سوق العمل السعودية بعد الاستراتيجية

كتبت في هذه الزاوية مقالا عن سوق العمل السعودية قبل الاستراتيجية الجديدة وصفت فيه الحالة التي عليها السوق الآن، وهي الحالة المستمرة منذ أعوام على الرغم من المحاولات السابقة لجعل السوق جاذبة للمواطن السعودي، ولم تفلح الطفرة الاقتصادية - التي كان لها كثير من العيوب والتي قد تفوق ما كان لها من مزايا - من تمكين الشاب السعودي آنذاك بمؤهلاته المتواضعة وخبراته المعدومة من الوقوف في مواجهة العمالة الوافدة، التي استقدمت بحجة الحرص على تنفيذ المشاريع الكبرى بسرعة حتى ولو لم تكن المؤهلات والخبرات صحيحة ومناسبة للعمل، وساعد على تأصيل مبدأ أن الأجنبي هو الأفضل كون من يديرون الشركات حتى أقسام الموارد البشرية فيها من غير السعوديين. واليوم ونحن نستعد لتنفيذ استراتيجية جديدة لسوق العمل التي تستوعب أكثر من عشرة ملايين وافد وتعجز عن استيعاب عدد أقل بكثير من أبناء الوطن الباحثين عن العمل بعد أن أصبحت مؤهلاتهم أفضل بكثير من مؤهلات الوافدين وبقيت شهادة الخبرة التي يتسلح بها الوافد هي العائق الذي نتوقع أن تحله الاستراتيجية الجديدة، ولم أجد من خلال ملامح الاستراتيجية إشارة واضحة إلى كيفية حل مشكلة الخبرة، التي يتذرع بها أصحاب الأعمال لاستقدام الوافدين وقبول شهادات خبرتهم كما هي، ويطول الانتظار وتتسع دائرة الباحثين عن العمل ولا أريد أن أستعمل وصف العاطلين عن العمل فهم معطلون وليسوا عاطلين. ومع اعترافي بأن عبارات الاستراتيجية جميلة إلا أن بعض العبارات تحتاج إلى شرح فمثلا: "وضع نظام للمهارات" ولم يوضح هذا الهدف بشرح مفصل، ومثل ذلك أن الاستراتيجية تهدف إلى خفض معدل بطالة المواطنين، ودون الإشارة إلى الآليات والأساليب لتحقيق ذلك، ولعل ذلك يكون في النص الكامل للاستراتيجية، لكن من المهم إعلاميا تعريف الشباب بالقطاعات الجاذبة للتوظيف حاليا ومستقبلا وأهمية أخذ دورات تدريبية قبل العمل في هذه القطاعات، ومن المحاور التي وجدت فيها إشارة واضحة للتدريب ما جاء تحت عنوان "المهارات والقيم"، حيث أشير إلى رفع المهارات وإعادة التأهيل، لكي تتواءم مع احتياجات سوق العمل مع تخطيط المهن الحالية والمستقبلية وإعادة تصميم برامج الدعم الوظيفي ودعم الباحثين عن العمل.وأخيرا: يظل التدريب العملي Practical لطلاب الجامعات والتدريب على رأس العمل On Job Training للخريجين هو مفتاح الحل، فألمانيا بتقدمها في جميع المجالات الاقتصادية والصناعية بالذات لم تتقدم إلا بالتدريب الذي يكسب المهارات والخبرات في آن واحد، ولقد أعجب مسؤول سعودي زار ألمانيا أخيرا بتدريب الشباب الألمان في مصانع السيارات وغيرها على رأس العمل، ما أوجد جيلا مؤهلا لقيادة التقدم الصناعي الذي لا يعتمد على الوافدين مع تقديرنا لكل من أسهم معنا في بناء هذا الوطن في الماضي، وننتظر أن يتولى شبابنا هذه المهمة مستقبلا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي