الجائحة ترفع الزراعة العمودية درجة في جدول الأعمال
أصبحت الزراعة العمودية موضوعا متداولا خلال جائحة فيروس كورونا، في الوقت الذي تغذي فيه اضطرابات سلسلة التوريد ونقص العمالة مخاوف مزمنة بشأن الأمن الغذائي العالمي.
القطاع الناشئ الذي تزرع فيه المحاصيل في أنظمة داخلية مكدسة تحت ضوء اصطناعي ومن دون تربة، شهد موجة من النشاط هذا العام.
تضمنت التطورات التي استحوذت على العناوين الرئيسة إنشاء أكبر مزرعة عمودية في أوروبا، وخطط لبناء أكبر مزرعة داخلية في العالم في صحراء أبو ظبي، وجولة لجمع تبرعات بقيمة 140 مليون دولار من قبل شركة بلنتي الناشئة، المدعومة من سوفت بانك. أعلنت شركة كاليرا النرويجية عن اكتتاب خاص بقيمة 100 مليون دولار قبل إدراجها في سوق مركور للأوراق المالية في أوسلو في 28 تشرين الثاني (أكتوبر).
يعتقد المؤيدون أن التكنولوجيا تمثل مستقبل الزراعة، مشيدين بالكفاءة الهائلة والمكاسب البيئية لقطاع الأغذية. وبحسب مجموعة ديل روم للبيانات، تدفقت نحو 1.8 مليار دولار إلى القطاع منذ 2014. مع ذلك، يحذر رواد أعمال ومحللون في مجال التكنولوجيا الزراعية من أن المبالغة والوعود المتغطرسة يمكن أن تقوض صدقية القطاع، ما يؤدي إلى إبعاد المستهلكين والمستثمرين.
قال ديفيد فاركوهار، الرئيس التنفيذي لشركة إنتليجنت جروث سوليوشنز ـ مقرها اسكتلندا: "هناك الكثير من الافتراءات من طرف رواد الأعمال". أضاف: "يوجد الكثير من الادعاءات التي لا أساس لها حول استخدام الطاقة، والفوائد البيئية، وجودة المحاصيل".
لا يزال القطاع غير مربح إلى حد كبير، ولا يزال صغيرا. تحتل الزراعة العمودية ما يعادل 30 هكتارا من الأراضي في جميع أنحاء العالم، وفقا لمحللة رابوبانك، سيندي رايسويك، مقارنة بالزراعة الخارجية التي تحتل 50 مليون هكتار، إلى جانب 500 ألف هكتار للبيوت المحمية.
ارتفاع رأس المال الأولي وتكاليف التشغيل يعنيان أن من الصعب تحقيق ربح. يجب أن تدفع الشركات مقابل العمالة المتخصصة وأن تواجه فواتير كهرباء ضخمة للإضاءة والتهوية، مع الاضطرار إلى تقديم أسعار تنافسية لجذب المستهلكين.
يحقق بعض المشغلين في اليابان أرباحا، بينما تقول نورديك هارفست، الشركة الدنماركية الناشئة التي تعاونت مع مجموعة يس هيلث التايوانية لبناء أكبر مزرعة عمودية في أوروبا، في كوبنهاجن، إنها ستكون مربحة في عامها الأول 2021.
من المتوقع أن ينمو القطاع خلال العقد المقبل. تتوقع مجموعة الأبحاث، أي دي تيك إكس IDTechEx، أن المبيعات السنوية البالغة 700 مليون دولار ستزيد على الضعف لتصل إلى 1.5 مليار دولار بحلول 2030.
لكن يحتمل أن يتم استبعاد الشركات غير الفعالة في قطاع كان يعاني دائما مستوى عاليا من الإخفاقات.
قال فاركوهار: " أكبر مخاوفي لهذا القطاع هو أننا سنواجه بعض الإخفاقات الكبيرة". أضاف: "إنها ليست مفيدة لثقة المشترين، وثقة العملاء، وثقة المستثمرين".
يجب أن تتغلب الزراعة العمودية أيضا على التصورات السائدة بين بعض المستهلكين، التي لا أساس لها من الصحة غالبا. فعلى الرغم من الفوائد المختلفة التي تقدمها، إلا أن منتجاتها لا يمكن أن تتطابق مع طعم المنتجات المزروعة في التربة تحت أشعة الشمس.
يفتخر كثير من المزارع العمودية بأحدث التكنولوجيات التي تراوح من الذكاء الاصطناعي والروبوتات إلى الإضاءة وترشيح المياه. وقد أنشأت بعض الشركات، خاصة في آسيا، عمليات ناجحة.
تسمح أنظمة الإنتاج المتراكب بزراعة المنتجات في الأماكن الضيقة، بما في ذلك المناطق الحضرية. وهذا يعني أنه يمكن إنتاج الطعام بالقرب من المستهلكين، ما يقلل من وقت النقل ويحسن النضارة في نقاط البيع.
لكن الوافدين الجدد قد يواجهون مشكلات في النمو مع الأتمتة وعمليات الري، ما يؤدي إلى خروج التكاليف عن نطاق السيطرة. كانت هناك أيضا حالات من تفشي العفن الأسود والآفات التي أصابت المزارع، التي لا تستخدم عادة المبيدات الحشرية، وفقا لمايكل دنت، المحلل في أي دي تيك إكس.
السيطرة الكاملة على البيئة الزراعية هي إحدى نقاط البيع الكبيرة للزراعة العمودية، ما يضمن محاصيل موثوقة وعالية الجودة. يتيح تقليل "أميال الطعام" للمستهلكين الوصول إلى المنتجات الطازجة، ما يزيد إلى مذاق المنتج.
فقا لليو مارسيليس، أستاذ إنتاج المحاصيل في جامعة فاخينينجن في هولندا، من المحتمل أن يربط المشككون منتجات القطاع بالمحاصيل المزروعة في البيوت المحمية، التي غالبا ما تكون منخفضة الجودة عندما يعطي المزارعون الأولوية للعوائد على المذاق.
مع وجود كثير من تجار التجزئة الذين يدفعون مقابل الحجم فقط، يعتقد المزارعون أنهم لا يحصلون على مال إضافي مقابل الجودة، لذا قد لا يهتمون بها كثيرا. قد تتبع المزارع العمودية مسارا مشابها عندما تصل إلى نطاق وحدود أسعار منافسيها من مزارعي البيوت المحمية. في الوقت الحالي تعتمد سمعة القطاع على المنتجات عالية القيمة وذات المذاق الأفضل.
يعتقد دنت أن الادعاءات القائلة إننا "سنأكل جميعا طعاما مصنوعا في المزارع العمودية مضللة وليست مفيدا للقطاع".
في حين أن معظم الأشياء يمكن زراعتها عمليا في المزارع العمودية، إلا أن تكاليف الإنتاج تعني أن المنتجات تميل إلى التركيز على الخضراوات الورقية ذات القيمة الأعلى وأوراق السلطة والأعشاب.
قال البروفيسور مارسيليس: "منتجات مثل الأرز والذرة وفول الصويا - المحاصيل التي تزرع بثمن بخس في الحقول ويتم تخزينها بسهولة، لا أرى أنها اقتصادية".
بالنسبة لفاركوهار، الزراعة العمودية لن تحل محل بساتين الموز أو حقول القمح، مضيفا أن إنتليجنت جروث سوليوشنز كانت تختبر الفاكهة والخضراوات الجذرية وكذلك الشتلات لأغراض البحث والتطوير.
وفقا لريجسويك، الزراعة العمودية لن تكون إلا "جزءا من مزيج أنظمة الزراعة المختلفة".