جنون سباكس المتفشي في وول ستريت ينتقل إلى البورصات الآسيوية
أصبحت بورصة إندونيسيا ثالث بورصة آسيوية، بعد هونج كونج وسنغافورة، تستكشف السماح بأدوات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة "سباكس"، ما يثير مخاوف بشأن حماية المستثمرين في الوقت الذي يمتد فيه هوس وول ستريت بتلك الأدوات إلى المنطقة.
ضخ المستثمرون نحو ثلاثة مليارات دولار في أدوات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التي تركز على الاستحواذ على الشركات الآسيوية هذا العام، أي نحو ضعف المبلغ تم الالتزام به خلال 2020 بأكمله، وفقا لشركة ديلوجيك.
في العام الماضي، كانت هناك صفقة سباكس واحدة فقط تضم شركة مقرها في دولة آسيوية، وخمس فقط من عمليات الإدراج الناجحة للشركات الناشئة الآسيوية عبر سباكس في الأعوام الخمسة الماضية.
الاندفاع من مجموعة واسعة من أموال المستثمرين نحو بعض الأهداف أثار المخاوف بين بعض الرعاة بشأن التقييمات المتضخمة للشركات الناشئة، حيث قد تكون فرق الإدارة غير مستعدة للمتطلبات التنظيمية للإدراج في الولايات المتحدة.
ويأتي الاندفاع على الرغم من الجهود التي تبذلها البورصات الآسيوية لتشديد القيود لمنع عمليات الإدراج عبر الباب الخلفي والصفقات الأخرى التي تتجنب العناية الواجبة الصارمة والمستقلة المطلوبة للاكتتاب العام الأولي التقليدي.
قال فرانك ترويس، الرئيس التنفيذي لبنك سوهو أدفايزر، وهو بنك استثماري أمريكي صغير: "الجميع يسعون وراء الصفقات نفسها. في بعض الحالات، هناك 12 إلى 15 راعيا يسعون وراء هدف واحد".
تجمع شركات سباكس الأموال عن طريق الإدراج في البورصة ثم تستخدم العائدات في تحويل الشركات الخاصة الواعدة إلى شركات عامة من خلال عمليات الاستحواذ العكسي.
في العام الماضي ضخ المستثمرون 100 مليار دولار في شركات سباكس على مستوى العالم. استمر هذا الاتجاه حتى 2021، حيث جمعت 188 أداة 58 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها.
دخل بعض من أشهر المستثمرين في آسيا وأغنى رجال الأعمال في فئة الأصول هذه، من بينهم كين هيتشنر، الذي كان يدير بنك جولدمان ساكس في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفريد هو، أحد المخضرمين في مجال الأسهم الخاصة في الصين.
كما دعم ريتشارد لي، نجل قطب هونج كونج، لي كا شينج، وأحد أبرز رجال الأعمال في المدينة، وبيتر ثيل، مستثمر التكنولوجيا الأمريكي، أدوات الاستحواذ الكبيرة التي تهدف إلى إيجاد فرص في المنطقة.
كثير من شركات سباكس تستهدف شركات التكنولوجيا في جنوب شرق آسيا، خاصة بعد الصعود السريع لشركة سي Sea المدرجة في نيويورك، وهي شركة ألعاب وتجارة إلكترونية مقرها سنغافورة كانت واحدة من أفضل الأسهم أداء في العالم العام الماضي.
مع ذلك، تقدر قيمة معظم الشركات الناشئة الجديدة في جنوب شرق آسيا بأقل من ثلاثة مليارات دولار، وهو الحد الأدنى الذي قال مصرفيون ومستثمرون إنه ضروري لتحويل الشركة من خاصة إلى عامة في الولايات المتحدة.
قال إي لينج ليم، وهو مدير إقليمي لشركة رأس المال المغامر ستارت أبز 500، إن مستوى الاهتمام بجنوب شرق آسيا موجود، لكن "حجم الأهداف الفعلية المناسبة ليس كذلك".
عدد قليل فقط من شركات سباكس التي تركز على آسيا التي تم إطلاقها هذا العام كان لها رعاة محليون أو رعاة لهم تاريخ من الاستثمار في المنطقة.
