"الحوثي" تنظيم إرهابي .. ولا غطاء شرعيا لقياداته
صنفت الولايات المتحدة الأمريكية أخيرا، ميليشيا الحوثي كجماعة إرهابية، ويأتي القرار الأمريكي بتصنيف الميليشيا كخطوة تراكمية لجهود المجتمع الدولي وعديد من الدول، لدعم المرحلة الانتقالية في اليمن منذ عام 2011 حتى عام 2014، إذ تحتاج الخطوة إلى تحرك دولي قوي على الأرض، نظرا إلى أهميتها البالغة، كما تحتاج إلى مستوى رفيع من العلاقات الدولية، خصوصا المدعومة سعوديا وإماراتيا، المتمثلة في جهود التحالف العربي، بثقله السياسي والاقتصادي، المبني على علاقات ودية وصداقة دولية، لتكون أداة ضغط لإنهاء هذا الإرهاب، وإعادة البوصلة إلى الحل الشامل الذي يحترم إرادة الأمة اليمنية، واستعادة الشرعية على كامل التراب اليمني.
ويمكّن القرار الأمريكي السلطات اليمنية الشرعية، من استعادة مؤسسات الدولة المختطفة، كما يطبق مخرجات الحوار الوطني التي مثلت إرادة الشعب اليمني، التي ساد فيها مطلب الأغلبية الحرة من جميع مكونات الشعب، كما سيشكل القرار الأمريكي وسيلة ضغط دولية على جماعة أنهكت الدبلوماسية الدولية بمراوغاتها كما أنهكت الشعب اليمني باستمرار تدميره وتمزيق نسيجه الاجتماعي، من خلال توجيهات خارجية تحمل نفسا طائفيا إيرانيا، ترى فيه طهران وسيلة ضغط معاكسة على الشعب اليمني ودول الخليج، من منطلق طائفي مريض يسعى إلى التمدد وتدمير دول الجوار ونهب خيراتها ومقدراتها.
أثبتت التجارب المتلاحقة أن جماعة الحوثي مسلوبة القرار والسيادة، نتيجة لتبعيتها لطهران ونظام الملالي هناك، إذ لا يمكن التعاطي معه في أي مسألة بشكل حر ومستقل إلا بالعودة إلى المرجعية السياسية الإيرانية الميليشياوية، التي لم تتمكن من حل أزمة الناقلة النفطية صافر، إلا بعد حملة ضغط سعودية خليجية أممية، أجبرتها على التعاطي مع هذا الملف وما يشكله من كارثة بيئية في المنطقة، وبعد هذا القرار لن تتمكن ميليشيا الحوثي من التعامل مع العالم دبلوماسيا ولا من قبل الشركات اقتصاديا، إلا إذا عدلت سلوكها بما يحفظ كرامة اليمنيين واسترداد مؤسساتهم واستعادة الاستقرار والحفاظ على وحدة الشعب ومقدراته، والعودة إلى العمل الوطني تحت المظلة السعودية، التي توفر الأمن والاستقرار لليمن وشعبه.
تعد الخطوة التي اتخذتها واشنطن المتمثلة في تجريم الميليشيا بالإرهاب انتصارا يمنيا، نتيجة لعمل سياسي جاد مشترك وتقدير دولي لخطورة الوضع الذي وصل إليه اليمن بسبب هذه الميليشيات، كما يحتاج هذا العمل إلى خطوات متلاحقة على الأرض من تنفيذ ومتابعة واستكمال مؤسسات الدولة في مناطق الشرعية، فاليمنيون لا يحتاجون إلى تذكير العالم لهم بإرهاب ميليشيا الحوثي وفاشية نظريته، التي تجاوزت قصف المدن وقتل الأطفال، إضافة إلى تمزيق المجتمع طائفيا ومناطقيا ما بين الشمالي والجنوبي، من خلال إيجاد خطاب متجذر للكراهية والعنصرية.
