Author

السعادة والاقتصاد

|

السعادة مصطلح يعرفه الجميع ويتفقون على أهميته، فمن من البشر لا ينشد السعادة؟!. بعضنا ينظر إلى السعادة وكأنها طائر العنقاء لا يمكن العثور عليه ويظل يركض يمنة ويسرة باحثا عنها، بل يحلم أن يعثر على مفتاحها مرددا "لو بيدي ألقى مفتاح السعادة"! وما علم أنها ليست شبحا نطارده أو خيالا نرقبه من بعيد، وإنما هي أمر يسير نحمله بين جوانبنا طوال الوقت، وكل ما علينا هو أن نكتشفه وننميه، وإلا سينطبق علينا قول الشاعر،
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
فالسعادة أن تعرف أولا لماذا خلقت في هذه الدنيا؟ ما سر وجودك؟ وإلى أين أنت ذاهب؟ وحين تترسخ هذه القناعات لدى الإنسان يبدأ تحديد رؤيته وأهدافه في هذه الدنيا. هل السعادة هي المال والثروة ورغد العيش، أم أنها الزوجة والأولاد، أم أنها الصحة، أم أنها الجاه والشهرة، أم أنها كل ما سبق؟ عندما قلت: إنها تنبع من داخل الإنسان فهي كذلك من حيث إنه يجب أن يدرك أن المال مثلا مهم جدا، ولكن لا يسمح له أن يسيطر عليه فيصبح أسيرا لديه، بل يجب عليه هو أن يسيطر على المال ويسخره لسعادته. والأمر كذلك بالنسبة إلى الزوجة والأولاد والصحة والجاه وغيرها. ونحن هنا نتحدث عن السعادة على مستوى الأفراد، لأن السعادة على مستوى الشعوب لها معاييرها الخاصة. إن ربط السعادة بالاقتصاد الذي يرى أهميته كثير من الخبراء يكمن في الأسباب والمعطيات التي تحقق للإنسان القدر الكافي من الرضا والطمأنينة على نفسه وأهله، من حيث توافر المقومات الأساسية من مستوى معيشة مقنع ومن توافر الصحة والتعليم والخدمات الأخرى. هناك تخصص أكاديمي يعرف باقتصاد السعادة Happiness Economics وهو دراسة أكاديمية للعلاقة بين الرضا الفردي والقضايا الاقتصادية سعيا إلى معرفة العوامل التي يكون لها دور أساس في زيادة أو نقص رفاهية الانسان وسعادته. إن سعادتنا كأفراد لها انعكاس مباشر على النمو الاقتصادي للدولة، وهذا ما تسعى اليه رؤية المملكة 2030 التي ستتحقق بفضل الله ثم بفضل جهودنا نحن أفراد هذا المجتمع. إنه لا عذر لنا أن نكون أكثر أهل الأرض سعادة، لأننا نملك كل مقوماتها شريطة أن ندرك مكامن وجودها في أنفسنا ومجتمعنا.

إنشرها