بقالة في المملكة المتحدة، الأسبوع الماضي عن خطط لإغلاق مركز تلبية الطلبات عبر الإنترنت في لندن وإعادة نشر معظم الموظفين البالغ عددهم 650 في فروعها الكبرى في المنطقة.
تقود المملكة المتحدة اتجاها عالميا: قفز الإنفاق على التسوق عبر الإنترنت في الولايات المتحدة ثلاثة أرباع منذ آذار (مارس) الماضي. وتضاعف نصيب الإنترنت في إيطاليا وألمانيا لكن من مستوى أقل.
بدلا من الاحتفال، تسعى سلاسل المتاجر الكبرى إلى التمسك بهذه الإيرادات وإيجاد طرق لانتزاع الأرباح منها. مع إعادة فتح الاقتصادات، تواجه محال البقالة منافسة متجددة "على المعدة" من المطاعم والكافيتريات. تتوقع شركة باين الاستشارية أن المتاجر الكبرى في الولايات المتحدة يمكن أن تفقد ما يصل إلى نصف نمو المبيعات الإجمالية البالغ 10 في المائة الذي شهدته في 2020.
يسأل مارك أندريه كامل، رئيس مجموعة البيع بالتجزئة العالمية التابعة لشركة باين: "الحدود غير واضحة بين البقالة وخدمة الطعام. ما يهم ليس الحصة السوقية في محال البقالة ولكن في الطعام. كوفيد أعطى محال البقالة بضعة اعوام من التأجيل وعزز المبيعات. لكن عندما يعود العالم إلى طبيعته، كيف يفعلون ذلك؟ كيف يحافظون على هذا الارتفاع؟".
وهذا يضع العبء على عاتق المتاجر الكبرى لجعل الإيرادات التي تحتفظ بها أكثر ربحية. البقالة هي شركة ذات هامش ربح منخفض، وقد أدى الخصمان، ألدي وليدل، إلى زيادة الضغط على هذا القطاع. بل إن الديناميكيات عبر الإنترنت أسوأ لأن العملاء لا يدفعون التكلفة الكاملة للانتقاء من الرفوف والتسليم. تقدر شركة باين أن الشركات التي تستخدم موظفين لملء الطلبات عبر الإنترنت في المتجر وتسليمها تخسر ما بين 10 و15 في المائة على كل طلب، اعتمادا على رسوم التوصيل. حتى المستودع المركزي الآلي يستهلك 7 في المائة من الإيرادات.
تتضمن الطريقة الأكثر فعالية من حيث التكلفة مستودعات آلية أصغر حجما، غالبا ما تكون مرتبطة بالمتجر. وهذا ما يفسر تحرك سينسبري. الآن لديها المزيد من العملاء عبر الإنترنت - 17 في المائة من مبيعات البقالة رقمية، ارتفاعا من 7 في المائة في آذار (مارس) الماضي - يمكن أن تتحول إلى أنموذج أقل تكلفة. من خلال ترقية الأقسام عبر الإنترنت في أكثر من 20 متجرا في منطقة لندن، فإنها تخطط لقطع مسافات التسليم ومشاركة تكاليف الموظفين والمخزون.
تعمل هذه الاستراتيجية في الصين، حيث تبني فريشيبو متاجر بقالة مادية محسنة للتسليم. ضاعف مالكها، علي بابا، بصمة متجره الفعلي في الخريف الماضي من خلال السيطرة على صن آرت ريتيل Sun Art Retail. في الولايات المتحدة، تختبر وول مارت طرقا لاستخدام متاجرها للتنافس بشكل أفضل مع أمازون
حتى شركة اوكادو في المملكة المتحدة، التي كانت رائدة في مستودعات التسليم المؤتمتة الضخمة، تقدم الآن برامج للسلاسل التي تستخدم المتاجر للتسليم. وهي تفتح مراكز تنفيذ "صغيرة" و"صغيرة جدا" يمكن وضعها داخل متجر قائم.
في نهاية عملية التسليم، تحاول بعض السلاسل خفض التكاليف عن طريق الاستعانة بمصادر خارجية للمتسوقين الخارجيين عبر تطبيقات مثل إنستاكارت. بعض آخر يحث العملاء على طلب البضائع عبر الإنترنت وتسلمها من الرصيف. في الأسبوع الماضي عزا متجر تارجيت في الولايات المتحدة أكثر من 500 في المائة من النمو إلى drive up (نظام يطلب فيه الزبون أغراضه عبر تطبيق تارجيت ويتسلمها في سيارته)، ما ساعد على دفع صافي الأرباح إلى أعلى بمقدار الثلث. من السهل توسيع نطاق هذه الخدمات صعودا وهبوطا مع الطلب.
أخذ الأغراض من جانب الطريق والمتاجر المادية يعزز بعضهما بعضا أيضا عندما تجذب المتسوقين إلى الأنشطة التجارية في الموقع، مثل سلسلة متاجر أرجوس سينسبري أو، في حالة ويتروز في المملكة المتحدة، متجر صغير لجون لويس.
لكن لا شيء من هذا يعالج التحدي الآخر المتمثل في التسوق عبر الإنترنت. لا يمكن لتطبيقات اليوم تكرار قدرة الزائر الفعلي على البحث في الرف، وإجراء عمليات الاستبدال، والأهم من ذلك، اكتشاف أشياء لم يكن يعلم أنه يريدها. هذا يجعل المتسوقين غير سعداء: فقط 13 إلى 16 في المائة ممن جربوا التسوق عبر الإنترنت في فرنسا وإيطاليا وألمانيا العام الماضي كانوا "راضين للغاية"، وفقا لاستطلاع أجرته شركة ماكينزي.
كما أنه يحد من قدرة البقالة على جذب الإنفاق الترويجي والحسومات من موردي السلع الاستهلاكية الذين يشكلون جزءا أساسيا من اقتصادات المتاجر الكبرى.
هنا تكمن الفرصة. خلافا لبطاقات الولاء، التسوق عبر الإنترنت يولد بيانات أكثر تحديدا حول من يشتري ماذا. يمكن استخدام هذا لإعادة تشكيل علاقات الموردين وتحسين إدارة المخزون للمتاجر وكذلك المستودعات. يقدر نيل سوندرز، من شركة جلوبال داتا للأبحاث، أن 20 في المائة من السلع تولد 80 في المائة من المبيعات. يمكن أن توفر البيانات المحلية مساحة، وتقلل من هدر الطعام، وتسهل كسب الحسومات، والترويج للسلع، وتقديم العينات. قد يكون هذا سببا حقيقيا للاحتفال.

الأكثر قراءة