FINANCIAL TIMES

المستثمرون ينظرون إلى ما وراء اقتحام مبنى الكابيتول

المستثمرون ينظرون إلى ما وراء اقتحام مبنى الكابيتول

بالنسبة للأسواق ذات الحس البارد، لم يكن الحدث السياسي الكبير الأسبوع الماضي هو بحد ذاته جموع الخارجين عن القانون الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأمريكي.
صعِق المستثمرون الأفراد من الأحداث في واشنطن التي أثارتها ثورات الغضب التي أصابت أعلى مستويات السلطة. لكن بعد تذبذب قصير الأربعاء، استأنفت الأسهم الأمريكية والعالمية اتجاهها الأخير المتمثل في كسر أرقامها القياسية.
يبدو أن المستثمرين يتطلعون إلى نقل السلطة الذي يتوج بتنصيب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة هذا الشهر – وهي عملية خلافة اعترف بها ترمب في وقت متأخر.
قال نيكولاس كولاس، الشريك المؤسس لبيت الأبحاث المستقل، داتا تريك: "الأسواق، وهي محقة من وجهة نظرنا، ترى الحكومة الأمريكية على أنها في نهاية المطاف مجموعة مستقرة بدرجة كافية من المؤسسات حتى لو اتخذت الأمور في بعض الأحيان طابعا فوضويا ومرعبا".
الأمر الذي كان ذا أهمية أكبر للأسواق من غزو الكابيتول هو التحول الذي حدث الأسبوع الماضي في مجلس الشيوخ بعد انتخابات الإعادة في جورجيا. هذه الانتخابات ستترك مجلس الشيوخ منقسما بالتساوي بين الحزبين بحيث يبقى اتخاذ القرار بشأن مسائل الميزانية في يد نائبة الرئيس المنتخبة، كامالا هاريس.
هذا يعطي الحزب الديمقراطي مزيدا من الحرية للدفع نحو زيادة الإنفاق لدعم الاقتصاد، بينما يكتسب طرح اللقاحات زخما في الأشهر المقبلة. من المحتمل أن تعمل بيانات الوظائف الأمريكية المخيبة للآمال لشهر كانون الأول (ديسمبر) على تعزيز الدافع من أجل مزيد من الدعم من المالية العامة. وهذا بدوره يجدد الزخم وراء الاتجاهات السائدة في أسواق الأسهم والسندات التي بدأت تتكشف في الأشهر الأخيرة.
وتشمل هذه ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل وتوقعات التضخم التي هي دلالة على الآمال في تسارع الاقتصاد في وقت لاحق من هذا العام. أسعار الفائدة لأجل عشرة أعوام في الولايات المتحدة وتوقعات التضخم ارتفعت بشكل حاد الأسبوع الماضي وهي تقود إعادة تمركز في أسواق الأسهم. عائد سندات الخزانة القياسي لأجل عشرة أعوام تجاوز 1 في المائة للمرة الأولى منذ آذار (مارس) من العام الماضي.
انخفاض أسعار الفائدة لأجل عشرة أعوام يعزز تقييم الشركات التي تنمو بسرعة في الوقت الذي يتم فيه خصم تدفقاتها النقدية المستقبلية بمعدل أقل. إذا تم عكس هذا الاتجاه، ستقل الجاذبية التي تبدو بها أسهم التكنولوجيا والنمو ذات القيمة العالية التي ارتفعت في العامين الماضيين.
في المقابل الآفاق الاقتصادية القوية، جنبا إلى جنب مع ارتفاع التضخم يجعلان الحياة أسهل للشركات الأقل جاذبية لتوليد أرباح أفضل. هذا العام بدأت التكنولوجيا، كما هو متوقع، متخلفة عن شركات الطاقة والمواد والبنوك والشركات ذات الرسملة الصغيرة والمتوسطة.
