Author

تجربة الدول الآسيوية «5»

|
مستشار اقتصادي
هذا المقال الأخير عن الأفكار الثماني الرئيسة في الكتاب. خصص الكتاب حصة كبيرة للصين، لأن الصين آخر نسخة من الدول الآسيوية التي نجحت، ونظرا لحجم الصين المؤثر عالميا. الصين مهمة مقارنة بدول لم تذكر بالتفصيل مثل روسيا، حيث تجربة الانفتاح والتخصيص التي لم تنجح، وتجربة الهند الناقصة بحكم الحجم. الفكرة السابعة: لجوء النظام الشيوعي إلى الزراعة الجماعية، لن نعيد سلبيات التجربة هنا، لكن بداية إصلاحات دنج شاو بنج في 1978 كانت بالسماح للمزارع العائلية ببيع أي فائض إنتاجي عن الحصة الرسمية، وبالتالي رفع حوافز الإنتاج وتوفير أموال للاستهلاك والاستثمار. الخطوة الثانية كانت فتح خطوط التجارة مع العالم، ثم السيطرة على المنظومة المالية لتسخير وتوجيه الأموال نحو الاستثمارات الصناعية والبنية التحتية.
الفكرة الثامنة: رغم نجاحات الصين المعروفة إلا أن هناك تحديات. التحدي أن تنتقل الصين من دولة ذات دخل متوسط للفرد إلى دولة غنية. نجحت الصين في الصناعات الثقيلة التي قامت بها شركات حكومية، لكن أغلب الصناعات الحديثة تتطلب مرونة متوافرة لدى الشركات الخاصة. رغم تمكن الصين من نقل نحو 600 مليون من حالة الفقر إلى دخل متوسط إلا أن الفجوة في الدخل والثروة زادت بين سكان الريف والمدن. فمثلا هناك حاجة إلى التوسع في إصلاح الأراضي بالسماح للمزارعين بتملك الأرض كما فعلت تايوان واليابان. ربما الأهم لنا مدى الاستفادة من تجربة الدول الآسيوية.
الظروف الموضوعية من عدة زوايا ثقافية ومستوى الحصيلة المعرفية والفنية والتنظيمية والاجتماعية والاقتصادية والمالية "نقاط البداية" مختلفة في المنطقة عنها في شمال شرق آسيا ما يجعل المقارنة ناقصة. العامل المحرك هو درجة الحشد المجتمعية لتحقيق أهداف التنمية، وهذه بدورها تعتمد على القدرة على التعامل مع العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية "البشرية والتعليمية" بدقة، لكن قليل يريدون الربط بين الاقتصاد والتنمية والمال والتحشيد البشري للإمساك بخيط القيمة المضافة على مدى عقود. كما أن النزعة للدقة في الطرح الاجتماعي والتوفير المالي في المنطقة لا يرتقي للتحدي التنموي. لكن أيضا التجربة البشرية واحدة والنجاح ليس لمجتمع دون آخر، خاصة أن التقليد والتعلم جزء أساس من كل التجارب. المهم العزيمة والتجريب والبوصلة. في المملكة جاءت الرؤية والخطط الوطنية لتسد الحاجة المؤسساتية والدفع نحو التنمية بجدية، خاصة أن لدينا من بعض المقومات ما يسمح لنا بتحقيق الكثير، السهل في المدارات الأولى ومن ثم الإعداد للمدارات الأعلى.
إنشرها