أرعبت ميليشيا الحوثي الإرهابية المجتمع اليمني، من خلال أجهزة قمع مرعبة تحصي على الناس في صنعاء وما حولها أنفاسهم وتصادر مصادر عيشهم، جاعلة من حب علي خامنئي المرشد الأعلى الإيراني فرضا عليهم، فيما يعاني سياساته ملايين الصنعانيين، الذين فقدوا أمنهم وأمانهم، ووظائفهم وتمت عسكرة أبنائهم قسرا وترميل نسائهم جورا في حرب أهلية لا رابح فيها سوى أرباب عبدالملك الحوثي في إيران، الذين صنعوا حالة انفصالية غير مسبوقة، تمثلت في انفصال كامل على مستوى العملة الوطنية وعلى مستوى مناهج التعليم ونظم الإدارة، حيث تجاوز كل ذلك أسوأ من عمليات إرهابية خاطفة محدودة الأثر، والأخطر منهج صناعة التطرف وتصدير العنف بشكل ممنهج، كون ميليشيا الحوثي تؤسس لجيل، عمليا هو خارج نطاق السيطرة، يرى كل ما حوله يستحق الموت، وكل طموحات الصغار أن يقتلوا الآخر، أي كل ما عداهم.
يسهم القرار الأمريكي الأخير في تعريف العالم بحجم الظلم الذي يتعرض له الشعب اليمني من جماعة إرهابية شعارها واضح يبدأ بالموت وينتهي به، إذ ما تقوم به ميليشيا الحوثي تجاه المواطنين جرائم حرب أسوأ مما نسمع عن جرائم بوكو حرام و"القاعدة" بمراحل، ومن هذه الجرائم ما تم حجبه من قبل شركة فيسبوك، كونها مروعة ومرعبة، وتأكيدا على جدية واشنطن في قرارها تجاه إجرام الجماعة، تم رفض طلب الأمم المتحدة التراجع عن تصنيفها تنظيما إرهابيا، معلنة تمسكها بقرارها مع وضع آليات تخفف من تأثير هذا التصنيف في الوضع الإنساني في اليمن.
تروج بعض الجهات المحسوبة على ميليشيا الحوثي الإرهابية، أن القرار الأمريكي المتخذ بحق الجماعة يؤثر في حزمة المساعدات الدولية المقدمة إلى اليمن ومسارها، إذ تمثل هذه المغالطات ضربة مؤلمة للشعب اليمني، الذي يعاني إرهاب ميلشيا يمنية الشكل إيرانية الهوى والطائفة، حيث يعاني الشعب اليمني يوميا الفساد والدمار واستنزاف دول القانون والمؤسسات، وكل ما تقوم به يصب في مصلحة تعزيز الدور الإيراني في اليمن وليس قلقا إنسانيا.
تصاعدت صرخات العقلاء والحريصين على اليمن وشعبها، بمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بأن يدرك حجم كارثة التضليل التي يقودها البعض، إضافة إلى ربط بعض مسؤولي الأمم المتحدة باستمرارية المساعدات الإنسانية برفض إرهاب الحوثي وإدانة جرائمه في اليمن، حتى لا يتم تحفيز بقية الجماعات المسلحة والإرهابية في العالم، وتشجيعها على الإرهاب، لقطع الطريق عليها والتخلص من العنف وقتل الأبرياء، وحتى لا يفهم أن دفاع بعض المسؤولين الدوليين قد يفهم أنه تشجيع للإرهاب والعنف، وليس حرصا إنسانيا.
التحرك الأمريكي بإدانة ميليشيا الحوثي بالإرهاب متأخر، لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح، خصوصا أن هذه الجماعة تواجه ظروفا صعبة فيما يخص الشرعية، إضافة إلى ضعف الجهة الداعمة لها، والرفض الدولي لسياسات النظام الإيراني وإرهابه، الذي تجاوز بوحشيته النازية والفاشية، التي يريد الحوثي إحياءها، إذ تم الترويج لمقطع متلفز يظهر كيفية تربية ميليشيا الحوثي للضباط الشباب وخريجي الكليات العسكرية برفع التحية النازية، التي قتلت ملايين البشر، فيما يستنسخ الحوثي هذه السياسة، من خلال خليط من خطاب مذهبي مخيف وتحية نازية تقلد جنون هتلر، فما يجري هو تفريخ لمؤسسات إرهابية لا تدمر اليمن فقط، لكن تدمر الإقليم والعالم، ومواجهة ذلك مسؤولية الجميع، فالإرهاب عدو الكل، وأولهم أبناء الدولة والمنطقة.