Author

البحث والتطوير والابتكار .. مرحلة جديدة

|

* أستاذ هندسة الاتصالات المشارك

حظي قرار مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، بتشكيل لجنة باسم اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، بأصداء واسعة بين أوساط المجتمع الأكاديمي والبحثي في المملكة. وزاد القرار أهمية ارتباطه بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، حيث ستعنى اللجنة بتنمية قطاع البحث والتطوير والابتكار في المملكة. ويأتي قرار تشكيل اللجنة في وقت متقارب مع استقلال ثلاث جامعات هي: جامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل عملا بنظام الجامعات الجديد. لوحة جديدة تبدأ بالتشكل لترسم ملامح طبيعة لمخرجات الجامعات ومحددات عملها ونوعية برامجها الأكاديمية ومصادر تمويلها.
إن من أبرز دواعي استقلال الجامعات هو اعتمادها بشكل أساسي على مصادر تمويل ذاتية، وبدوره سيزيد من تنافسية الجامعات والتركيز على جانبها البحثي والابتكاري النوعي، ولن تقتصر فقط على دورها الأساسي بتخريج الطلبة والباحثين. وكما هو حال كبرى الجامعات الأجنبية المرموقة التي قطعت شوطا كبيرا في مضمار البحث والابتكار، في تمويل برامجها عبر الشراكات وتحويل مخرجاتها البحثية لمنتجات ابتكارية أو تقديم خدماتها الاستشارية، ممكنة لها من الاستمرار في دفع عجلة البحث والابتكار بإعادة الاستثمار في تصميم برامج أكاديمية نوعية أو تأسيس بنى تحتية متقدمة. وكما أن دخول منافسين في قطاع معين يزيد من تنافسية القطاع وتحسين الخدمات والمخرجات المقدمة، فمن المتوقع أن الجامعات ذات الاستقلالية الإدارية والمالية سترتقي بتطوير مخرجاتها البحثية والأكاديمية. ولا يغيب عن ذي فهم أن البداية سيتخللها بعض التحديات للجامعات لكونها التجربة الأولى في المملكة في الاعتماد شبه الذاتي على التمويل والاستقلال المالي. لكن مع إنشاء اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، فمن المتوقع أن تتضح معالم البيئة البحثية والابتكارية والمساهمة في تنمية هذا القطاع الحيوي المهم ويأتي منسجما مع أهداف "رؤية 2030".
فمن أهداف "الرؤية" تعظيم المحتوى المحلي وتنويع مصادر الدخل غير النفطية، ومن أهم روافد هذه المستهدفات هو تعظيم الاعتمادية على الاقتصاد المعرفي والاستثمار في قطاع البحث والتطوير والابتكار وتطويره. كما تجدر الإشارة إلى أهمية البناء على المكتسبات التي حققتها المملكة في البحث والتطوير والابتكار، فعلى سبيل المثال لا الحصر، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية التي كانت ولا تزال رافدا مهما لأنشطة البحث والابتكار في المملكة منذ إنشائها لأكثر من ثلاثة عقود لما تملكه من بنية تحتية وكوادر بشرية مؤهلة.
إن الاهتمام بقطاع البحث والتطوير والابتكار في المملكة من خلال الإشراف عليه على أعلى المستويات وإعطائه الأولوية بالتزامن مع تخريج عديد من أبناء وبنات الوطن عبر برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، يعكس حجم الاهتمام بالنهوض بهذا القطاع الذي سيؤتي ثماره - بإذن الله - ليجعل المملكة تتبوأ مكانة تليق بها على الخريطة الدولية في أنشطة البحث والتطوير والابتكار.
إنشرها