Author

الحوكمة والاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
تطور مهم في القطاع العقاري الذي يمثل أحد أهم القطاعات اليوم في المملكة، إلا أنه لم يحظ بالقدر الذي يستحقه من الاهتمام رغم أنه رافد لكل البرامج والأنشطة الاقتصادية، سواء التجارية أو الصناعية أو السياحية أو السكنية وغيرها، حيث تطور هذا القطاع في المملكة بشكل كبير، والنمو الذي يحققه كبير، كما أن التطورات الأخيرة من شأنها دعم الاقتصاد الوطني، ولذلك كان لا بد من وجود استراتيجية شاملة توحد فيها كل البرامج والمبادرات والأنظمة والتشريعات الخاصة بالعقار.
موافقة مجلس الوزراء على الاستراتيجية الشاملة للعقار تطور مهم في مرحلة التحول الوطني تجاه تحقيق رؤية المملكة 2030، حيث بنيت الاستراتيجية الشاملة على أربع ركائز، ولعل أحد أبرز تلك الركائز ما يتعلق بحوكمة القطاع العقاري، حيث تنبثق عنه الأنظمة والتشريعات وإصدار اللوائح والسياسات، وتطوير نماذج حوكمة ووضع خطط تواصل فاعلة، وتحسين آليات الإشراف. ومن بين ما تتضمنه نظام الوساطة العقارية، ونظام التسجيل العيني للعقار، ونظام المساهمات العقارية، ونظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها وإدارتها، وإعداد لائحة للمزادات العقارية، وضوابط للتسويق الإلكتروني والإعلانات العقارية.
ولعل واحدة من الإشكاليات التي يواجهها القطاع العقاري قطاع الوساطة العقارية، إذ يعتمد في أغلبه على أعراف عقارية موروثة منذ زمن كان القطاع العقاري فيه محدودا، وفي ظل التطور الكبير والفرص التي يمكن أن يقدمها مجال الوساطة العقارية، من حيث زيادة النشاط العقاري وتحقيق قيمة مضافة إلى هذا القطاع وتوفير فرص وظائف مناسبة للمواطنين، إضافة إلى تسهيل عمل الجهات التنظيمية والعدلية بما يجعل هذا النشاط يقدم قيمة مضافة للسوق، ويعزز كفاءة النشاط العقاري، ومستوى الشفافية في هذا القطاع بما يزيد التدفقات النقدية للاستثمار في هذا القطاع.
الملاحظ اليوم وجود عشوائية كبيرة في مكاتب الوساطة العقارية حتى أصبحت منفرة للقوى العاملة الوطنية للبدء بنشاطهم لمنافسة القوى العاملة الأجنبية للعمل في هذا القطاع بصورة غير نظامية، كما أن آلية الوساطة العقارية لا تمكن المكاتب العقارية من حفظ حقوقها، إضافة إلى أن العشوائية شجعت على وجود مجموعة من العشوائية والنزاعات بين الوسطاء العقاريين في النظام الذي ينبغي العمل عليه في تحديد العمولة العادلة، ونوع الخدمة التي يمكن أن يقدمها الوسيط للمستفيدين من عمليات التداول في القطاع العقاري، والإشكالية الكبيرة فيما يتعلق بمن يستحق هذه العمولة، ما دفع الوسطاء إلى عدم وجود شفافية في تعاملاتهم، وأضر بالمستفيدين من هذا القطاع في الوصول إلى رغباتهم بشكل عادل. ومن الإشكالات التي تتعلق بمكاتب الوساطة العقارية، تصنيفها وتحديد الحد الأقصى للاستحقاق المادي عليها، حيث إن هذه الأعمال تتنوع بين التأجير والبيع وتقديم خدمات إدارة المنشآت العقارية التجارية، إضافة إلى تقديم خدمات تتعلق بالوكالة عن ملاك العقارات وخدمات تتعلق بالتفاوض بين الأطراف المستفيدة من تلك العقارات وتقييم العقارات وخدمات ممكنة أخرى يتفاوت فيها الوسطاء فيما يتعلق بقدراتهم وإمكاناتهم في تقديم تلك الخدمات، وكل إجراء يتطلب وجود تنظيم يهتم بحفظ حقوق الأطراف في العلاقة العقارية، إضافة إلى تطوير هذه الخدمات بما يعزز كفاءتها وشفافيتها، كما أنه لا بد أن يكون هناك عمل على تطوير برامج تدريبية ومقررات أكاديمية تتعلق بالقطاع العقاري، حيث إن حجم المعاملات في هذا القطاع قد يتجاوز مئات المليارات سنويا في المملكة. وفي ظل الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، أصبح من المهم العمل على رفع كفاءته من خلال أكثر من مسار، ومنها تطوير الدراسات والبحوث والمعلومات الخاصة بالقطاع العقاري. والتنظيم في هذا القطاع ينبغي أن يأخذ في الحسبان التطورات التي يشهدها القطاع، خصوصا في ظل تطور المعاملات الإلكترونية، وأن يكون هناك اهتمام بتعزيز فرص توفير بيئة جاذبة لمثل هذا النوع من الاستثمار.
الخلاصة: إن الاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري تطور مهم في مرحلة يشهد فيها القطاع العقاري في المملكة مزيدا من الطلب على أنشطة متنوعة، وحوكمة هذا القطاع أصبحت اليوم أكثر إلحاحا من ذي قبل، ولعل واحدا من أهم المجالات المستفيدة من حوكمة هذا القطاع نشاط الوساطة العقارية الذي يتطلع إلى مزيد من التنظيم بما يعزز حفظ حقوق الوسطاء وتعزيز كفاءة وشفافية القطاع العقاري.
إنشرها