Author

الأطفال وخطورة الشهرة

|
على الرغم من الفوائد الكثيرة التي تحققت بوجود وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة إلا أن إساءة تطبيقها أو إساءة استخدامها هي الأخرى آخذة في الازدياد، ومن ذلك انتشار ظاهرة شهرة الأطفال ممن هم دون السن القانونية وممن لا يدركون خطورة وتبعات هذه الشهرة في مثل هذه السن المبكرة، التي تعد اللبنات الأساسية لبناء شخصية الطفل وترسم معالم قدراته وإمكاناته في مستقبل حياته. قد نتفهم أن يقوم الوالدان أو أحدهما بتشجيع ظهور ابنه أو ابنته وإبرازه وتحفيز مواهبه في مثل هذه السن المبكرة من أجل أهداف سامية ورؤية مستقبلية مدروسة وهذا أمر لا غبار عليه، ولكن ما يؤسف له أن معظم من يدفع أبناءه للشهرة يكون هدفه الأساس الناحية المادية مستغلا في ذلك براءة الطفل ومحبة الناس له غافلا أو متغافلا عما قد يسببه ذلك من سلب لخصوصية الطفل وتدمير مواهبه العلمية والمهنية في مستقبل أيامه بل ربما تكوينه العقلي والفكري لاحقا. وحسنا فعلت النيابة العامة في المملكة حين وجهت بتحريك دعوى جزائية ضد أولياء الأمور الذين يستغلون أطفالهم في شبكات التواصل الاجتماعي أو ممن لهم علاقة بهم. كما شددت قوانين الحماية من الإيذاء، وحماية الطفل، ومكافحة الجرائم المعلوماتية والإجراءات الجزائية في المملكة على عدم استغلال الأطفال كسلعة لكسب الأموال في شبكات التواصل الاجتماعي. إن إضعاف طموح النشء وجعل اهتمامه سطحيا سيضعف من فكره ووعيه على حين أن مجتمعهم يريد منهم أن يكونوا علماء ومبدعين في جميع المجالات لينهضوا ببلدهم ويسهموا في تحقيق رؤيته وطموحاته المستقبلية. إن الشهرة العريضة لطفل لم يتجاوز الـ15 من عمره ستؤثر حتما في نفسيته التي لا تكون مهيأة للتعامل معها في مثل هذا السن، وسيترتب على ذلك أن يكون هناك تداخل بين مراحل الطفل العمرية، حيث أخذت مرحلة دور مرحلة أخرى وهذا سيولد اضطرابا نفسيا له تأثيره البالغ فيما بعد. نعم إن الشهرة بحد ذاتها ليست جريمة ولكنها تكون كذلك حين يكون الهدف استغلال الأطفال استغلالا سيئا بأي شكل من الأشكال. ولا شك أننا في حاجة ماسة لحملات توعية للآباء والأمهات من خطورة الأضرار التي تترتب على دفع أبنائهم وبناتهم للشهرة غير المنضبطة التي سيكون لها مردود سيئ على مستقبل النشء الذي يتوقع منه مجتمعه الشيء الكثير.
إنشرها