وشملت هذه الاستحواذ على بروفيدنت أكويزيشن، وهي شركة سباك بقيمة 200 مليون دولار تركز على آسيا أطلقها صندوق بروفيدنت جروث في جنوب شرق آسيا. وقد دعمت الشركة جوجيك Gojek، أكبر شركة ناشئة في إندونيسيا، وترافلوكا Traveloka، وهي شركة أخرى من بين أربع شركات إندونيسية من فئة وحيدات القرن ـ الشركات خاصة تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار.
قال مايكل أو، الرئيس التنفيذي لشركة بروفيدنت أكويزيشن: "هناك عدد قليل جدا من الشركات وحيدة القرن في جنوب شرق آسيا، وهناك المزيد من شركات الجيل المقبل في الطريق، وبعضها جاهز للأسواق العامة".
خارج جنوب شرق آسيا، تستهدف بعض شركات سباكس أسواقًا أكبر بما في ذلك الهند، حيث تعد الشركات أكثر نضجا. في الأسبوع الماضي، كشفت ري نيو باور ReNew Power، إحدى أكبر مجموعات الطاقة المتجددة في الهند، عن خطط للاكتتاب العام في نيويورك من خلال صفقة بقيمة ثمانية مليارات دولار مع إحدى شركات سباكس.
بورصتا نيويورك وناسداك هما المكانان الرئيسان لمثل هذه القوائم، لكن الأسواق الآسيوية تتطلع بشكل متزايد للاستحواذ على حصة.
حذر جونسون تشوي، رئيس أسواق رأس المال الآسيوية في كريدي سويس، من أن تنفيذ إطار عمل لإصدار شركة سباك في سنغافورة أو هونج كونج أو إندونيسيا سيتطلب "الكثير من التعليم" لأصحاب المصلحة.
استحوذت هونج كونج على إدراجات شركات التكنولوجيا في المنطقة، لكن سنغافورة والبورصات الإقليمية بما في ذلك إندونيسيا تعاني في إقناع الشركات وحيدة القرن المحلية بالإدراج محليا.
قال باندو سجاهرير، مفوض البورصة الإندونيسية، إن السماح لشركات سباكس سيوفر للشركات "بديلا آخر لجمع الأموال"، مضيفا أن الشركات يمكنها بعد ذلك الاستفادة من أسواق السندات المحلية والإقراض المصرفي المحلي.
قدمت إندونيسيا حوافز ضريبية للشركات لمتابعة الإدراج المحلي: انخفضت ضريبة أرباح رأس المال إلى 0.1 في المائة من 22 في المائة للشركات المدرجة محليا.
لكن تاريخ آسيا المحدود في طرح الشركات للاكتتاب العام بنجاح من خلال سباكس يمكن أن يلقي بثقله على آفاق المنطقة.
قامت مجموعة نيو فورنتير، وهي شركة استثمارية يديرها أنتوني ليونج، وزير المالية السابق لهونج كونج، بدمج المستشفى الصيني الخاص، يونايتد فاميلي هيلثكير مع شركة سباكس تابعة لها في بورصة نيويورك في 2019.
لكن الشركة ظلت تتداول باستمرار بأقل من عشرة دولارات للسهم من سعر الطرح الأولي، ومن المقرر أن يتم الاستحواذ عليها من قبل تكتل بقيادة ليونج. سيقيم الاستحواذ المقترح نيو فورنتير هيلث عند 12 دولارا للسهم.
يخضع الرعاة أيضا إلى مزيد من التدقيق فيما يتعلق بتعويضاتهم المجزية، حيث يتلقون عادة حصة 20 في المائة في الشركة مقابل مبلغ رمزي قدره 25 ألف دولار.
قال أحد كبار المصرفيين الاستثماريين: "قضى المنظمون في آسيا الكثير من الوقت في تقليص عمليات الإدراج عبر الأبواب الخلفية لأن جميع الناس يحبون تحقيق ربح سريع. المكان الذي ينهار فيه هذا هو إذا كان لدينا رعاة أو شركات عديمة الضمير تحاول الدخول إلى هذه السوق".