Author

خطورة التسويف

|
هناك مقولة تتردد على ألسنة الناس وهي "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد". والحق أنها مقولة صادقة لم تأت من فراغ، وإنما بسبب ما لوحظ من خطورة التسويف والآثار المترتبة عليه. فالتسويف هو التأخر في إنجاز الأعمال أو لنقل: تأجيل عمل مطلوب بسبب غير مبرر أو غير مقنع، وبمعنى آخر أن يقوم الشخص بأداء مهمة ذات أولوية منخفضة بدلا من إنجاز مهمة ذات أولوية عالية. صحيح أن "في العجلة الندامة فليس" مطلوبا أن يكون الإنسان عجولا يؤدي الأمور قبل موعدها، وإنما المطلوب منه فقط ألا يكون مسوفا. إن التسويف سبب رئيس لاختلال إدارة وتنظيم الوقت، وقد أشار إلى ذلك أحد المفكرين في قوله، "إن العمل المضني ما هو إلا عمل يسير غير أنه لم يتم القيام به في الوقت المناسب". إن هذه الممارسة السيئة تقود إلى تراكم الأعمال والمهمات لأنها لم تنجز في الوقت الملائم لإنجازها، ومن ثم الندم حيث لا ينفع الندم. وشواهد ذلك في القرآن كثيرة كقوله سبحانه "وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين". وفي الحديث "اغتنم خمسا قبل خمس..." الحديث. ولاحظ كلمة "اغتنم" أي بادر في اغتنام ذلك ولا تسوف! وقد نقل عن أحد الحكماء حين طلب منه وصية فقال، "احذروا سوف"، والآخر يقول، "إياكم والتسويف فإنه بحر يغرق فيه الهلكى". وابن الجوزي ألف كتابا مشهورا أسماه "صيد الخاطر" حيث كان يسارع في تسجيل خواطره ويصيدها! ولا يسوف في استدراكها. والشاعر يقول، "واطرح سوف وحتى فهما داء دخيل"، والآخر ينصح قائلا:
إذا هبت رياحك فاغتنمها
فعقبى كل خافقة سكون
الشخص المسوف دائم التأخر كثير المماطلة بل مستخف بالمواعيد لا يقوم بأداء مهامه الوظيفية في وقتها، وأحب جملة لديه يطلقها كالسهم في صدور مراجعيه هي "تعال بكرة". إن أفضل وأيسر طريقة للتخلص من ظاهرة التسويف هي ألا ندعها تبدأ من الأساس، ولكن إن بدأت فعلينا تجاوزها بالإصرار والعزيمة وحسن التوكل وتعويد النفس على ذلك وأخذ العهد عليها بعدم التكرار.
إنشرها