بالحكمة وتطوير الدفاع .. السعودية تقود أمن الخليج والمنطقة
بالحكمة وتطوير الدفاع .. السعودية تقود أمن الخليج والمنطقة
ودعت المنطقة عاما مليئا بالأحداث الملتهبة، إذ فوت عقلاؤها في الخليج فرصة وقوع الحرب، متجاوزين رعناء السياسة الإيرانية الباحثين عن الخراب والدمار، الذين يتغذون على سفك الدماء ودخان الحروب المنبعث من السلاح غير الشرعي الموجود في أيدي ميليشياتها الطائفية، التي لم توفر أي فرصة لهدم ما يمكن هدمه من دول المؤسسات المجاورة.
تمدد طائفي
ينتشر التغلغل الإيراني على رقعة جسد الوطن العربي انطلاقا من اليمن إلى لبنان مرورا بالعراق وسورية، خاطفين أحلام بعض المغرر بهم، وعلى الرغم من التعامل المنطقي والتجاوب المتوازن مع التصرفات العبثية للنظام الإيراني إلا أن دول المنطقة تعاملت بمنطق تجاوز الحدث مع ضمانة عدم تكراره، مكبلين إرادة الشر الإيرانية بقرارات دولية ملزمة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب، مجنبين طرق الملاحة الدولية في الخليج العربي خطر الاستهداف كما حدث سابقا باستهداف ناقلات النفط في خليج عمان، ومحطة بقيق النفطية التي تشكل 5 في المائة من مجمل الإنتاج النفطي العالمي.
تواجه دول الخليج وحلفاؤها في العام الجديد 2021، خطرا إيرانيا متجددا، خصوصا في ظل إدارة أمريكية جديدة، كان لسلفها الديمقراطي بقيادة الرئيس باراك أوباما نتائج كارثية في التعامل مع الملف الإيراني، من خلال التوقيع معها على اتفاق نووي في عام 2015، مكنها من حلحلة اقتصادية وفك حصار اقتصادي وسياسي كبير، كان له الأثر فيما بعد في استهداف قواعد وطائرات مسيرة أمريكية، خصوصا بعد استهداف قاسم سليماني قائد فيلق القدس السابق، الذي تقترب ذكرى اغتياله السنوية الأولى، مع استمرار استهداف قاعدة عين الأسد الأمريكية في بغداد، وكذلك استهداف سفارتها هناك.
دبلوماسية سعودية
اتجهت الدبلوماسية السعودية نحو إعادة ترتيب البيت الداخلي، لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة، جاعلة من عاصمتها الرياض مظلة وحاضنة للمصالحة والاتفاق الخليجي الخليجي، بجمع مكونات هذا البيت والاتفاق على إنهاء الخلاف تتويجا لجهود الأمير الكويتي الراحل صباح الأحمد الصباح وخلفه الأمير الحالي نواف الأحمد الصباح، ورغبة من دول الخليج في الالتقاء وإعادة المياه إلى مجاريها، لما يحيط بها من أخطار تهدد مصالحها وأمنها وأمانها، فكان لزاما الالتفات إلى مكونات الوحدة وما تقتضيه مصالح التعاضد الأخوية الخليجية، بهدف تفويت الفرصة على الطامعين في زيادة الشرخ والاستفادة من الظروف السابقة، التي شهدت انفتاحا بين أحد أطراف النزاع الخليجي والعدو الإيراني المشترك.
يمتلك النظام الإيراني قوة صاروخية ذات قدرة تدميرية عالية، لكنها بدائية من الناحية التكنولوجية، وهذا يزيد من خطرها في حال استمرت السياسات الإيرانية في استهداف دول الخليج، من خلال قواعدها المتقدمة في اليمن والمتمثلة في ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذات الطابع الانقلابي، التي تسيطر على أجزاء كبيرة في اليمن من منطلق طائفي بحت، وهنا لا بد من مشروع صاروخي رادع يواجه هذه التحديات الكبيرة والخطيرة التي تواجه المنطقة والأمة، لحماية مصالحها وطرق الملاحة الدولية، وخطوط ومحطات النفط، التي تزود العالم بحصة نفطية تتجاوز ثلث احتياجاته من النفط والغاز.
