Author

النظرة العادلة للأمور

|
لا يكاد يخلو أي إنسان من عيب أو نقص يلازمه ولا يمكن أن تكون دولة أو مجتمع من المجتمعات خالية أو خاليا من الأخطاء والنواقص، إذ إن الكمال هو لله وحده دون سواه. النظرة المطلوبة للأمور أن ينظر الإنسان نظرة عادلة سوية، أما من يطلب الكمال فهو كمتطلب الماء في جذوة النار. العدل شيء أمر الله به "إن الله يأمر بالعدل والإحسان..." الآية وفي الحديث "إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا". والمقسطون هم العادلون. ولو نظرنا إلى حياة بعض الأسر نجد أن النظرة العادلة تكاد تختفي خاصة بين الأزواج، فما أن ترى المرأة من زوجها خطأ أو تقصيرا حتى تنسى إيجابياته كلها وهو الذي قد يكون عاش معها عشرات الأعوام بأخلاق وطبائع راقية، وما قيل بحق المرأة ينطبق على بعض الرجال الذي ما أن يرى من زوجته تصرفا لا يعجبه أو تقع في خطأ بسيط إلا يقيم الدنيا ولا يقعدها، ناسيا أو متناسيا أفضالها عليه واحترامها له ورعايتها لبيته وأولاده، وكما يقال في علم النفس الأسري، احمل معك كيسين، كيسا محكما تضع فيه حسنات صاحبك، وكيسا مثقوبا تحمل فيه سيئاته، وما ذكر عن الحياة الأسرية ينسحب على الحياة العملية فيما بين الأقارب أو الجيران أو زملاء العمل، إذ إنه من الخطأ الجسيم أن ينظر الإنسان إلى السلبيات فقط. والأمر نفسه تجده في تجاهل بعض الأفراد لإيجابيات بلاده وتركيزه على الجوانب السلبية فيها وتضخيمها، بل أحيانا وبكل صفاقة نشرها في وسائل الإعلام الخارجية. كما تجد أن كثيرا ممن يعملون في القطاعات المختلفة يركزون على النقد السلبي ويتغافلون عن النواحي الإيجابية وهذا ينافي العدل الواجب في النظرة للأمور، فالحق سبحانه يقول "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى..." الآية. إن كثيرا من المتذمرين أصحاب النظرة غير الموضوعية يعانون أصلا حالات فشل وإحباط في دواخلهم جعلتهم ينظرون إلى الأمور نظرة تشاؤمية سلبية لا علاج لها إلا أن يعقدوا العزم على أن يتعاملوا مع أفكارهم وكأنها حديقة إن لم تمتلئ بفكر إيجابي عادل، فحتما ستمتلئ بالطحالب والأعشاب الضارة.
إنشرها