الروبوت يسد فجوة العمالة في مزارع بريطانيا

الروبوت يسد فجوة العمالة في مزارع بريطانيا
الروبوت النسر في مزرعة فليفرفريش في إنجلترا.

مع اقتراب عيد الميلاد في مشتل ميلرو في ميرسيسايد، شمال غربي إنجلترا، أحد العمال لا يرغب في قضاء عطلة، ولا يساوره القلق بشأن الإصابة بفيروس كوفيد - 19، ويسعده العمل لمدة تصل إلى 23 ساعة يوميا في قطف الطماطم.
يقوم روبوت النسر، الذي حصل عليه مالك مشتل فليفرفريش Flavourfresh في حزيران (يونيو)، بتحديد وقص مجموعات من الطماطم وجمع البيانات في البيت الزجاجي المستقبلي "جينيسيس" Genesis حيث ينمو المحصول على مدار العام تحت إضاءة مركزة.
شركة Xihelm التي صنعت "النسر" مقرها لندن، واحدة من بين عدة شركات ناشئة تتنافس لجلب روبوتات الحصاد إلى الاستخدام التجاري، من خلال إتقان كل من الذكاء الاصطناعي المستخدم لتحديد الفاكهة الناضجة والهندسة الدقيقة لالتقاطها.
مشكلات العمل المرتبطة بفيروس كورونا و"بريكست" دفعت التطور في قطاع بريطاني متنام يحاول حل واحدة من أصعب المشكلات في مجال التكنولوجيا الزراعية.
شارماي براوت، العضو المنتدب في فليفرفريش، وهي مزارعة للخضراوات والفاكهة، قالت عن الروبوت: "نعده أداة تمكننا من إدارة أعمالنا بشكل أفضل وتزويدنا بمعلومات لم نكن نملكها من قبل، الأمر الذي من شأنه أن يغير الطريقة التي نزرع بها محاصيلنا ونحصدها".
أضافت: "سيساعدنا ذلك على التخلص من مخاطر الاعتماد على العمالة الموسمية، وكذلك في حمايتنا من فيروس تجعد أوراق الطماطم، الذي يمثل تهديدا حقيقيا لصناعة الطماطم".
سعى جيمس كينت، موظف جوجل السابق الذي يدير Xihelm، أولا إلى تطبيق الذكاء الاصطناعي على رسم خرائط المرافق الحضرية. لكن في 2018، تحول إلى الزراعة، وفاز بمنحة من وكالة الابتكار الوطنية، إنوفيت يو كيه. قال: "أردنا بناء شيء يحدث ثورة في قطاع ضخم".
لكن الثورة ستستغرق مزيدا من الوقت. أدت التطورات في التعلم الآلي إلى جعل روبوتات الحصاد في مرمى البصر، لكن لم يصل أي منها بعد إلى مرحلة التشغيل التجاري في المملكة المتحدة. وصلت Xihelm إلى ما يسميه كينت مرحلة "البحث والتطوير المتقدم".
في السابق كان نحو 80 ألف عامل موسمي يصلون كل عام من دول الاتحاد الأوروبي لحصاد الفاكهة والخضراوات، لكن اعتبارا من 2021 لن يكون لديهم الحق التلقائي في في ذلك.
مخطط العمال الموسميين سيمكن بعضهم من دخول المملكة المتحدة، لكن المزارعين قلقون من أن العدد لن يكون كافيا، في حين ثبت أن توظيف العمال المقيمين في المملكة المتحدة صعب ومكلف. قالت براوت إن العمال الأجانب الذين كانوا يأتون كل عام أصبحوا أكثر ترددا لأن الجنيه الاسترليني بقي ضعيفا مقابل اليورو.
في الوقت الحاضر، تتم رعاية روبوتات Xihelm باستمرار من قبل العمال الذين يراقبونها ويعالجون أي مشكلات. قال كينت إن الأجهزة ستقلل في النهاية عدد العمال اللازم للحصاد بنسبة تراوح بين 50 و70 في المائة، من سيبقى هم مشغلو الروبوتات المهرة.
روبوت النسر لا يقطف أسرع من الإنسان - لكنه يمكن أن يعمل على مدار الساعة، ويتوقف فقط للشحن والتنظيف.
يستخدم الروبوت ما يصل إلى 40 كاميرا، معظمها تقوم بالتصوير ثلاثي الأبعاد، للتنقل بين نباتات الطماطم. يناور جسمه الذي يبلغ طوله ثلاثة أمتار على طول صفوف من النباتات، وتتحرك ذراعه متعددة الوصلات بشكل متأرجح لقص السيقان.