لطالما وحدت السياسات الإيرانية العدائية المصالح الأمريكية الخليجية والعربية والإقليمية تجاه خطر مشترك يهدد المنطقة، إذ ستنضم الإمارات والبحرين في معاهدات تعاون صاروخية، لزيادة الحصون الدفاعية والتصدي للأطماع والمخاطر، التي يشكلها نظام الملالي، لمواجهة الصواريخ الباليستية والقذائف القصيرة والمتوسطة المدى والطائرات بدون طيار، التي تم استخدامها جميعا تجاه مصالح نفطية عربية ومصالح عسكرية أمريكية، وسيكون المشروع الدفاعي الصاروخي - القابل للتوسع والتمدد ليشمل دولا أخرى غير الإمارات والبحرين، خصوصا من الدول التي تعاني الأخطار الإيرانية - مشابها لمشروع منهاتن لتطوير أسلحة ذرية في أعوام 1942 - 1946، مع قابلية تطبيق واضحة في إطار منافسة القوى العظمى ضد الصين وكوريا الشمالية وروسيا، التي تشكل متنفسا لإيران وداعما لها.
تطوير مستمر
تنبع أهمية الدفاع الصاروخي المشترك، وسبل تطويره من المواجهة المستمرة مع نظام الملالي في طهران، الذي يقود هجوما صاروخيا باليستيا بدائيا بتكلفة منخفضة لا تتجاوز عشرات آلاف الدولارات ذات الخطر الكبير على الأرواح والمصالح المادية، إذ تراوح التكلفة المالية لصاروخ اعتراض من منظومة باتريوت الأمريكية ما بين مليونين إلى أربعة ملايين دولار، وهذا في حد ذاته فاتورة مرتفعة مقارنة بصاروخ تدميري بدائي يمتلك مسافة بعيدة أو متوسطة المدى، ما يجعل تبادل الخبرات الصاروخية بين الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة والخليج أمرا ضروريا، لتجاوز هذا الخطر المحدق، الذي يهدد هذه الدول وشعوبها ومصالحها، فهو لا يشكل خطرا بقدراته وسياساته فقط إنما بتخلفه العسكري كذلك، حيث هددت القوات الإيرانية الملاحة الجوية باستهداف الطائرة الأوكرانية وأسقطتها بناء على رصدها صاروخا على أجهزة الرادار، لتكون الأجواء وأمن وسلامة المطارات في الخليج مهددة بسبب بدائية أنظمة هذا النظام، وقدراته المحدودة، دون النظر إلى العواقب الوخيمة، التي قد تحصل نظرا إلى حالة التخلف العسكري، التي تعيشها ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى المؤسسة العسكرية الإيرانية المتمثلة في القوات المسلحة، والفاقدة لكل مقوماتها وإرادة اتخاذ القرار، نظرا إلى عدم ثقة المرشد الأعلى علي خامنئي بها، والخوف من انقلابها عليه وعلى مبادئ الثورة الإيرانية.
ويشكل الدفاع الصاروخي المشترك ضرورة ملحة للدول الخليجية، التي قطعت شوطا في هذا المجال، إذ تمتلك - وعلى رأسها السعودية - خبرة واسعة في الدفاع الصاروخي، إذ تمكنت من صد هجمات إيرانية وقبلها عراقية في حرب الخليج من قبل نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، وهذا يعطي السعودية قدرة إضافية على الإسهام بشكل مثمر في برنامج دفاع صاروخي مشترك، حيث تتميز المملكة بتحالف عالي المستوى مع واشنطن، وسياسة دولية متزنة، إضافة إلى ثقل إسلامي عربي يجعلها وجهة أكثر من مليار ونصف مليار من العرب والمسلمين، كما تحظى بثقل اقتصادي كبير، لأنها ثاني مخزون نفطي احتياطي في العالم، وكذلك أنها عضو في مجموعة العشرين.