لماذا تدافع إريكسون عن منافستها الصينية اللدود؟
لماذا تدافع إريكسون عن منافستها الصينية اللدود؟
شركة تعمل تحت ضغط من الصين، أم شركة تدافع عن التجارة الحرة وإنترنت عالمي؟
المشهد الاستثنائي لإريكسون، الشركة السويدية لتصنيع معدات الاتصالات، وهي تواجه حكومتها لدعم منافستها الصينية اللدودة، هواوي، كشف التوترات الجيوسياسية الشديدة التي تواجه بعض الشركات.
أثار بورجي إكولم، الرئيس التنفيذي لشركة إريكسون، الدهشة بالفعل في تشرين الأول (نوفمبر) عندما انتقد قرار السويد حظر شركة هواوي من شبكات الجيل الخامس 5G، قائلا في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز" إن هذه الخطوة قيدت التجارة الحرة والمنافسة.
لكنه في الخفاء ذهب إلى أبعد من ذلك. كشفت صحيفة "داجنز نيهتير" اليومية السويدية أخيرا عن رسائل نصية أرسلها إكولم إلى وزيرة في الحكومة في ستوكهولم قال فيها عن الحظر: "كما يبدو الآن، السويد بلد سيئ حقا لإريكسون". أضاف موجها الحديث إلى الوزيرة: "أنت تفهمين تماما سبب وجود عدد قليل جدا من شركات التكنولوجيا في أوروبا".
لابد أن آنا هالبيرج، وزيرة التجارة الخارجية السويدية، شعرت بتهديد ضمني يدفعها لمغادرة السويد، لأنها ردت بأن البلاد مكان جيد لأن يكون مقرا رئيسا لشركة عالمية.
فهل كان إكولم يعبر عن رأيه فقط، أم كان ضغطه على حكومته نيابة عن شركة هواوي علامة على كيفية تمكن الصين من ممارسة نفوذها على الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات؟
كان قرار السويد الخاص بحظر شركة هواوي أمرا غير معتاد من عدة نواح. لدى السويد أنموذج لوجود وكالات تنظيمية مستقلة قوية، كما يتضح من نهجها المثير للجدل تجاه جائحة كوفيد - 19. لذلك لم يتم اتخاذ قرار شركة هواوي مباشرة من الحكومة الوطنية. بدلا من ذلك، اتخذته جهة تنظيم الاتصالات بناء على نصيحة أجهزتها الأمنية والقوات المسلحة، التي حذرت من أن الصين متورطة في "جمع معلومات استخبارية مكثفة وسرقة التكنولوجيا والبحث والتطوير".
لكن القرار برز أيضا، لأنه بدلا من الإشارة بطريقة فضفاضة إلى مخاوف متعلقة بالأمن القومي، مثلما فعلت بلدان أوروبية أخرى، تحدثت السويد عن مخاوف أجهزتها الاستخبارية صراحة.
بالنسبة إلى إكولم، كان بإمكان السويد تحقيق النتيجة النهائية نفسها المتمثلة في منع شركة هواوي من شبكاتها، لكن بطريقة أكثر دقة لحماية شركة إريكسون والشركات السويدية الأخرى من العقوبة. في الواقع، حذرت السلطات الصينية في غضون أيام من الإعلان، من أنه سيكون هناك "تأثير سلبي" في الشركات السويدية.
جادل الرئيس التنفيذي لـ"إريكسون" أيضا بأن أمورا أخرى كانت في خطر. قال لـ"فاينانشيال تايمز" إن شركة هواوي ليست مجرد منافس، بل شريك في تحديد معايير عالمية للشبكات.
داخل الشركة السويدية، هناك قلق من أن يكون نظام تشغيل الاتصالات العالمي في خطر، في وقت تتقدم فيه الصين وأجزاء أخرى من آسيا في شبكة الجيل الخامس.
مع ذلك، يجادل آخرون بأن شركة إريكسون ربما تعرضت للتهديد من الصين، حيث تبيع معدات شبكات أكثر بكثير مما تبيع في السويد، مثلا. تشير إليزابيث براو، وهي سويدية وزميلة مقيمة في معهد أمريكان إنتربرايز، إلى أن إكولم بدا أنه كان يؤكد في حديثه لصحيفة "داجنز نيهتير" أنه شعر بضغط من السلطات الصينية بشأن هذه المسألة.
تقول: "إنه لأمر مأساوي بمعنى أنه يتعين عليه مناشدة الوزراء السويديين لفعل شيء ما، وإلا فإن إريكسون ستتضرر".
بالنسبة لبراو، تحتاج الحكومات الغربية إلى مضاعفة جهودها لدعم شركاتها بشكل أفضل لمواجهة التهديدات المحتملة من الصين وأماكن أخرى. وتجادل: "إذا كنت حكومة السويد أو فنلندا أو المملكة المتحدة أو ألمانيا، فأنت الآن تتحمل مسؤولية مساعدة شركاتك، وإلا فقد لا تكون شركاتك بعد الآن".
أكدت شكوى إكولم الطبيعة المجزأة لنهج كثير من الدول الأوروبية تجاه شركة هواوي والصين والمسائل التكنولوجية الأوسع. هناك إحساس ضئيل بسياسة مشتركة حول كيفية التعامل مع التهديد من الصين أو دعم الشركات المحلية.
تحدثت دول أوروبية عديدة، بما في ذلك المملكة المتحدة، عن إيجاد موردي معدات شبكات آخرين لتقليل مخاطر الاعتماد المفرط على شركتي إريكسون ونوكيا. يتناقض هذا مع الولايات المتحدة التي طرحت في عهد إدارة ترمب فكرة الاستحواذ على حصة في واحدة من الثنائي الأوروبي الشمالي، أو في كليهما.
المخاطر كبيرة. دعم الصين لشركة هواوي، من خلال التمويل الرخيص وغير ذلك كثير، معروف جيدا وقد أدى إلى ميزة تجارية يمكن أن تجد شركتا إريكسون ونوكيا صعوبة في مواجهتها بمفردهما. هل تدافع أوروبا، التي تعد شبكة الجيل الخامس قطاعا تكنولوجيا نادرا تتمتع فيه بتقدم واضح على الولايات المتحدة، عن مواهبها المحلية؟