تستخدم الروبوتات ما يعتقد كينت أنه أكبر قاعدة بيانات في العالم لصور الطماطم. يمكنه نقل بيانات في الوقت الفعلي حول تغير لون الأوراق ومشكلات الري وغيرها من العلامات الدالة على أشياء تتطلب العلاج. تأمل Xihelm في زيادة عدد الروبوتات العاملة من حفنة صغيرة الآن إلى أكثر من 100 بحلول نهاية 2021.
دعمت الحكومة البريطانية عديدا من مشاريع الروبوتات الزراعية، بما في ذلك 2.5 مليون جنيه استرليني من إنوفيت يو كيه هذا العام للمساعدة على إنشاء مزرعة روبوتية توضيحية في كينت، ومنحة لشركة فيلدورك روبوتكس، وهي شركة انبثقت عن جامعة بليموث.
لكن البروفيسور سايمون بيرسون، أستاذ تكنولوجيا الأغذية الزراعية في جامعة لينكولن الذي عمل سابقا مع Xihelm، دعا إلى دعم أكبر بكثير لتمكين روبوتات الحصاد من بدء العمل تجاريا في 2022. وإلا فهو يتوقع أن يكون ذلك على الأقل في 2023 أو 2024. أضاف: "هذه تكنولوجيات متقدمة جدا ذات إمكانات تصدير كبيرة".
قال علي كابر، الذي يرأس مجلس إدارة البستنة والبطاطس في الاتحاد الوطني للمزارعين في المملكة المتحدة، إن الروبوتات "ستكون حاسمة في المستقبل، لكن المستقبل لا يمكن أن يأتي بالسرعة الكافية". أضاف: "ما يتطلعون إلى محاكاته صعب للغاية، حتى بالنسبة لأكبر الأدمغة في العالم"، متوقعا أن يأتي الاستخدام التجاري الواسع بعد سبعة إلى عشرة أعوام، ما لم تكثف الحكومة تدخلها.
قالت وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية: "نحن ندعم بقوة الابتكار واستخدام التكنولوجيا الجديدة في الزراعة، التي يمكن أن تسمح للمزارعين بتحسين إنتاجيتهم مع تقديم فوائد بيئية".
أضافت: "استثمارنا في البحث والتطوير في المجال الزراعي - وخطط مثل صندوق الاستثمار الزراعي الجديد - سيمكن من تطوير تكنولوجيا جديدة، ما يساعد على تحقيق اختراقات علمية".
وتعمل شركات أخرى على حصاد القرنبيط والتوت والفراولة. تتوقع شركة ساجا روبوتكس ـ مقرها النرويج ـ أن يكون لديها 10 إلى 15 روبوتا في المملكة المتحدة في موسم النمو المقبل لمكافحة العفن الفطري على نباتات الفراولة، قبل إضافة وظيفة الحصاد في العام التالي. يريد الرئيس التنفيذي، بال جوهان فروم، أن يكون لديه 100 روبوت في الميدان بحلول 2022 وبضع مئات بحلول 2023.
قال إن التحدي الأكبر كان الاتساق "من السهل نسبيا جعلها تعمل مرة أو مرتين واختيار بعض الفراولة. لكننا نحتاج إلى أن تقود روبوتاتنا آلاف وآلاف الكيلو مترات دون أن تتعطل، وتقطف باستمرار الفراولة الناضجة والخالية من الآفات مرارا وتكرارا".
مثل Xihelm ، تركز ساجا بشكل أساسي على تقديم "الروبوتات باعتبارها خدمة". في هذا الأنموذج لا يشتري المزارعون الروبوتات ولكن يدفعون لشركة الروبوتات مقابل الإنتاج الذي يتم حصاده. صانع الروبوت مسؤول عن صيانة الآلة وتوفير طاقم للإشراف عليها. وهذا يجعل العرض أكثر جاذبية للمزارعين - مع ترك معظم المخاطر Xihelm ومنافسيها.
ديفيد موت، من أكسفورد كابيتال، مستثمر في Xihelm ، يدعم هذا الأنموذج. قال: "أحد الأشياء التي نحبها في العمل هو القدرة على توليد تدفقات دخل طويلة الأجل". وقال عن سرعة التطوير: "نحن سعداء للغاية بالتحلي بالصبر (...) نحن نعلم أن الطلب موجود ونعلم أن التكنولوجيا قادرة على تلبيته".

الأكثر قراءة