قال جاك أبلين، كبير الإداريين الاستثماريين في كريست كابيتال Cresset Capital، لإدارة ثروات المكاتب العائلية: "ساعدت أسعار الفائدة المنخفضة على دفع تقييمات الأسهم إلى الأعلى، والآن لم تعد الرياح الخلفية تهب بشدة".
وصول شهر كانون الثاني (يناير) يغلب عليه أن يجعل المستثمرين يقيمون ما إذا كانت الشركات المتخلفة عن الركب في الآونة الأخيرة تستحق الامتلاك مقابل مناطق السوق التي كان أداؤها جيدا للغاية. يعرف أحد الأساليب باسم شراء "كلاب داو" – أي الاستثمار في عشر شركات لديها أعلى عائد توزيعات في مؤشر داو جونز الصناعي في بداية كانون الثاني (يناير). تمثل العوائد المرتفعة تقييما أقل للشركات.
من 2001 حتى بداية 2019، سجلت استراتيجية "الكلاب" المذكورة رقما قياسيا قويا. يقدر بانك أوف أمريكا أنها حققت متوسط عائد سنوي إجمالي 9.5 في المائة في هذه الفترة، متجاوزة مكاسب بنسبة 7.3 في المائة لمؤشر إس آند بي 500، بما في ذلك إعادة استثمار أرباح الأسهم.
ولكن بعد تأخر السوق الواسع خلال 2019، تركت "الكلاب" تبدو وكأنها تعرضت لأذى شديد في 2020 بإجمالي عائد 8 في المائة مقارنة بمكاسب إس آند بي 500 البالغة 18.4 في المائة، بمجرد تضمين إعادة استثمار الأرباح. من أدنى مستوياتها في آذار (مارس) الماضي، ارتفعت "الكلاب" في العام الماضي بنسبة 45 في المائة مقابل صعود السوق الأوسع بنسبة 70 في المائة تقريبا.
"كلاب" هذا العام – والجرينز، وشيفرون، وادو، وآي بي إم، وثري إم، وسيسكو، وكوكا كولا، وأمجين، وميرك، وفيرايزون – بدأت بمتوسط عائد أرباح 4.1 في المائة، وفقا لبانك أوف أمريكا.
لكي تظهر تلك الشركات بعض القوة وتعكس ضعف أدائها الأخير، هناك حاجة إلى انتعاش قوي في أرباح الشركات. كان أداؤها أفضل في الماضي في الصعود من القاع في فترات الركود.
من 2003 إلى 2007، قدر بانك أوف أمريكا أن الشركات المذكورة قدمت عائدا بنسبة 13.74 في المائة مع إعادة استثمار أرباح الأسهم مقارنة بـ13.15 في المائة لمؤشر إس آند بي 500 الأوسع. وبالمثل، من 2010 حتى 2014، عرضت عائدات بنسبة 18.25 في المائة مقابل 15.85 في المائة لمؤشر سوق الأسهم الأمريكية القياسي.
قال جيمس بولسن، كبير محللي الاستثمار في ذا ليثولد جروب The Leuthold Group: "بعد 2001 و2009، كان هناك تحول كبير في الزخم الاقتصادي الذي أعاد الحياة إلى أصحاب المراكز المخالفة للتيار العام". أضاف أن المستثمرين يمكنهم الحصول على توزيعات أرباح جيدة من الشركات العالمية التي ستستفيد من الانتعاش الاقتصادي الدولي في 2021.
كولاس، من داتا تريك، أشار إلى أن من بين شركات "الكلاب" الحالية سيكون لدى أمثال شيفرون، وداو، وثري إم "نفوذ كبير لتحقيق الانتعاش الاقتصادي".
لكنه ذكر أن قطاع التكنولوجيا سريع النمو يشهد زيادة في الأرباح من الاتجاهات الناشئة عن الوباء، مثل العمل من المنزل. هذا يجعل من الصعب على شركات "الكلاب" التفوق. لكن بالنسبة للمخالفين للتيار، هذا يوفر فرصا.
قال كولاس: "أينما تجد أن أرباحك تسبب مفاجأة فهذا ما يقود محفظة الأسهم الخاصة بك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES