أبيض محصلته سوداء

هناك مشكلة وأي مشكلة تعصف بكثير من الدول بحيث لا يكاد يخلو من تأثيرها مجتمع من المجتمعات، وهي قضية خطيرة تستهدف بصفة خاصة الشباب من الجنسين، الذين هم عماد الأوطان وأملها في الرقي والتقدم، فاستهداف عقولهم يعوق تنفيذ الخطط التنموية لأي دولة من الدول، إنها قضية المخدرات. صحيح، إنها مشكلة عالمية، ولكن بلادنا مستهدفة بشكل خاص لأسباب سياسية وعقائدية ومادية من قبل دول ومنظمات خارجية وجهات مشبوهة، فلو نظرنا للكميات المضبوطة من المخدرات خلال العام الماضي فقط لهالنا الأمر، ولعلمنا أننا نخوض حربا دون هوادة تحقق فيها الجهات المعنية في بلادنا، ولله الحمد، الانتصار تلو الانتصار، إذ تم ضبط ما يزيد على 117 مليون حبة كبتاجون وأقراص أمفيتامين وسجائر، إضافة إلى 252 طنا من الحشيش والقات والأفيون المخدر، وذلك حسب البيانات الصادرة من هيئة الجمارك ومديريتي حرس الحدود ومكافحة المخدرات. إنني أوجه نصيحة من قلب محب للشباب من الجنسين أن يتجنبوا التجربة الأولى وعدم تصديق مقولة (جرب فلن تضرك التجربة)، إذ لطالما كانت التجربة الأولى هي الشراك، الذي من خلاله يصطاد المروجون والمفسدون ضحاياهم، فكل المدمنين، حسب إفاداتهم بدأوا بتجربة سيجارة أو حبة واحدة، ويكفي أن نعلم أن ما يزيد على 40 في المائة من نزلاء السجون هم من أصحاب قضايا المخدرات. إن ما يعرف بالأبيض أو بملف شقراء أو أبو قوسين أو غيرها من المسميات هي في حقيقتها سموم فتاكة تقود وبسرعة إلى عديد من الأضرار الجسمية والنفسية، التي من أبرزها تدمير الخلايا العصبية، مع ما تسببه من أمراض كانفصام الشخصية والضعف العام، والشعور بالاكتئاب، وأمراض القلب، وموت الفجأة، والهلوسات السمعية والبصرية وغيرها، كما أنه يجب الحذر من البوابات الثلاث، التي تقود للهلاك وهي التدخين ورفقاء السوء والكحول، ويجب عدم تصديق من يزعم أن الحبوب تفيد في قوة الذاكرة أو زيادة التحمل فهذا ادعاء كاذب، أما من ابتلي ووقع في شراك هذه الكارثة فعليه سرعة التوجه لمستشفيات الأمل، فالعلاج من الإدمان ليس عيبا، بل هو شرف وفضيلة وواجب عقلي وشرعي. ولنعلم جميعا أن المخدرات لم تعد تجارة فحسب، بل أصبحت حربا ضروسا شرسة. ووقاية المجتمع من أخطارها ليست جهة معينة فحسب، بل هي مسؤولية الجميع دون استثناء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي