السهر صديق العدوى
السهر وما أدراك ما السهر؟ صحيح أنه أمر قديم عاناه الناس لأسباب مختلفة، فما بين مريض تعبان وعاشق ولهان، أما الآن في هذه الأزمان فقد أصبح السهر - مع الأسف - ظاهرة لافتة للنظر، وذلك في ظل توافر الإضاءة التي غيّرت حياة الناس بشكل كبير وكادت أن تقلب الليل إلى نهار. حديثنا لن يكون عن أولئك الذين تضطرهم ظروفهم إلى السهر مثل من يتطلب عمله ذلك أو المرضى، وإنما سيكون عمن يسهر وهو قادر على النوم مبكرا، فمثل هذا يعرّض نفسه إلى أضرار صحية بالغة، منها ما هو جسدي ومنها ما هو نفسي. ويأتي في مقدمة الأضرار الجسدية ما يسببه السهر من ضعف في مناعة الجسم وما ينتج عن ذلك من عواقب وخيمة، خاصة مع تفشي الأمراض الفيروسية مثل كورونا، لأن إيقاع الساعة البيولوجية للجسم ينطوي على اليقظة نهارا والنوم ليلا، ويؤدي اضطرابها إلى اختلال إنتاج الميلاتونين وهو الهرمون الذي يساعد على تنظيم النوم ويتأثر إنتاجه بأشعة الشمس، فكلما زاد الضوء انخفض إنتاج الميلاتونين والعكس صحيح. دراسة أجريت في Mayo Clinic أكدت أن الجسم يحتاج إلى النوم لمقاومة الأمراض المعدية، وإن قلته تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. النوم الكافي ليلا وتجنب السهر إحدى حاجات الإنسان الأساسية مثله مثل الطعام والشراب. دراسة علمية أجريت في جامعة الملك عبدالعزيز أشارت إلى أن جهاز المناعة في أثناء النوم يقوم بإنتاج مواد وقائية لمكافحة العدوى، وأن نقص النوم أو سوئه قد يمنع الجهاز المناعي من بناء نفسه واستعادة قوته، ما يؤدي إلى ضعفه في مقاومة الأمراض. وأبانت الدراسة أن السهر يضعف قدرة الجزء المنطقي من الدماغ "قشرة الفص الجبهي" على السيطرة على الجزء العاطفي، ما يؤثر في معالجة العواطف والقدرة على التفكير بالشكل الصحيح. نعم قد نصدق الشاعر الشعبي حين يقول:
يا حسين أنا عيني سهيره ما تذوق المنام
يا من يلوم العين بحباب لها غايبين
ولكننا قطعا لن نصدق الشاعر حين يقول:
فما أطال النــــــــوم عمــــــرا
ولا قصر في الأعمـــــار طول السهر
هنيئا لمن نام مبكرا وبعدد ساعات كافية ليهنأ بحياة سعيدة وبعمر مديد إن شاء الله.